الفصل الثالث

9.7K 425 21
                                    

مضت سوما ليلتها الاولى فى ذلك المنزل دون ان تغادر غرفتها بل ظلت تستمع الى صفيره المُنغم بحنق وهى تحاول تجاهله للتركيز فى قراءه روايتها الى ان سيطر عليها النوم اخيرا عندما عم الهدوء بالخارج .. لم تستطع النوم بعمق بعد ان استيقظت عده مرات فى منتصف الليل لتجد معدتها تتلوى من الجوع وهى تحاول سد جوعها بتناول المياه فقط.. فهى لم تقم بشراء شيء تتناوله ولن تأكل من طعامه مهما حدث ..
ستبدأ من الغد بشراء احتياجاتها فحمدا لله انه يوجد ثلاجه صغيره خاصه بها فى غرفتها ستضع بها مايلزم من مشروبات ومأكولات سريعه ..
استيقظت باكرا بعد ان ابى النوم الرجوع الى جفنيها  مره اخرى بسبب الم معدتها الخاليه وترددها على الحمام عده مرات من كثره ماتناولت من مياه فى ذلك البرد القارص.. ااااه هى لن تستطيع المغادره فى هذا الطقس دون تناول شيء ما يقوم بتدفئتها ..حسنا لن تجد مفر من اللجوء الى مطبخه.. فتحت باب غرفتها برفق تنظر يمينا ويسارا لتتأكد من عدم تواجده قبل الخروج منها واتجهت الى المطبخ بحذر كى تقوم باعداد مشروب ساخن .. فقط مشروب لا اكثر من ذلك ..
لم تستطع مقاومه فتح الثلاجه لتسد جوعها ومدت أصابعها على استحياء .. لكنها تداركت يدها فى آخر لحظه ونهرت نفسها على ماكادت تفعله .. حسنا ستشرب فقط مشروب ساخن ثم ستذهب لشراء طعامها الخاص ..
لكنها لاتدرى من اين تشترى مايلزمها ..
شعرت بالاحباط فجلست على طاوله المطبخ منتظره ان تصل المياه الى درجه الغليان كى تستطيع عمل مشروبها وهى تحاول تدفئه جسدها بذراعيها الى ان تنتهى من تحضيره ... فجأه وقعت عيناها على طبقاً ما مُغطى مصحوبا بورقه يعلوها اسمها ..
فتحت الغطاء بسرعه دون ان تُفكِر لتجد قطعه من الدونتس الشهيه وبعض المخبوزات والزبد والمربى ..
انهارت قواها على الفور فهذه المخبوزات هى اكثر ماتحتاجه الآن خاصه تلك الدونتس الشهيه مع كوبا من القهوه الساخنه يكفى لافاقتها ...
قامت باعداد قهوتها وتناولتها بتلذذ مع تلك المخبوزات الى ان احست بالدفء يسرى فى جسدها وكانت الساعه قد جاوزت السابعه فذهبت الى غرفتها سريعا قبل ان يخرج خالد من غرفته وكى تستعد ايضا للذهاب الى عملها !!
عند تمام الثامنه خرجت من غرفتها بعد ان ارتدت جيب قصيره سوداء وقميص ابيض خاص بالفندق تسلمته بالامس حامله بيدها الجاكت الخاص بها والذى قامت بارتدائه قبل خروجها ليغطى جميع جسدها الى منتصف ركبتيها ..
خرجت من المنزل بسرعه ظنا منها انه لايزال نائما او ربما هو يتجهز الآن فى غرفته .. ما ان اغلقت الباب وهمت بالمغادره حتى وجدته فى سيارته بالخارج يبدو انه فى انتظارها .. حاولت تجاهله والمضى قدما دون ان تعيره ادنى اهتمام لكنه قام بمناداتها ..
سوما بتأفف : نعم
خالد بغرور : اظن احنا رايحين شغل واحد ومعتقدش حتعرفى تروحى لوحدك على الاقل اول يوم
سوما : لا حاخد تاكسى عادى
خالد بآليه شديده وهو يقوم بتشغيل محرك السياره : اوك براحتك بس احب اقولك ان المنطقه دى مبيعديش منها تكسيات لازم تمشى مسافه كيلو ونص عشان توصلى للتكسيات واعتقد ان معادك ٨ ونص ولو اتاخرتى من اول يوم مش محتاج اقولك اللى حيحصل ... يلا هاف اجود داى
