الحلقة التاسعة ـ اختبار [الجزء الثاني لجريمة باسم الحب]

4.2K 148 3
                                    

ولا تجسسوا
اختبار [الجزء الثاني لجريمة باسم الحب]
الحلقة التاسعة
ازداد تماديها حتى أسأت لذلك المسكين الذي يعد أكثر المتضررين لما هم فيه، حيث خسر هويته وزوجته وابنه وحياته بالكامل، ولكنها لم ترحمه هي وتتهمه باطلا وهي تعلم أنه أبعد ما يكون عن أتهامها له، فلطالما اهتم بابنتيها ولو على حسابه نفسه.
رغم شرودها انتبهت لفتح باب الحجرة، فقد تسلل من خلاله بعض الضوء بدد الظلام الدامس الذي أختارته رفيقا منذ احتلت غرفة الراحلة الغالية نعمات، انزعجت هي من هذه الإضاءة المفاجأة، فرفعت يدها تحجب الضوء عنها.
ـ محمود بحزن: نزلي أيدك يا نورا، زمان عينك خدت على النور، بكفياكي ضلمة بقى.
ـ نورا بضيق: من فضلك يا محمود سيبني دلوقتي.
ـ محمود بحدة: سيبتك كتير يا نورا، سيبتك وقلت بكرة تفوقي، وفضلت صابر ومستني، لكن أنت بتوهي أكتر، وكده هتأذي نفسك وبتأذي عيالنا.
ـ نورا بانهيار مفاجئ: وأنا لسه ما أذيتهمش، كل اللي هما فيه بسببي، دمرت حياتهم بايدي، وباحاسب نفسي في اليوم ماية مرة على ظلمي ليهم، وبعدت عشان أرحمهم.
ـ محمود باستنكار: أيه اللي أنت بتقوليه ده، ذنبك أيه أنت في اللي حصل، عشان تجلدي روحك، وتدفني نفسك في الأوضة دي.
ـ نورا بحزن: مش أنا اللي فكرت زمان اننا نسيب الحارة، وصممت على رأيي بحجة أني أستر البنات وأجوزهم، بعيد عن مشاكلنا، مع أنك من الأول قولت لي أن اللي ميعرفش قيمتهم ما يستاهلهمش، لكن أنا اللي ركبت دماغي وفرحت بالجوزات العالية، لحد ما اتفضحنا، برضه بسببي وبسبب كره هيام لي.
ـ محمود بصدمة: أيه اللي بتقوليه ده! أنت مغصبتيش علي، وياما قولتي لي على موضوع النقل ده وما سمعتلكيش، ولما وافقت كان بعد ما لاقيت حسين، عشان ما يشوفش اللي أنا شوفته، ولو الزمن انعاد هاكررها تاني طول ما الناس معندهوش رحمة ولا دين.
ـ نورا بانكسار: والفضيحة، وهيام
ـ محمود بغضب: ما فيش فضيحة، احنا ما اجرمناش في حق حد، وهيام مين دي اللي هتحاسبي نفسك على حبها ولا كرهها، دي ست سموية، بتكره نفسها، وقلت باصلها مع أمها، عايزها تبقى عليكي أنت، حرام عليكي اللي بتعمليه ده.
ـ نورا باكية: وخراب بيت نعم مش حرام، ده أنا بادخل لها موطية راسي، مش قادرة ابوص في عيونها، بعد ما خربت حياتها، واتسببت في طلاقها من جوزها اللي بتحبه.
ـ محمود بحدة: هو أنت مش لاقية مصيبة تشيليها لروحك، مالك أنت ومال طلاق نعم.
ـ نورا وقد زاد بكاءها وارتفع نحيبها: وهو كان طلقها ليه، مش بسبب اللي عرفه عني وعن الفيديو اياه.
ـ محمود باستنكار: وليه ما يكونش طلقها عشان اللي عرفه عني أنا؟
ـ نورا باصرار: لا هو سمع كلامك عن نفسك، وسكت لكن لقح علي أنا، بس خاف منك وجاب ورا، ده غير أن أنت ما يعيبكش حاجة، أنت رجل وبنيت نفسك من الصفر، لكن الشرف ماحدش بيسامح فيه.
ـ محمود وهو يحتويها بين ذراعيه بحنان: وأنت اللي كنتي عملتي حاجة، أنت ست الناس كلها، واللي يجيب سيرتك على لسانه اقطعه له.
ـ نورا بتأثر: وعشان هو متأكد من ده مفتحش بوقه، بس طلقها.
