Chapter six

279 21 0
                                    


هناك قطار إلى لندن في الثامنة والنصف، قال ثم أردف : ستكون العربية عند الباب في الثامنة .
إبيضَّ من الغضب وفي الحقيقة شعرت أنا نفسي  بموقف صعب جدا بحيث لم أتمكن سوى أن أتلعثم ببضع عبارات اعتذار غير مترابطة حاولت فيها عذر نفسي من خلال الألحاح على قلقي حيال صديقي
- المسألة لن تحتمل مناقشة .
قال بفظاظة وأكمل : فقد قمت بتدخل مشين جدا في خصوصية عائلتنا، لقد كنت هنا كضيف وها قد أصبحت جاسوسا، وليس لدي شيء أخر لاقوله يا
سيدي سوى أنه ليست لدي رغبة أبداً برؤيتك ثانية .
هنا فقدت أعصابي يا سيد هولز وتكلمت بشيء من الشدة : لقد رأيت ابنك وأنا مقتنع بأنك تخفيه عن العالم لسبب ما يخصك ، ليس لدي فكرة عن
دوافعك في عزله بهذه الطريقة لكنني متأكد أنه ليس حرا، أحذرك أيها الكولونيل إمسوورث بأنني لن أكف عن بذل جهودي لأصل إلى نهاية اللغز قبل أن أطمئن إلى سلامة صديقي وسعادته ولن أسمح بالتأكيد لنفسي بأن أخاف من أي شي، ربما تقوله أو تفعله
بدا الرجل العجوز شيطانياً وظننت حقاً أنه كان على وشك أن يهاجمني، فقد قلت إنه كان عملاقاً عجوزاً قاسياً كالحاً ورغم أنني غير ضعيف البنية فإنني وجدت أنه من الصعب ربما أن أتحمل التصدي له، لكنه - وبعد نظرة حنق طويلة - استدار على عقبيه وسار مغادراً الغرفة ، ومن جهتي أخذت القطار المحدد في الصباح مع النية الكاملة بالقدوم مباشرة إليك وطلب نصيحتك ومساعدتك في الموعد الذي كتبت لك مسبقاً لتحديده.
تلك كانت المشكلة التي وضعها زائري أمامي، إنها تطرح - مثلما سيكون قد أدرك مسبقا القارئ الفطن - عدة صعوبات في حلها لأن خياراً محدوداً جداً من البدائل يصل إلى جذر المسألة، ورغم كونها ما تزال أولية إلا أنه كانت هناك نقاط مثيرة للاهتمام حيالها قد
تعفيني من تدوينها، باشرت الآن مستخدما طريقتي المألوفة في التحليل المنطقي لأحصر الحلول الممكنة.
"الخدم" سألت :  كم كان عددهم في المنزل؟
- أغلب ما أظنه أنه هناك فقط كبير الخدم العجوز وزوجته، لقد بدا أنهم يعيشون بابسط أسلوب .
- إذا لم يكن هناك أي خادم في المنزل المنفصل .
- أبداً ما لم يكن الرجل الصغير ذو اللحية يعمل هكذا، لكنه بدا شخص أعلى رتبة .
- يبدو ذلك موحياً جداً، أكانت لديك أية إشارة بأن الطعام كان ينقل من منزل إلى المنزل الأخر ؟ .
- بما أنك أشرت لذلك فقد رأيت رالف العجوز حاملا سلة في ممر الحديقة وذاهباً بأتجاه هذا المنزل ، لم تخطر لي فكرة الطعام في حينها .
- هل أجريت أية تحريات محلية .
- نعم لقد فعلت ، تحدثت إلى رئيس المحطة وأيضاً إلى صاحب الخان في القرية ، ببساطة سألتهما إن كانا يعلمان أي شيء عن رفيقي القديم غودفري إمسوورث، وكلاهما أكد لي انه قد ذهب برحلة بحرية حول العالم ، لقد أتي إلى البيت وأقلع ثانية في الحال تقريباً ، من الواضح أن القصة مقبولة على مستوى عمومي.
- لم تقل شيئاً عن شكوكك؟ .
- لا شيء .
