الفصل التاسع والأربعين

7.1K 174 5
                                    


كان يوسف بسيارته يسير ببطئ وهو يتابع سيارة ياسين التى أمامه بنظرات مركزة ولم ينتبه الى السيارة التى بها رجل مجهول يراقبه.. توقف ياسين فى المكان المقصود ليقف يوسف فجأة حين وجد أخيه يدلف الى ملهى ليلى !

كان عبد الله يجلس فى مكتبه ينتظر اتصال هاتفي بفارغ الصبر.. وقد كانت مريم فوقه تماماً بغرفتها تجوبها يميناً ويساراً بتوتر وقلق ملحوظ..

أما بمنزل شادى.. كان هو وسارة عاريين كلياً وتتوسد سارة صدره بينما هو يدخن أحد السجائر.. سمع رنين هاتفه ووجد رقمها.. تأفف بملل ثم رد قائلاً ببرود " ايوة " ردت سيدة من الطرف الآخر وهى تقول بغضب " قلت لك عايزاه يموت.. الاقيه داخل مفيهوش الا جرح فى راسه.. قدامك مهلة 3 أيام واسمع خبره يا شادى.. انت فاهم.. يا إما انت عارف اقدر اعمل فيك اية " زفر شادى بغيظ وقال حانقاً " هكلمك بعد 3 أيام يا.." أردف بسخرية " يا فريدة هانم " أغلق الخط بوجهها وألقى الهاتف على الكومود وظل يدخن سجائره بشراهة مقطباً جبينه بينما قالت سارة بملل " نفسى اعرف الست دى هتستفاد اية لما تقتله " تسائل شادى بمكر" طب وانتى هتستفادى اية برده " عقدت حاجبيها وهى تتذكر ما حدث بينها وبين يوسف ومريم منذ سنين طويلة

فلاش باك.. كانت مريم وسارة بعمر الخامسة عشر.. تذهبان الى المدرسة سوياً.. منذ صغرهما وكانت مريم شديدة التعلق بيوسف.. كانت تحكى لها الكثير من المواقف بينهما حتى كبرت وظنت أنها تحبه من حديث مريم عنه.. عندما تراه يوصل مريم الى المدرسة تشتعل الغيرة بقلبها.. أصبحت تعامل صديقتها بعنف وقسوة لأن فى اعتقادها أن مريم تحب يوسف.. ليس حباً أخوياً.. حتى أتى يوماً ما وصارحت يوسف بحبها.. لتتفاجئ برفضه لها قائلاً " انا بحب مريم وبس.. ولما تكبر ان شاء الله هتجوزها " ليشتعل الحقد والكره لها منذ ذلك الحين.. أصبحت تتقرب منها وتتودد لها لتعلم كل شئ عنه.. حتى علمت من مريم أنها باتت تكرهه ولا تطيق الحديث او الجلوس معه.. رفرف قلبها لهذا الخبر.. فأصبحت فرصتها أكبر بالحصول عليه.. حتى أصبحت بالغة وأنثى رائعة.. حاولت التقرب منه مجدداً لتتفاجئ برفضه لها مرة أخرى وقد هددها بأذيتها ان لم تبتعد عنهما.. مثّلت عليه الندم وأنها استشعرت خطئها.. فسامحها يوسف ولم يحاول التطرق الى هذا الموضوع مرة أخرى.. مضت السنين ونسى يوسف هذا الأمر ولكن ذاكرتها ظلت محتفظة به.. لتتلقى أكبر صدمة.. وهى زواج مريم منه.. زاد الحقد والكره اتجاههما أكثر وأكثر وباتت رغبة الانتقام منهما هى حلمها الوحيد.. تحملت الكثير حتى تصل الى ما هى عليه الآن ولن تتوانى لحظة عن تحقيق حلمها..

باك.. قصت له كل شئ ليردف شادى بابتسامة خبيثة " انا هنتقم لك منهم.. كل اللى عليكى تنفذى اللى هقول لك عليه وبس " ظل الاثنان يفكران بعقلهما الشيطانى عن الخطة الأمثل للإنتقام من يوسف ومريم..