ـ محمود بهدوء: طلقها عشان واطي وندل، من أول ما شوفته وأنا مش مرتحاله، بس وافقت عشان شفت حبه في عينيها، طمعه مكنش مستخبي على رجل سوق زيي، بس قولت اشتري سعادتها بالفلوس، مقدرتش احرمها الفرحة اللي ربنا كتبها لي، بس هو اللي مايتسهلش رفص النعمة برجليه.
ـ نورا باستنكار: لا هو بيحبها.
ـ محمود بتأكيد: هو ما بيحبش غير نفسه، فكري كده بالعقل، من اللي كان أولى أنه ينسحب، هو ولا شهاب، صلاح اللي معندوش لا أهل ولا عيلة ولا حد يحاسبه، ولا شهاب اللي وقف قدام أمه يدافع عن مراته، صلاح اللي عايش في شقتها وتقريبا على حسابها، ولا شهاب اللي ناقص يجيب لنغم حتة من السما، صلاح اللي معندوش أولاد يتضايق من نسبهم لينا، ولا شهاب اللي عنده بنت ده غير ابن أخته اللي شايل اسم حسين، صلاح اللي سيرة أبوه ما تشرفش حد، ولا شهاب ابن الحسب والنسب، يا حبيبتي السبب الوحيد للي عمله لا أنا ولا أنت، السبب هو، وتفكيره هو، وأخلاقه هو، ده ساب مراته ومشي قبل حتى ما يعرف هو في أيه.
ـ نورا بندم: هو يعني أنا كنت سيبت شهاب ولا قدرت اللي أنت بتقوله ده، أنا مش عارفة أنا قلت له كده ليه، ولا اتصرفت معه ومع حسين ونغم بالطريقة دي أزاي.
ـ محمود برفق: غلطتي يا حبيبتي، عارف أنه غصب عنك وأن الضغط كان فوق طاقتك، بس برضه غلطتي، واللي غلط بيصلح غلطه، مش يحبس نفسه ويتمادى في الغلط.
ـ نورا دافنة وجهها بصدرها: ولادي مش هيسامحوني يا محمود، أنا بوظت حياتهم.
ـ محمود بحنان: ولادك محتاجينك يا نورا، نعم محتاجكي جنبها تفتحي عينيها، وتعرفيها أن ربنا كشفه لها على حقيقته قبل ما تضيع حياتها معه، حسين محتاجك يترمي في حضنك ويشكي همه، نغم محتاجكي تصلحي سوء التفاهم اللي حصل مع جوزها وترجعيه لها، [ وبعتاب] وأنا يا نورا اللي أول مرة تخرجي من أوضتنا وتبعدي عني، محتاجك جنبي، تقويني واتسند عليكي، عشان اقدر استحمل كل اللي بيجرى لنا ده...
ليقطع كلماته ويعتصر قلبهما تلك الصرخة التي شقت الصمت، صادرة من غرفة نعمة وتحمل صوتها.
***************************
هرول جميع أفراد الأسرة لغرفة نعم، ليجدوها بحالة يرثى لها، تواصل الصراخ بينما هي تحطم كل ما تطاله يدها من أساس غرفتها.
ـ حسين بفزع وهو يحاول احتواءها بين ذراعيه والسيطرة على ثورتها: أهدي يا حبيبتي، أهدي يا نعم.
ـ نغم باضطراب: مالك يا قلبي، أهدي يا حبيبتي.
ـ نعم بصراخ وهي تحاول الخروج من إيدي حسين: اتجوز، اتجوز في أقل من عشر أيام، أتجوز دكتورة مروة، مخلية صاحبتها الواطية تكلمني تكيدني، مروة اللي كان بيشاغلها من اليوم ساب فيه البيت، كان بيعاكسها قدامي، وأنا لسه على ذمته.
ـ محمود بحدة: غار في ستين داهية.
ـ نعم بهيستريا: سيبت الدنيا عشانه، وهو سابني عشانها.
ـ حسين بقلق لاستمرار ثورة نعم وهذيانها المتواصل عن خيانته لها: بسرعة يا نغم هاتي حقنة المهدئ، اللي الدكتور كان ايديها لها.
