الفصل الخامس

4.1K 127 1
                                    



سمع الجميع من غرفة الجلوس صوت زمور سيارة فى الخارج .. قفزت "نهال" وجرت بإتجاه الباب فتحته وخرجت وهى تصيح بلهفه :
- بابا .. ماما
توقفت السيارة أمام باب الفيلا لتترجل منها امرأة فى نهاية العقد الرابع من العمر .. اقتربت منها "نهال" معانقة اياها بلهفة وهى تقول :
- ماما وحشتيني
عانقها المرأة قليلاً ثم ابعدتها قائله :
- وانتى كمان .. "نهال" حسبى أنا تعبانه من السفر
قالت بحماس :
- آسفة .. آسفة معلش .. أصلكوا وحشتونى أوى
انتقلت "نهال" الى المرأة التى ترجلت من المقعد الخلفى والتى كان يبدو عليها الصحة والنشاط رغم سنوات عمرها التى تجاوزت الستون .....

قبلتها "نهال" بلهفة قائله :
- عمتو "كوثر" وحشتيني أوى
عانقتها "كوثر" بحرارة وهى تمسح على ظهرها قائله :
- "نهال" حبيبتى انتى وحشتيني أكتر .. ما شاء الله عليكي احلويتي فى الفترة اللى غبناه عنك
ضحكت "نهال" بسعادة وهى تقول :
- حضرتك على طول شايفانى حلوة يا عمتو
ضحكت "كوثر" وقالت وهى تداعب وجنتها :
- عشان انتى فعلاً حلوة يا حبيبة عمتو
انطلقت "نهال" مسرعة الى الرجل الذى ترجل من السيارة وأحاطت عنقه بذراعيها قائله :
- وحشتيني يا بابا .. وحشتيني أوى
ربت على ظهرها قائلاً :
- وانتى كمان يا "نهال" .. جبتلك حاجات حلوة أوى هتعجبك
صفقت بيديها وصاحت كالأطفال :
- هى فين يا بابا وريهالى
قالت أمها بضجر :
- هتفضلوا وافقين كتير كده .. انا داخله
توجهوا الى الداخل وبعد الترحيب وتبادل عبارات المجاملة والسلام .. جلس الجميع فى غرفة المعيشة يتجاذبون أطراف الحديث .. قال "عدنان" موجهاً حديثه الى أخيه :
- ايه الأخبار يا "حسنى"
قال أخيه "حسنى" وهو يرجع ظهره الى الخلف ليسترخى :
- كله تمام يا "عدنان" .. وبعدين ما انت كنت متابعنى أول بأول ولسه متكلمين امبارح .. يعني مش هيلحق يحصل حاجة جديدة من امبارح للنهاردة
قال "عدنان" بشرود :
- الاتفاقات الجديدة مش مريحانى يا "حسنى" 
اعتدل "حسنى" فى جلسته على الفور وهتف قائلاً :
- ليه يا "عدنان" .. ما أنا قايلك على كل حاجة .. حاولت معاهم لكن ده آخر ما قدرت أوصله .. وبصراحة أنا شايف الصفقة كدة ممتازة وخايف تضيع مننا 
شرد "عدنان" وهو يحك ذفنه بأصابعه وهو يقول :
- بس ايه اللى خلاهم يغيروا الاتفاق والنسب .. ما احنا كنا متفقين على كل حاجة 
قال "حسنى" على الفور :
- انت عارف يا "عدنان" ده بيزنس .. يعني أكيد جالهم عرض أحسن مننا .. وأنا بصراحة شايف نتوكل على الله بدل ما الفرصة تضيع 
قالت "نهال" بحماس وهى تنظر الى عمتها "كوثر" :
- قوليلى يا عمتو تركيا حلوة زى ما بنشوفها فى التى فى
قالت "كوثر" مبتسمه :
- آيوه يا حبيبتى جميلة .. ان شاء الله نطلعها سوا
قالت "نهال" بحزن :
- كان نفسى أروح معاكوا المرة دى
قالت أمها وهى تبحث عن هاتفها داخل حقيبتها :
- احنا مكناش رايحين نتفسح يا "نهال" .. بابا كان عنده شغل
ابتسم "عدنان" بسخرية وهو يقول :