هم خالد بالمغادره الى ان استوقفته سوما بتلهف : استنى طيب خلاص حروح معاك
جلست سوما بجواره دون ان يتحدثا اطلاقا الى ان وصلا الى مقر الفندق .. فترجلت من سيارته بمنتهى الثقه وتوجهت الى الداخل دون ان تُلقى عليه نظره او تشكره على ايصالها ..
فى تمام الساعه الثامنه والنصف كانت تقف سوما خلف مكتب الاستقبال مرتديه جاكت اسود رسمى يحمل لوجو الفندق .. يُغلق من المنتصف بزر فضى انيق بعد ان خلعت معطفها فور وصولها .. ليظهر قميصها الابيض من الاسفل ..
لفتت انظار من حولها بمجرد وقوفها خلف مكتب الاستقبال فهى تختلف عن العاملات فى الفندق بشعرها الاسود وعينيها حالكه السواد وملامحها المختلفه والتى تجذب كل من ينظر اليها ..
هاى انا بيتر .. صدرت تلك الكلمات من زميل لها يعمل فى الفندق .. شاب وسيم الملامح طويل القامه ذات عينين خضراويين وشعر بنى ناعم  يُغطى جزءا منه جبهته بطريقه جذابه بينما يحاول هو ارجاعه الى الخلف بحركه مثيره فتأبى تلك الشعيرات اطاعته وتستقر اعلى جبهته من جديد ..
سوما بخجل : انا سوما
بيتر بنظره ودوده : جديده هنا صح
سوما : اه اول يوم
تأمل بيتر ملامحها خاصه عينيها قبل ان يقول : متأكد انك حترتاحى معانا هنا ولو احتاجتى اى حاجه قوليلى .. حساعدك فى اى حاجه تطلبيها ..
سوما شاكره : اكيد يابيتر شكرا ليك
غادرها ذلك الاخير بعد ان القى عليها نظره طويله متفحصه ليتركها وقد بدأت فى عملها ليمر يومها سريعا بعد ان تعرفت على معظم العاملين بالفندق فهم ظرفاء نوعا ما وودوين وايضا النزلاء خاصه يعاملونها بدون كلفه .. ماعدا تلك الشقراء الطويله ذات الجسد الممشوق والتى ترمقها بنظرات غريبه كلما رأتها لاتفهم معناها ..
لكنها فهمت سر تلك النظرات عندما رأتها فيما بعد بصحبه خالد فى طريقهما الى الخارج وهى تتأبط ذراعه بتملك ناظره اليها بانتصار خاصه بعدما لم يلتفت اليها هو ..
حسنا لقد فهمت الآن تلك هى صديقته وبالتأكيد قد رأتها صباحا تترجل من سيارته ولعلها علمت ايضا انها تقطن معه فى نفس المنزل ..
رغما عنها وجدت نفسها ترمقهم بنظرات لم تستطع تفسيرها خاصه مع ذلك الشعور بالضيق الذى سيطر عليها بلا مبرر وكى تتخلص منه تمتمت بخفوت قائله : ايه يعنى تشبع بيه هى فاكرانى حبصله يعنى..اصلا لايقين على بعض هم الاتنين ومغرورين زى بعض ..
بعد نصف الساعه كانت سوما تقف بصحبه كريستين فى احدى المتاجر الخاصه بالمعلبات والطعام لشراء ماتحتاجه من مأكولات ومشروبات قبل ان تقوم كريستين بايصالها الى المنزل ..
ارادت الاخيره معرفه مابها ولماذا تبدو بهذا الضيق لكن رفضت سوما الافصاح عما يعتمل بداخلها وبررت ذلك بان ارهاق السفر والعمل الجديد قد سيطر عليها وانها تحتاج الى بعض الراحه فقط ليس اكثر ..
حاولت كريستين تصديقها رغما من اقتناعها بأن هناك شىء آخر وراء ذلك الضيق الذى يسيطر عليها خصوصا لتهربها من الحديث عن خالد ..

ذات العيون السوداءWhere stories live. Discover now