هرولت نغم لتنفيذ الأمر، بينما تسمرت نورا بمكانها تنظر لانهيار ابنتها بارتياع، لا تعلم أن كان محمود محقا، أم أنها دمرت حياة ابنتها بالفعل، ولكن كلمات نعم الثائرة، جعلتها تميل لرأي محمود، لتلعن صلاح بداخلها، وانفطر قلبها على ابنتها التي شارك والدها حسين بتكبيلها حتى استطاعت نغم من حقنها بالمهدئ، لتمر دقائق صغيرة لتتهاوي بين ايديهم، لتنتهي ثورتها فجأة كما هدأت فجأة، ليقوما بوضعها برفق على فراشها، بينما تنهمر دموع نورا ونغم شفقة عليها.
أطمأن الجميع على سكونها، ليتسللوا بهدوء خارج غرفتها، ليعود الأضطراب، وكل منهم ينظر للأخر، فهذا أول اجتماع لهم سويا منذ ما حدث.
ـ نغم باضطراب: عن أذنكم، هي مش تصحى قبل الصبح.
ـ حسين بتوتر: أن شاء الله تفوق كويسة، عن أذنكم.
ـ نورا بتردد: استنوا يا ولاد، عايزة اتكلم معكم شوية.
نظرا لها للحظات بتوتر، ثم استجابا لها ليجلسا متجاورين، بينما تحرك محمود لغرفته بعد أن منحها تلك الابتسامة المشجعة.
ـ نورا بتوتر: أنا أسفة ياولاد، بجد أنا ما قصدتيش أي كلمة من الكلام اللي قلته وقتها، بس أنا فعلا مكنتش في حالة طبيعية.
ـ حسين بابتسامة حزينة: أنت مش المفروض تعتذري لنا اصلا، الحمد لله ساعة شيطان وعدت.
ـ نورا بندم: لا يا حسين أنا غلطت، ومش عيب أن اللي غلط يعتذر، حتى لو لاولاده، حقكم علي أنا طبعا متأكدة قد أيه بتحبوا نعم، ولايمكن حد فيكم يفكر يأذيها، بس زي ما أنت قلت يا حسين هي كانت ساعة شيطان.
ـ نغم بحزن: خلاص يا ماما حصل خير.
ـ نورا بحزن: لا يا نغم مكنش خير، مش خير أبدا أنك لما تحس أنك غلطان، تتهم غيرك وتحاول تريح ضميرك على حسابه.
ـ حسين بحنان: بس حضرتك ماغلطيش.
ـ نورا بتوتر: لا أنا غلطانة، بس حقيقي مش عارفة أيه اللي غلطت فيه بالظبط، كل غلطاتي كانت بسبب ظروف غصب عني، لكن للأسف أن نعم كانت دايما هي اللي بتدفع تمن الظروف دي.
ـ نغم بحيرة: مش فاهمة!
ـ نورا بحزن: أنت كنتي علطول تهزري وتقولي أني بحب نعم أكتر وكنت ساعات بحس أنك فعلا حاسة ده، بس ده مش حقيقي، كلكم ولادي وبحبكم زي بعض، لكن أنا فعلا كنت باحاول أقرب من نعم لأني كنت حاسة بالذنب نحيتها.
ـ نغم بصدمة: ذنب!
ـ نورا بحزن: أنا الأول مكنتش أقدر أفهمك، بس بعد ما كل حاجة اتعرفت، بقى ممكن تفهمي وتحسي بيا، بعد اللي حصل زمان وجوازي أنا ومحمود وولادة نعم، أول كبرت شوية صحيح محدش كان يقدر يضايقها بكلمة، عشان هيبة محمود، بس العيال كلهم كانوا واخدين منها جنب لاحد بيراضى يلعب معها ولا يكلمها، كانت تشوف البنات بيلعبوا تحت البلكونة ، كانت تتحايل على تنزل تلعب معهم، أول ما تنزل، شوية والاقي كل واحدة ندهت بنتهاأو جت سحبتها، وهي واقفة تعيط عشان البنات مشيوا، مكنتش بارضى أقول لمحمود عشان منكدش عليه، ده غير أن مفيش في أيده حاجة، ولا يقدر يجبر العيال يلاعبوها، كل اللي كنت باعمله أني بازن أننا نسيب الحارة، [ ابتسمت لحسين بحب] لحد ما ربنا رزقنا بوش السعد ومحمود وافق، ونقلنا في شقة مؤقتة عقبال ما نظبط أمورنا، وكنت هاطير من الفرح لما لاقيت جيرانا عندهم بنات من سنها وحبوا بعض قوي، بس ملحقيتش تفرح يا قلبي، قعدنا هناك سنتين وكام شهر، عقبال ما العمارة دي اتبنيت ونقلنا هنا، كانت وقتها حوالي تمن سنين، واتفطرت من العياط عشان صحابها، خصوصا أن وقتها المنطقة هنا كانت جديدة وشبه فاضية، ومكنش في حد تتصاحب عليه، أنتم كنتم من سن بعض وعلطول بتلعبوا سوا، كانت علطول هي وحيدة.