أمام الملهى.. كان يوسف لازال يجلس بسيارته عندما رأى ياسين يدلف للداخل.. يشعر بالصدمة والذهول.. أهذا أخيه وولده الذى رباه بنفسه.. متى أصبح بتلك البشاعة ليفكر بالدخول الى تلك الأماكن.. هل أخطأ يوماً فى تربيته.. تجاوز ذهوله وترجل سريعاً من سيارته ودخل وراءه.. كان ياسين ينظر لما حوله عن صديقه الذى من المفترض أن يقابله هنا.. رآه أخيراً فاتجه له بخطوات واثقة دون أن ينتبه لوجود يوسف وراءه.. قال بجدية " معاك الحاجة يا شيكو " رد شيكو الذى اسمه الحقيقى شاكر " معايا يا برنس " كان بيده كيس صغير فأخرج منه بعض السجائر المحشوة وهو يقول بتثاقل " معايا ليك حتة جوب انما اية.. هيوديك فى دنيا تانية " مد يده بالسجائر ليعطيها له فكاد يأخذها ياسين حين وجد من يأخذها فجأة بدلاً منه ويرميها بعيداً.. كاد يثور ويغضب على الفاعل ولكنه تسمر مكانه حين رفع أنظاره ووجده يوسف ! لم يكد يتحدث حين تفاجئ بلكمة شديدة منه.. سقط على الأرض من قوتها.. كان يشعر بالذهول.. أتتبعه يوسف الى هنا ؟ كيف.. لقد تأكد أنه لا أحد يراه.. تحسس وجهه مكان الضربة ليجد أن شفتيه تنزف الدماء.. قام واعتدل فى وقفته ثم رفع أنظاره له غاضباً وهو يقول بصوت عالى ليوسف " انت اية اللى جابك ورايا لحد هنا " أمسكه يوسف من تلابيب قميصه وحاصره فى الحائط وهو يقول بعيون مشتعلة " انا قصرت معاك فى اية عشان تيجى مكان زى دة.. لا واية.. بتشرب حشيش كمان " ضربه ثانية ولكن تلك المرة فى معدته قائلاً بغضب هادر " لما اشوف اخويا محتاج تربية من اول وجديد مش هتردد لحظة فى انى اعمل كدة " جذبه من قميصه وجرّه وراءه الى خارج الملهى تحت أنظار الجميع المذهولة والفضولية التى تتوق لمعرفة ما يجرى.. افلت ياسين نفسه من براثنه وابتعد عنه وهو يقول بغضب " انا عايزك تبعد عنى.. انت مش ولى أمرى عشان تمنعنى اعمل اى حاجة انا عايزها.. دى حياتى وانا حر فيها " صرخ به يوسف وقد انفلتت أعصابه " لا مش حر.. ليك رب شايفك بتعمل اية.. ليك أخت المفروض تخاف عليها.. مطمرش فيك تعبى عشان أكبرك واخليك مش محتاج حاجة.. انت مش عارف انا حسيت بإية وانا شايف اخويا الصغير اللى شيلته بإيدى يوم ما اتولد داخل كباريه.. وبيشرب حشيش " رد ياسين ثائراً " مش عايز اعرف.. انت عملت لى اية يعنى.. انا مش عايز منك حاجة.. يكفى اللى خدته منى.. انا بكرهك.. امشى من هنا وسيبنى فى حالى " انفطر قلب يوسف الى نصفين من كلماته الجارحة.. كان يبدو على ملامحه الذهول والصدمة وعدم التصديق والحزن.. مشاعر كثيرة اختلطت بقلبه.. أخيه ينكر الآن أنه سانده يوماً ما.. ينكر كل ما فعله له.. أخيه صارحه بكرهه له.. مرت دقائق صامتة على كليهما.. أفاق ياسين أولاً وكاد يدلف للملهى مرة أخرى حين جذبه يوسف ثانية ولكمه بقوة قائلاً بغضب هادر يحمل حنانا دفيناً " انت لو مفكر انى بعد اللى انت قولته دة ممكن اسيبك تدخل تانى تبقى غلطان " دفعه الى داخل السيارة وركب فى مكان السائق ثم اغلق الأبواب وانطلق عائداً الى الفيلا.. بينما ياسين كان بين الوعى واللاوعى من جراء ضرب يوسف له.. فكانت لكماته القوية كفيلة بأن تجعله يغشى عليه.. بينما هو كان يشعر بألم شديد فى قلبه وصعوبة فى التنفس.. مرت الدقائق ثقيلة عليه حتى وصل أخيراً ففتح الأبواب وترجل من السيارة ثم جذب ياسين خارجاً وهو يقول له " ادخل.. ومش عايز اشوفك برة الفيلا يا ياسين " اخذ منه هاتفه ومفاتيح سيارته والفيزا أيضا ثم جذبه من ياقة قميصه حتى أدخله الفيلا.. خرج واتجه الى فيلا عمه وهو ينظر بسخرية ليده التى ضرب بها ياسين.. ماذا كنت تنتظر.. أن يعتذر لك عما بدر منه ويعدك بعدم تكراره مرة أخرى.. نعم كنت أنتظر ذلك.. ولكنه فعل ما لم أتوقعه أبداً.. جلس على أحد الكراسى بالحديقة بإرهاق نفسى.. نظر للسماء وكأنه يخاطب الله.. دعاه أن يصلح حال أخيه ويهديه الى الصواب فهو سند ياسمين من بعده.. تنهد بمرارة ثم قام ودلف للفيلا.. وجد عبد الله يجلس فى الصالون وكأنه ينتظره.. لا يعلم كيف فعل ذلك.. ولكنه نظر له ثم صعد متجاهلاً اياه وكأنه غير موجود.. فهو غير قادر على الحديث والمعاتبة على تأخره.. فتح باب الغرفة ودلف ليجد مريم تجلس على الأريكة ويبدو عليها الغضب والقلق.. عندما رأته قامت منتفضة وثارت قائلة " انت كنت فين.. قلت هتكلمنى ومعبرتنيش " ارتمى على الفراش بإنهاك ثم قال بتعب " انا مش قادر اتكلم دلوقتى يا مريم.. الصباح رباح " كادت ترد غاضبة ولكنها صمتت حين وجدت وجهه شاحب تماماً ويبدو عليه التعب.. زفرت بضيق ثم استلقت على الفراش بجانبه وأعطت له ظهرها.. انتظرت دقيقة.. اثنتان.. ثلاثة.. لم يحتضنها كما اعتاد أن يفعل دائماً.. شعرت بالحزن ثم نامت بعد قليل والدموع تسيل على وجنتيها..
بالأسفل كان عبد الله لازال جالساً بعدما تركه يوسف.. شعر بالغضب من تصرفه.. قام واتجه الى مكتبه وظل يفكر فى المكالمة التى أتته منذ ساعة.. عقد حاجبيه بغضب وقد قرر فى نفسه على فعل شئ ما لإيقاف تلك المهزلة..

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن