الفصل 2

45 6 0
                                    


الفصل الثاني

بعدما انتهى من تسجيل أرقام الجميع قام و أخذ حمام دافئ ليشعر بنشاط و حيوية . فتح نافذة غرفته المطلة على الشارع الرئيسي في قلب الإسكندرية الجديدة . بدأ يتأمل المكان من حوله . تلك المباني العتيقة و المطعمة بالتقنيات الحديثة في البناء باستخدام تقنية الدرعيم . هذه الشوارع الواسعة و المتشعبة كمتاهة عملاقة . هذا الإزدحام للسيارات و الطائرات في المنطقة من حوله على مد بصره و الضوضاء الناجمة عن كل هذا مختلطة بصياح البائعين في الشوارع و حركة الأقدام اللاتنتهي . في القرن الرابع و العشرين صارت مدينة الإسكندرية الجديدة من المدن العملاقة , فعدد سكانها يتجاوز الثلاثين مليون موزعين على عشرة أحياء ضخمة . يُعتبر حي الأمراء الذي يقطن فيه إبراهيم من الأحياء الراقية في المدينة . على الرغم من أن حي الأمراء مشهور بهدوئه و قلة المشاكل و الضوضاء فيه لكن المنطقة التي يعيش فيها إبراهيم تحتوي على كم كبير من المحال و الشركات التجارية لذا فالحياة تنبض فيها طول اليوم بلا انقطاع ليلا أو نهارا . ظل إبراهيم يراقب حركة الناس في الشوارع و جدالهم حول الأسعار و تحركهم العشوائي السريع صوب مآربهم الخاصة قرابة ساعتين . كان يعلم في داخله أنه لن يجد فرصة أخرى للعيش في هذه المدينة , سواء لهروبه من قبضة عملاء الدول الثمان أو بعد سنوات حين ينتقل الجميع من هنا عنوة . في العادة لا يكترث بأي شيء مادام لا يمس مصلحته , لكنه الآن يعرف أنه إن لم يتحرك لحماية الجميع فلن يجد بعدها من يحميه هو نفسه . حينما استعاد عقله الذكريات الصعبة التي عاشها في السنوات الخمس بعد دخوله للعبة تعمق إيمانه بقراره الذي اتخذه بالأمس . عليه أن يحارب من أجل حرية الجميع , عليه أن يحارب من أجل حريته , عليه أن يغير من نفسه حتى يقدر على أن يصنع مستقبل مغاير عما عاشه من قبل .

كانت عقارب الساعة تشير إلى الثامنة صباحا , فاستعان بهاتفه لطلب وجبة إفطار من فلافل ساخنة . تذكر و هو يأكلها أنه حتى في أحلك الظروف التي مر الجميع بها فلم يكد يوم يخلو من إفطار الفلافل . هذه الوجبة العتيقة على ما يبدو أنها تملك وصفة سرية سحرية أبدية جعلته يثق أنها لن تندثر أبدا . بعدما انتهى من إفطاره أخذ يراجع في عقله تفاصيل الخطة التي رسم أولى رتوشها بالأمس . كانت مهمة إقناع الإحدى عشر بالمشاركة معه في اللعبة أمر سهل , فمن المعتاد آنذاك وجود ستوديوهات خاصة للألعاب الأونلاين . تقوم هذه الستوديوهات بتأجير اللاعبين للعب تبعا لها في مقابل مادي مناسب و مغري للغاية . نظرا لإنتشار هذا النمط في الألعاب الأونلاين فقد استقر تفكيره على إستخدام تلك الطريقة حتى يتجنب لفت أنظار الغير مرغوب فيهم . في غضون ساعة و بالإستعانة بشركات متخصصة في ذلك المجال قام بإنشاء شركته الخاصة للألعاب الأونلاين . اختار مقر الستوديو شقته التي باعها . أما عن اسمه فقد استقر على اسم " ستوديو سفينكس " كناية عن الدور الذي يلعبه هذا المنحوت العملاق في حماية الأهرامات الثلاث العظيمة . تلا ذلك إرساله لإعلان عمل عن الستوديو للأشخاص الأحد عشر جميعا . أغلق هاتفه و أخذ يفكر في المعضلة الأخيرة , إنها اللاعبة الاثني عشر , آية درويش .

ريونيدWhere stories live. Discover now