ـ نغم باستنكار: بس نعم عمرها ما كانت انطوائية.
ـ نورا بحب: الله يرحمها نعمات، كانت مغرقها بحنانها، وبتحاول على قد ما تقدر تسعدها، بس النصيب حرمها منها ومن حلمها سوا،[بحزن] لما دخلت ثانوي كان حلمها تدخل كلية اقتصاد وعلوم سياسية، وكانت دايما من الأوائل، الظروف عاندتها تاني وجدتكم تعبت قوي وانشغلنا بيها، وربنا استرد وديعته قبل امتحانات نعم بحاجة بسيطة، وطبعا ما جبيتش المجموع اللي يحقق حلمها.
ـ حسين بحنان: ماما أنت بتشيلي نفسك فوق طاقتها ليه، ده قدر ونعم طول عمرها راضية، وعمري ما حسيت أن موضوع الكلية مأثر عليها.
ـ نورا بحزن: هي نسيت لأن حناننا كان معوضها، وعشان أبوكم اللي رباكم على الرضا، لكن أنا أم حاسة أنها قصرت في حق بنتها، طبعا فرحت لما لاقيتها تقبلت كليتها وبتتفوق فيها، وكمان حبيت واتجوزت، لكن رجعت اتقهر عليها تاني لما طلع الواطي ده عنده مشاكل في الخلفة بس سكت لما لاقيتها فرحانة وصابرة، مقدرتش استحمل فكرة أني أكون السبب في أن حياتها تبوظ تاني، فقولت أي كلام والسلام، أقنع نفسي أني مش السبب.
ـ حسين بصدق: بس حضرتك فعلا مش السبب، دي ظروف حضرتك مش مسئولة عنها، وعمرك ما قصرتي مع حد فينا.
ـ نغم بمرارة: يا حبيبتي يا نعم، كتير كنت أغلس عليها، وأحسدها على حبك ليها، وعمري ما فكرت أنها ممكن تكون اتعرضت قاسية كده، خلت حضرتك تحسي ناحيتها بالذنب، بس برضه أنا رأيي من رأي حسين، دي ظروف حضرتك مش مسئولة عنها.
ـ نورا بمرارة: ذنبي ولا لا مش ده المهم دلوقتي، المهم أن كلنا لازم نكون جنبها لحد ما تعدي الأزمة، وترجع أحسن من الأول.
ـ نغم بحب: طبعا يا ماما، أنا مش هسيبها، لازم ترجع أحسن من الأول، وتبقى أقوى من كده، ولازم كمان تحقق حلمها وتكمل الدكتوراة، ومتضيعش مستقبلها عشان الواطي ده، [بتفكير] هي أكيد رصيد اجازاتها خلص الفترة اللي قعدتها دي، أنا من بكرة هاتصل بدكتور شريف اللي جه لها أول ما تعبت، وهاحاول اجيب منه شهادة نقدمها للجامعة تاخد بيها أطول اجازة ممكنة، لحد ما توقف على رجليها تاني.
ـ حسين بحمية: وأنا هاخد الشهادة وهاروح الجامعة، واحاول اتصرف هناك، متقلقيش حضرتك، احنا لا يمكن نتخلى عنها.
ـ نورا بعتاب: ودي بقى حضرتك رقم كام، ولا خلاص مابقيتش استاهل كلمة ماما يا حسين.
ـ حسين متلعثما: لا طبعا بس أنا مش عارف يعني حضرتك ممكن...
ـ نورا مقاطعة بعتاب: مش عارف أيه، وممكن أيه، أن مكنش محمود حكى لك على كل حاجة، وعرفت أنك كنت وش السعد اللي دوب كل اللي كان بنا، أنت ابني يا حسين، ومفيش حاجة ممكن تغير ده، حتى لو كنت اتنرفزت وغلطت في حقك في ساعة شيطان زي ما قلت، ولا أنت لسه مش مسامحني.
ـ حسين بحب: أنت تقولي اللي أنت عايزه يا ست الكل، ومحدش يقدر يعترض، ومن غير أي اعتذار اصلا، أن عمري ما أقدر أزعل منك، عشان اسامحك.
