كبسولة الزمكان وتأثيرهما على الشخصية

Start from the beginning
                                    

أخبروني أيها الرفاق، قد لاحظتم من قبل في إحدى القصص أميرة من مملكة في القرون الوسطى تشتم بأعلى صوتها اللعنة عليك وفلتذهب إلى الجحيم، أليس كذلك؟ السؤال هنا، هل أميرة في القرون الوسطى تستطيع الحديث بهذا الشكل؟ ما نوع الكلمات الفاحشة التي يقولونها في ذاك الوقت وأي فئة من المجتمع تستخدمها؟

إن إهمال عنصر الزمكان هو ما يسبب هذه الأخطاء الشنيعة في الشخصيات والتي كما قلنا مسبقا يتبعها تسلسل تراكمي في القصة، لذا، من الواجب عزيزي مراعاة هذا العنصر عند بناء بقية العناصر.

تأثير الزمكان على الحدث:

يكون تأثير الزمكان على الأحداث عن طريق السيطرة على المعالم الموجودة في ذاك الزمكان، فالكاتب يحتم عليه بناء حدثه بالإمكانيات المتوفرة في الزمكان الذي اختاره، وعليه إيجاد حلول لعقده مستخدما تلك الإمكانيات المتاحة له وألا يلجأ إلى كسر قواعد الزمكان مالم تكن القصة خيالية، كلا بل حتى تلك الخيالية تخضع لمنطق معين كي يتم إيجازها من قبل القراء الحقيقين، مثلا عندما نحكي عن حدث في زمانين مختلفين:

١. كانت روزماري شديدة الشحوب في الآونة الأخيرة، لم تعد تملك شهية للأكل منذ مدة، شعرها البلاتيني مهمل، أظافرها طويلة ومتسخة بالدم، جلدها امتلأ بخدوش لا تزال ملتهبة، لقد توقفت عن مزاولة الطبيب النفسي وتناول أدويتها لأنها شعرت أنه لا فائدة منها، كانت تنظر إلى علبة الأدوية نظرات فارغة ، فراودتها نفسها للتوجه صوبها وابتعلت ثلاثة أرباع العلبة ثم استلقت في فراشها بعدما تأكدت من إغلاق باب غرفتها جيدا وإطفاء هاتفها، ثم أغمضت عينيها بهدوء.

٢. كانت روزماري شديدة الشحوب في الآونة الأخيرة، لم تعد تملك شهية للأكل منذ مدة، شعرها البلاتيني مهمل، أظافرها طويلة ومتسخة بالدم، جلدها امتلأ بخدوش لا تزال ملتهبة، لقد مر على حالتها وقت طويل ولا يعرف أحد ما اعتراها، لقد سئمت من انتقاد عائلتها لها للتوقف عن التصرف بذاك الشكل، وقولهم أنه مس شياطين، كانت تحدق في دعامة السقف المثلث كل يوم بنظرات فارغة، فراودتها نفسها للتوجه صوب باب غرفتها وأغلقته بإحكام، أحضرت كرسيا، ثم أخذت ملاءة السرير وصنعت منها عقدة لفتها حول دعامة السقف الخشبية، اعتلت الكرسي وطوقت عنقها بالملاءة وبحركة خفيفة دفعت الكرسي من تحت قدميها ليسقط فتتلوى في الهواء عدة دقائق قبل أن يسكن جسدها كليا.

ومثال آخر لحدث بمكانين مختلفين:
١. كان ذلك في قرية في شمال سورية، في خمسينيات القرن الماضي، كان ابن عم سماح يتربص بها منذ الليلة التي وصلت فيها مع طفل بعمر أربعة أشهر، كان يعلم قصة ذاك الطفل، كان يعلم أنه تم اغتصابها من قبل شقيق زوج أختها، ورفض المغتصب أن يتزوجها بعد فعلته، كل عائلتها كانت تعرف قصتها، بل تعرف أنها ضحية اغتصاب، لكنه عوضا عن الترحيب بها بابتسامة بشوش أرداها قتيلة بطلقة بندقية في وسط جبينها، ورفضت أسرتها دفنها في مقابر العائلة.

٢. كان ذلك في جلوسترشير، في خمسينيات القرن الماضي، عندما رفضت أسرة غريس استقبالها بسبب طفلها غير الشرعي ذي الأربعة أشهر، وعوضا عن الطبطبة على ظهرها بوجه بشوش، أخذوها إلى دير راهبات الرحمة، ثم تخلوا عنها، وسط صراخها وترجيها المستميت، ولم تسمع غريس بعد ذلك منهم شيئا، ولم يسمعوا عنها شيئا.

هل لاحظتم كيف أن إمكانيات الزمكان أثر في الأحداث بشكل قوي؟ ففي حدث الانتحار تغيرت الوسائل التي انتحرت بها روزماري، وهذا سببه اختلاف الزمان. وأما المثال الثاني، ففي مكانين مختلفين وضح اختلاف ردود الفعل بين أسرة سماح العربية التي أتت بطفل غير شرعي مقارنة بغريس فتاة جلوسترشير، كلاهما عاشتا نهاية مأساوية؛ فسماح تم قتلها فيما أخذت غريس لدير راهبات حيث ستعامل أسوأ معاملة، وفي أفضل الأحوال قد تودي بها إلى الموت أو الانتحار.

وبهذا نكون قد وضحنا أهمية عنصر الزمكان في التأثير على الشخصيات والأحداث،أتمنى أنها وصلت بالصورة الصحيحة، ونصيحتي الطبية الكتابية لكم ألا تنسوا بلع كبسولة الزمكان قبل كل وجبة كتابية، وحذاري من تفويتها أو أخذ جرعة زائدة. 😉

كتبه العضو نارنج الليل
___

-كيف كان الفصل؟

-هل يمكنكم إعطائي حدثا واحدا بمكانين مختلفين، وآخر بزمانين مختلفين كما فعلت في آخر مثال؟

-هل هنالك مواضيع معينة تتمنون رؤيتها بين صفحات كتبنا؟

معالمٌ منسية |عنصري الزمكان|Where stories live. Discover now