- بس الفاتورة اللى جاتلى بتقول غير كدة
غلت الدماء فى عروقها وهى تتطلع اليه .. بينما قال "حسنى" بحرج :
- يعني احنا نزلنا فى الفندق ده لان ده أرقى فندق هناك .. عشان يعرفوا اننا جامدين .. أمال كنت عايزنا ننزل فى أى فندق والسلام
قال "عدنان" بجدية ظاهرها مزاح وهو يعقد ما بين حاجبيه :
- بس المفروض دى رحلة عمل .. يعني انت اللى تطلعها يا "حسنى" .. ايه اللى طلع "كوثر" و "يسرية" معاك الا اذا كانت رحلة العمل اتحولت لرحلة استجمام
قالت "يسرية" زوجة "حسنى" بترفع :
- احنا مكناش رايحين نتفسح .. أنا و "كوثر" كان فى حاجات مهمة لازم نعملها
قال "عدنان" وهو ينظر الى وجهها المشدود ثم تنتقل نظراته الى وجه أخته "كوثر" ثم قال بسخرية :
- واضح
شعرت كلتا المرأتين بالحنق الشديد .. جاءت "لميس" فى تلك اللحظة لتقول بأدب :
- الغدا جاهز
نهض الجميع والتفوا حول الطاولة والتى اضطر الخدم الى احضار المزيد من المقاعد لتكفى هذا العدد الغفير .. تراهم من بعيد بضحكهم وحديثهم فتظن أنهم عائلة كبيرة سعيدة .. لكن لو كان لك القدرة لتشق صدر وعقل كل منهم لوجدت أن مشاعرهم وأفكارهم متباينة للغاية
بعدما انتهى الجميع من تناول الطعام .. قال "عدنان" وهو ينظر الى اخوته :
- أنا عايزيكوا كلكوا فى حاجة مهمة .. تعالوا ندخل المكتب 
هم "علاء" و "نهاد" بالتوجه الى المكتب فنظر اليهم "عدنان" وقال :
- جيل الأبناء يعدوا مع بعض .. أنا محتاج أتكلم مع اخواتى بس
نظر الجميع الى بعضهم البعض فى دهشة .. توجه اخوته الى مكتبه وقبل أن يغلق الباب عاد أدراجه مرة أخرى ونظر الى "مهند" قائلاً :
- "مهند" تعالى لو سمحت
نهض "مهند" ودخل المكتب خلف عمه ..صاح "علاء" بحقد :
- مش قال عايز يجتمع بإخواته .. ليه دخل "مهند" الاجتماع
ظهر الضيق على وجه "نهاد" الذى زفر بحنق .. فأكمل "علاء" بحده شديدة :
- شوفت مش قولتلك يا "نهاد" 
التفت اليه "نهاد" وصاح بحده :
- كفاية بأه يا "علاء" أنا اللى فيا مكفيني
نظرت "نهال" و "بيسان" و "فريدة" الى بعضهم البعض .. بينما نهضت "يسرية" واقتربت من ابنيها قائله :
- فى ايه .. متعرفوش عمكوا عايز اخواته ليه
التفت اليها "علاء" وقال :
- المشكلة مش انه يجتمع باخواته .. المشكلة فى "مهند" اللى طلب منه يحضر الاجتماع
نظرت "يسرية" اليه وقالت :
- عادى .. يمكن .......
قاطعها "علاء" قائلاً بحدة :
- لا مش عادى يا ماما انتى متعرفيش اللى حصل .. عمى لغى مرتباتنا واتعامل معانا بالنسبة . ونسبة "مهند" ضعف نسبتى أنا و "نهاد"
رفعت "يسرية" حاجبيها فى دهشة واتسعت عيناها وهى تقول :
- ازاى عمك يعمل كده 
ابتسم "علاء" بسخرية وهو يقول :
- بيقول فلوسه وهو حر فيها 
كان التوتر قد وصل مبلغه فاستأذنت "فريدة" وخرجت بصحبة الفتيات الى الحديقة .. بينما جلس "نهاد" و "علاء" مع أمهما "يسرية " فى حجرة المعيشة كما هم وكل منهم يغلى من الغضب

العشق الممنوع (للكاتبة منى سلامة)Where stories live. Discover now