ـ نورا بحب: ربنا يكرمك وميحرمنيش منك ابدا يا حبيبي.
ـ حسين بحب: ولا يحرمني منك يا ست الكل يا احن أم في الدنيا.
ـ نغم بمشاكسة: على فكرة أنت وقتها زعقتي لي أنا كمان، يبقى وقت الدلع على الأقل ينوبني من الحب جانب.
ـ نورا بابتسامة: ربنا مايحرمنيش منكم انتم الثلاثة ابدا يا حبايبي، وربنا يعوضك يا نعم ويهونها عليكي.
ـ حسين برجاء: بإذن الله، ربنا هيجبرها.
ـ نغم بحب: آمين.
فتحت ذراعيها، فالقيا بنفسيهما بحضنها بسعادة، فشددت من احتضانهما وهي تمتم بكلمات الاعتذار والدعاء لهما، ليقطع لحظتهم هذه، صوت محمود المرح.
ـ محمود متذمرا بمزاح: يعني عاملة حظر تجول على البيت كله ومعتزلنا في أوضة نعمات الله يرحمها، وأجي أخرجك بنفسي، وأول ما تخرجي مقضيها حب في ولادك ونسياني.
ـ نورا بحب: أنت الأصل يا حبيبي، ربنا ما يحرمنا منك.
ليقترب منهم محتويا الجميع بأحضانه، وهو يدعو بقلبه أن تخرج أسرته من تلك المحنة بسلام.
***************************
باليوم التالي بغرفة نعم
تجلس شاردة على الفراش لا تلتفت لكل محاولات نورا لمجاذبتها اطراف الحديث.
ـ نورا برجاء: يا حبيبتي فوقي لنفسك، محدش يستاهل تعملي في نفسك كده عشانه، صلاح زيه زي سالم واللي يخسرهم كسبان.
ـ نعم بحيرة: سالم مين.
ـ نورا بحماس لتجاوبها: سالم خطيبي، [مداعبة] بس أوعي تقولي لابوكي ليدبحني، [ضاحكة] ماهو أنا عمري ماجيبت سيرته، بس بجملة الفضايح بقى.
قصت على ابنتها تفاصيل خطوبتها السابقة، وسعدت لتجاوب ابنتها معها وانجذابها للقصة، فاسترسلت في سرد التفاصيل المضحكة، وتضخيم أفعال أم سالم وردود أفعالها معها، حتى اقتنصت منها ضحكة اثلجت صدرها.
ـ نعم ضاحكة: معقول بابا دهنهم كده، وهو كان قاصد ولا غلط يعني.
ـ نورا بسعادة لنجاحها لإخراجها مما هي فيه ولو لدقائق معدودة: لا ما هو أنا سألته وقالي أنه كان قاصد من حرقة قلبه علي [بدلال] ماهو كان بيموت في وأنا ولا هنا، بس هو قالي أنه كان ناوي يبهدلهم على خفيف كده، بس لما لأني مبسوطة وباضحك اتوصى بيهم، [ضاحكة] ياسلام لو شوفتيهم وأم سالم عاملة زي آمال زايد في أخر لقطة من طاقية الاخفا والمعمل مفرق في وشها، ولا سالم اللي وشه كله اتلون ولما قلع النظارة، حوالين عينيه النظيفة كأنه لابس ماسك.
انفجرت نعم لنوبة ضحك هيستيري تحولت فاجأة لنوبة بكاء.
احتواتها نورا باحضانها وهي تربت عليها بحنان.
ـ نورا هامسة بأذنها برفق: والله ما يستاهل يا حبيبتي، زي سالم اختارك عشان أصيلة وتشليه وقت زنقته وأول ما تتزنقي أنت يبيعك، وزي ما كان ربنا شايل لي ابوكي وحبه، ربنا برضه شايلك الخير كله، ربنا معندوش الا الخير.
ـ نعم بقهر: اتجوزها يا ماما، خليت سلمى صاحبتها تكلمني، عاملة نفسها بتطمن علي وهي بتكيدني، كسر قلبي وعارفني قد أيه كنت غبية لما كنت مستنياه.
ـ نعم برفق: عشان هي وهو وصاحبتها عجينة واحدة ليهم في الغدر و الكيد، الطيور على اشكالها تقع، وأنت مش غبية، أنت أصيلة وربنا هيجزيكي خير وهتشوفي، وبكره تنسيه وتقولي ماما قالت.
ـ نعم بانكسار: وجعني قوي يا ماما، قوي.
