الفصل 16

10.2K 374 19
                                    

بعد فترة طويلة من الإنتظار شعر "آدم" بالتوتر الشديد مد يده الى جيبه ليشعل احدى سجائره .. إلا أنه تذكر وجوده فى المستشفى فأعاد العلبة الى جيبه مرة أخرى .. نهض من مقعده وهو يدور حول نفسه كالطير الجريح .. كان التوتر قد أخذ منه مبلغه .. وأخيراً انفتح الباب .. وخرجت والدته من حجرة الآشعة على الترولى .. كانت قد بدأت فى الإفاقة قليلاً .. قال "آدم" للطبيب بلهفة :
- خير يا دكتور ؟ ...........

قال الطبيب :
- لا اطمن ان شاء الله بسيطة .. بس المسكن اللى خدته مكنش كافى ففقدت وعيها من شده الألم 
شعر "آدم" بالألم وهو يقول بندم شديد :
- أنا السبب
ثم نظر الى الطبيب قائلاً :
- طيب والآشعة اللى حضرتك عملتها على راسها ؟
قال الطبيب :
- لا متقلقش الحمد لله الوضع مطمئن .. بس أهم حاجة ترتاح كويس الفترة اللى جايه
قال "آدم"
- حاضر يا دكتور
توجه "آدم" الى غرفة والدتها .. رآها وقد فتحت عيناها وتدور بهما فى الغرفة .. اقترب منها ببطء .. فالتفتت تنظر اليه .. ما كادت العبرات تقفز الى عينيها حتى قفزت الى عينيه هو الآخر .. اقترب منها وجلس بجوارها وقبل رأسها المضمد ويديها ودموعه تغرقهما وهو يقول بصوت مرتجف :
- أنا آسف يا ماما .. بجد آسف
بللت العبرات وجهها وشهقات بكائها تمزق قلبه فنظر اليها بتأثر قائلاً :
- أنا عارف ان أنا ابن عاق .. ادعيلى ان ربنا يهديني
تحدثت أمه بصوت واهن وهى تقول :
- بدعيلك يا "آدم" .. بدعيلك يا ابنى ان ربنا يهديك ويكفيك شر نفسك
قبل يديها مرة أخرى ثم مسح العبرات المتساقطة فوق وجهه قائلاً بحزم :
- بمجرد ما صحتك تتحسن .. هاخدك تيجي تعيش معايا .. مش ممكن أسيبك هنا تانى
ابتسمت أمه وأجهشت فى البكاء وهى تقول :
- وحشتنى أوى يا "آدم"
شعر "آدم" برغبة قوية فى البكاء .. رغبة لم تجتاحه من قبل كما هى الآن .. شعر بشئ محبوس بداخله يخنقه ويتمنى أن يخرج .. وضع رأسه فوق كتف والدته وأجهش فى البكاء .. ربتت أمه بيدها على شعره وهى تلف ذراعيها حوله كالطفل الصغير .. علت شفتيها ابتسامه من بين دموعها وهى تضمه اليها بشدة خشية أن يبتعد عنها مرة أخرى .. قالت أمه بصوت مرتجف :
- ربنا يهديك يا "آدم" .. ربنا يهديك
رفع "آدم" رأسه ونظر اليها بوجهه الباكي قائلاً :
- مسامحانى ؟
نظرت أمه اليه بحنان قائله :
- لما تبقى أب هتعرف ان ابنك ده حته منك مينفعش تغضب عليه عشان رضاك عليه من رضا ربنا فمش هيجيلك قلب تفضل غضبان عليه .. وهتسامحه وتاخده فى حضنك .. ومهما عمل فيك هتفضل تحبه وتدعيله
قبل "آدم" رأسها برفق وقال بتأثر :
- أنا مستهلكيش على فكرة
أمسكت وجهه بين كفيها وقالت بحزم :
- لا تستاهل .. بس ارجع "آدم" ابنى .. وسيبك من الطريق اللى انت ماشى فيه ده
تنهد "آدم" بحزن .. ثم نظر اليها قائلاً برقه :
- نامى دلوقتى .. الدكتور قال انك محتاجه راحه .. ومتقلقيش هفضل جملك لحد ما تقومى بالسلامة وأخدك معايا 
ابتسمت أمه بسعادة وهى تنظر اليه وتتأمله .. تشبع شوقها اليه طوال الفترة السابقة 

جواد بلا فارس لـ (منى سلامة)Where stories live. Discover now