الفصل السابع والأربعين

6.9K 175 2
                                    


كانت ياسمين بغرفتها تجلس وحيدة.. فقد اعتزلت الجميع لتفكر بهدوء فيما يجب عليها أن تفعله.. إن أخبرت يوسف فلن يتوانى فى قتل ياسين بلا مبالغة.. هو يحب زوجته وبشدة فلن يتحمل فكرة أن أخيه يحب مريم.. سيقتله بالتأكيد.. تنهدت بحزن وحيرة.. ماذا تفعل لتتجنب المشاكل بين أخويها.. لن تستطيع أن تتطلب المساعدة من حنين فلن تسئ لأخيها.. ظلت تضرب بيدها فى الحائط غاضبة من قلة حيلتها.. أتذهب لياسين وتحادثه.. ستحاول أن تثنيه عن حبه لمريم وعن ما يريد فعله بأخيه.. هذا هو الحل الأمثل الآن.. وان لم يستمع لها ياسين فستضطر لإخبار يوسف.. عقدت العزم على فعل ذلك ودعت ربها أن تسير الأمور على خير..

أما ياسين.. فقد كان فى سيارته بمكان بعيد قليلاً عن المطعم الذى كان به يوسف ومريم.. شاهد ما حدث من مشاجرة بين شاب غريب لا يعرفه وبين يوسف.. تابع هذا الشاب بعينيه حتى وجده يقف بمكان قريب بجانب سيارته ويتحدث فى الهاتف.. لم يستطع سماع أى شئ.. ظل يراقبه بتركيز دون أن يلاحظه.. سمع رنين هاتفه فوجد المتصل محمد.. أجابه فكان يخبره بأنه سيذهب لوالد مى يوم الجمعة ويريده برفقته منذ الصباح.. انشغل بالحديث ولم يهتم بهذا الشاب.. عندما أغلق الخط وجده يبتعد عن سيارة يوسف.. رفع حاجبيه بدهشة.. فماذا كان يفعل بقرب سيارة أخيه.. ظل يتابعه حتى وجده يقترب من فتاة كانت قد صفت سيارتها أمام المطعم على الطريق الآخر.. أمعن النظر لهما وهو لا يفهم ما الذى يدور بينهما.. اتسعت عينيه صدمة حين اكتشف أنها سارة صديقة مريم .. كان الشاب يحادثها بابتسامة واسعة.. ظن أنها صديقته او حبيبته.. وجد الشاب يتركها ويستقل سيارته ثم ينطلق بها بينما هى تنتظر بسيارتها شيئاً ما لم يفهمه هو.. مرت ربع ساعة ولازالت جالسة بسيارتها حتى وجدها تخرج فجأة.. نظر لما تنظر إليه ليجد يوسف ومريم يخرجان من المطعم فتقترب منهما وتتحدث قليلاً ثم تاخذ مريم وتذهب بينما يوسف استقل سيارته وذهب هو الآخر.. كان يتابع كل شئ بدهشة وعدم فهم.. ولكن الشئ الوحيد الذي يفهمه أن أخيه وزوجته بخطر محدق.. انطلق بسيارته عائداً الى الفيلا.. عندما وصل صعد لغرفته واستلقى على فراشه يفكر بما رآه منذ قليل.. أيخبر يوسف بأن سارة تعرف الشاب الذى ضربه.. ولكن إن أخبره فسيكتشف يوسف مراقبته لهما حتى المطعم.. تأفف بحيرة.. ماذا يفعل.. هو يحب مريم ولكن يخاف من أذية يوسف أيضاً.. أبعد عقله عن تلك الأفكار ثم قام ليتحمم لعل الماء يزيح همومه..

أما مريم فقد كانت بغرفتها تحاول الاتصال بيوسف الذى كان هاتفه لايزال مغلقاً.. كاد القلق يقتلها عليه..

كان يوسف بمكتبه فى الشركة مستلقياً على الأريكة التى تحولت الى فراش.. يضع ذراعه على جبهته وينظر للسقف بشرود.. تذكر مريم فضرب جبهته لاعناً غباءه.. وجد هاتفه قد نفذت بطاريته.. قام واتجه الى الهاتف الأرضى ثم اتصل على منزل عبد الله.. وجد من يرد عليه قائلاً " الو " رد يوسف بهدوء " انا يوسف يا مرات عمى.. لو سمحتى نادى لى مريم " جزت على أسنانها بغيظ وغضب بالغ ثم أغلقت الخط دون أن ترد.. زفر بحنق من تصرفها.. كيف سيطمئن عليها الآن.. انتظر مجئ حمزة بفارغ الصبر حتى يذهب هو.. كانت جبهته لازالت تنزف وهو لا يشعر بها.. هو مشغول بالتفكير فى الفاعل.. جلس على الكرسى والتف للنافذة ينظر للشارع والمارة بشرود.. بدأ صداع رأسه فى التزايد فأغمض عينيه بإرهاق واضح.. كان من المفترض أن يذهب لجلسة الكيماوي أمس ولكنه أهملها بالطبع.. ظل يفكر بحياته القادمة.. طفله الذى سيولد بعد شهور.. ترى أهو من سيعتنى به.. أهو من سيؤذن بجانب أذنيه يوم ولادته.. أهو من سيلعب معه حين يكبر.. يتشوق لرؤية طفله بشدة.. يتمنى أن يحمله بين يديه قريباً.. تنهد وهو يتمنى أن يفقد الذاكرة.. يريد أن ينسى حياته وهمومه ومرضه وأعداءه.. كل شئ ولو لساعة واحدة..