احتضنتها نورا بحنان ، وبرغم حزنها لألم ابنتها، شعرت بالراحة لتعبيرها عنه، فكتمان الألم ونكرانه ألم أشد، بينما الأعتراف به هو أول خطوات مواجهته والتغلب عليه.
***************************
بالجامعة
خرج حسين من المبنى الإداري راضيا، بعد أن استطاع الحصول على إجازة طويلة لنعم، بمساعدة عميد الكلية، الذي تربطه علاقة نسب بشهاب، ولكن لم يكن لديه الرغبة بمغادرة الجامعة سريعا، فمنذ انهيار نعم أمامه وهو يبحث عن ذلك النذل، ولكنه وجده قد غادر الفندق، فقرر الإنتظار ربما قابله وأطفأ نار غضبه، ولم يطل انتظاره طويلا، وهو يرى تلك السيارة تتوقف وذلك الخسيس يهبط منها ليفتح الباب لمرافقته بلباقة، ليزداد غضبه اشتعالا ويقترب منهما والشرر يقدح من عينيه، ليعاجله بعدة لكمات سريعة تسقطه أرضا، وكاد ينقض عليه ثانية ولكن بعض الشباب انتبهوا لما يحدث بسبب صرخات مروة المدوية، ليلتفوا حول حسين مقيدين حركته.
ـ مروة بذعر: مين الحيوان ده، اوعوا تسيبوه، سلموه لأمن الجامعة.
ـ صلاح وهو ينهض متألما: لا محدش ليه دعوة بيه، هو هيمشي من سكات، امشي يا حسين خلاص.
ـ مروة بدهشة: أنت تعرفه، مين ده.
ـ حسين هادرا: أخو اللي خليتي صاحبتك تتصل تكايدها، بعد ما خربتي بيتها، بس فعلا انتم الاتنين لايقين على بعض جدا.
ـ صلاح بحدة خوفا من تفوه حسين بشيئ يكشف سره: خلاص يا باشمهندس ملوش داعي الكلام ده، وأنتم يا شباب وصلوا الباشمهندس للباب من غير ما حد يتعرض له.
ـ مروة باستنكار: يوصلوا مين أنت..
ـ صلاح هادرا بغضب: مروة، [أخرستها حدته فالتفت لطلبته ثانية] اتفضلوا انتم يا شباب مع الباشمهندس.
اطاعوا أمره بهدوء، ليستسلم حسين لهم بعدما فرغ بعضا من شحنة غضبه بوجه غريمه الذي تخضب بالدماء.
ـ مروة بحدة: أنت أزاي تخليهم يسيبوه ويمشي كده.
ـ صلاح بحدة: أنت خليتي صاحبتك تتصل تضايق نعم.
ـ مروة بتوتر: هو ده اللي فارق معك، وأخوها اللي اتهجم علينا، وفضحنا وبهدلك بالشكل ده، يكرم بدل من طرف الهانم.
ـ صلاح بضيق: حسين ده أعقل خلق الله، لكن هو ما بيستحملش الهوا على أخواته، وعمره ما هيتصرف بالطريقة دي الا لو كان شاف أخته موجوعة قوي، عملت لك أيه عشان تعملي معها كده، وعدتيني أن ملناش دعوة بيها، لما ترجع الشغل، لكن أنت خلفتي وعدك، وما سيبتهاش حتى وهي في بيتها.
ـ مروة باضطراب: أنا معملتش حاجة، سلمى هي اللي كلمتها من نفسها.
ـ صلاح بغضب: خليكي ماشية ورا سلمى بتاعتك، بس متزعليش لما تخرب عليكي، عن أذنك.
ـ مروة باستنكار: رايح فين.
ـ صلاح بحدة وهو يفتح باب السيارة: راجع البيت، تفتكري ينفع أدخل محاضرات بالمنظر ده.
ـ مروة باستنكار: وأنت هتروح بالعربية، وأنا أعمل أيه؟
ـ صلاح بسخرية وهو يتذكر مواقفه مع نعم: لا عندك حق، عربيتك وانت أولى بيها، أنا همشي بدمي كده لحد بره، وأركب تاكسي.
ـ مروة متلعثمة: مش قاصدي، بس احنا المفروض نخرج من الجامعة على الدكتورة نشوف موضوع الحمل.
***************************
تفتكروا صلاح هيعمل ايه وهي بتفكر في الحمل بالسرعة دي
********


مع تحياتي
منى الفولي

جريمة باسم الحب Donde viven las historias. Descúbrelo ahora