بالخارج كان حمزة قد وصل للشركة.. اتجه لمكتب يوسف ودق الباب العديد من المرات ولم يأته أى رد.. فتحه ودلف ليجد صديقه ينظر للنافذة ويبدو عليه الشرود والتعب.. نادى عليه مرتين ولكن يوسف لم يتحدث.. قال بصوت عالى " يوسف " لم يبد عليه أى رد فعل.. ظل على جلسته وقال بهدوء " وصلتهم " رد حمزة بإيجاب " اة واتأكدت ان كل واحدة دخلت بيتها " ثم نظر له بإمعان قائلاً " مالك " تنهد وقام من مجلسه قائلاً " مفيش.. انا مروح " خرج تحت أنظار حمزة القلقة عليه.. يحزنه ما حل بصديقه ويتمنى لو كان بمكانه ويكون يوسف بخير.. ولكن لا نستطيع تغيير الأقدار.. دعا الله أن يريح قلبه ويشفيه ثم اتصل بمدير المصنع ليخبره بضرورة ذهاب أحد العاملين الى شرم الشيخ..

بشركة عبد الله الراوى.. بالتحديد في مكتبه.. كان يتابع أوراق العمل حين توقف وأرجع ظهره للوراء وفكر بابن أخيه.. يشعر بتغير حاله منذ فترة ليست بالقلية.. يجلس مع العائلة القليل من الوقت ودائماً بالخارج.. ويعود بعد منتصف الليل شاحب الوجه.. كما أصبح يهمل شركته فقد علم أنه لا يتردد عليها كثيراً تلك الأيام ويديرها صديقه حمزة.. دق باب مكتبه فسمح للطارق بالدخول فدلف رجل مجهول.. تحادث معه الرجل قليلا وكلما نطق بحرف تتسع عينى عبد الله ذهولا وصدمة.. عندما انتهى الرجل من حديثه وذهب عقد عبد الله العزم على فعل شئ ما فأمسك هاتفه واتصل بأحد الأشخاص..

أما يوسف فقد كان بسيارته متجهاً الى فيلا عمه.. كان غارقاً فى تفكيره.. يشعر بعدم الراحة ونغزات قلبه تلازمه باستمرار.. لا يخاف على حياته ولكنه خائفاً أن يمس مريم وطفله وعائلته أى سوء.. سيقوم بحمايتهم حتى آخر نفس يلفظه بحياته.. ولكن كيف سيقوم بذلك ومرضه ينقص من قوته يوماً بعد يوم.. العملية.. لا وألف لا.. لن يقوم بها أبداً.. لن يتحمل نظرات الشفقة من الجميع وهو محمول على الفراش.. طوال حياته كان هو سندهم وحصنهم المنيع.. لن يأتى يوم ويهدم هذا الحصن.. التمع الإصرار فى عينيه ثم وصل الى الفيلا.. ركن سيارته ومسح دماءه بالقميص الغير نظيف ثم دلف.. وجد فريدة تجلس أمام التلفاز بملامح غاضبة.. تجاهلها وصعد لغرفتهما.. زفر ثم فتح الباب.. نظر لما حوله فتفاجئ بمريم تجلس على الفراش وتضم ساقيها الى صدرها وتبكى دون صوت.. انتفض قلبه لرؤيتها بهذا الحال فذهب لها مسرعاً واحتضنها بقوة حتى كاد يكسر أضلعها.. يود لو يحبسها بقلبه ليبقيها آمنة.. بينما هى انخرطت فى بكاء شديد فور شعورها بوجوده.. عاد الأمان يحاوطها وهى بين ذراعيه.. تشبثت به بقوة وكأنها خائفة من أن يتركها مرة أخرى.. ظل يهدهدها كطفل صغير حتى هدأت بعد دقائق قليلة.. قالت معاتبة وهى لازالت تتوسد صدره " ازاى قدرت تسيبنى كل دة " رد بندم " آسف.. آسف انى خليتك تعيطى وآسف انى قلقتك " ابتعدت عنه وضربته فى كتفه بقوة وقالت غاضبة " مش مسامحاك " لتشهق فجأة بفزع " اية الدم دة " وضعت أصابعها على موضع الجرح بجبهته ليقول مطمئناً " خبطة بسيطة متقلقيش " ثم أردف مبتسماً " وحشتينى " تناست غضبها منه وبكائها وكل شئ لتبتسم بخجل قائلة " وانت كمان وحشتنى " ثم تابعت وهى تزم شفتيها كالأطفال " بس برده زعلانة منك " ابتسم على شكلها الطفولى ثم اختطف منها قبلة سريعة قائلاً " لسة زعلانة " لم تستطع كبت ابتسامتها.. ثم قالت بغضب مزيف " اة " رد مازحاً " وانا اللى كنت فاكرك مؤدبة " ضحكت عالياً وقالت بحنق مزيف " بس بقى.. وقوم خد دش وغير هدومك " قبّل جبينها ممتناً ثم قام ودلف الى المرحاض.. بينما هى أخرجت له بعض الملابس ثم وضعتها على الفراش وذهبت الى خارج الغرفة.. بينما هو انتهى بعد قليل من حمامه البارد وخرج.. وجد ملابسه فابتسم بحب ثم ارتداهم.. وجدها تدلف الى الغرفة وهى تحمل صينية بها الطعام.. وضعتها على الكومود ونظرت له فوجدته يطالعها بغضب..

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانΌπου ζουν οι ιστορίες. Ανακάλυψε τώρα