- كان ذلك حكيماً جداً، مؤكد أنه يجب التحقيق في القضية ، سأعود معك إلى توكسبوري أولد بارك .
- اليوم ؟
تصادف أنني كنت في ذلك الوقت أوضح القضية التي وصفها صديقي واتسون بقضية مدرسة أبيي والتي كان دوق غراي مينستر متورطا فيها إلى حد بعيد ، كانت لدي أيضاً مهمة من سلطان تركيا تتطلب عملا فورياً لأن تداعيات سياسية من أخطر الأنواع قد تنشأ من إهمالها ، لذلك لم أكن قادرا على البدء بمهمتي إلى بيدفورشاير برفقة السيد جيمس حتى بداية الأسبوع التالي حسب مفكرتي ، وفي طريقنا إلى أوستون أخذنا معنا سيداً رصيناً قليل الكلام ذا هيئة مائلة للشيب كنت قد نسقت معه الترتيبات الضرورية .
”هذا صديق قديم، قلت لجيمس :  من المحتمل أن يكون حضوره غير ضروري نهائياً ومن
جهة أخرى قد يكون جوهرياً ، من غير الضروري في المرحلة الراهنة أن نخوض أكثر في هذه
المسألة .
لا شك أن روايات واتسون قد عودت القارئ على حقيقة أنني لا أهدر كلماتي أو أكشف أفكاري طالما أن القضية قيد النظر فعلياً. بدا جيمس مندهشا لكن لم يتم قول المزيد وتابعنا ثلاثتنا رحلتنا سوية ، وفي القطار سألت جيمس سؤالا إضافياً واحداً رغبت أن يسمعه مرافقنا :
- تقول إنك رأيت وجه صديقك بوضوح تام عند النافذة بوضوح شديد بحيث إنك متأكد من هويته؟ .
- ليس لدي أي شك بذلك إطلاقاً ، كان أنفه منضغطاً على الزجاج ، وقد سطع ضوء المصباح بالكامل عليه .
- ألا يمكن أن يكون شخصاً ما يشبهه؟ .
- لا لا لقد كان هو .
-لكنك تقول إنه كان متغيراً .
- فقط في اللون، كان وجهه - كيف لي أن أصفه ، كان ببياض بطن السمك ، لقد كان مبيضاً .
- هل كان كله شاحباً بنفس المقدار .
- لا أظن ذلك ، ما رأيته بوضوح تام كان جبينه لأنه كان منضغطاً على النافذة .
- هل ناديته ؟ .
  - كنت مذهولاً ومرعوباً بشدة في تلك اللحظة، ومن ثم لاحقته - مثلما أخبرتك - لكن دون نتيجة
كانت قضيتي مكتملة عملياً ولم تكن بحاجة إلا لحادثة صغيرة فقط لاستكمالها ، وعندما وصلنا - بعد رحلة طويلة بالعربة - إلى المنزل المتشعب القديم الغريب الذي كان قد وصفه زبوني . كان رالف - كبير الخدم العجوز - هو من فتح الباب، كنت قد استأجرت العربة طوال اليوم وطلبت من صديقي المُسن أن يبقى داخلها ما لم نقم بدعوته ، كان رالف - الذي هو شخص عجوز ذو بشرة مجعدة قليلاً - في الزي التقليدي ذي المعطف الأسود والبنطال الأبيض والأسود مع أمر واحد غريب مختلف ، فقد كان يرتدي قفازات جلدية بُنية اللون
خلعها على التو لدى رؤيتنا واضعاً إياها على طاولة الصالة عندما عبرنا إلى الداخل لدي - مثلما قد أشار صديقي واتسون ربما - مجموعة حواس حادة على نحو غير طبيعي وكانت هناك رائحة واضحة ضعيفة لكنها حادة بدا أنها تتركز على طاولة الصالة ،
استدرت ووضعت قبعتي هناك وأوقعتها وانحنيت لالتقاطها وتعمدت أن أضع أنفي على بعد قدم من القفازات ، نعم بلا شك كانت رائحة القطران الغريبة تلك تتسرب منها عبرتُ إلى غرفة المكتب وقضيتي مكتملة من المؤسف أنه علي أن أظهر أوراقي هكذا عندما أخبر قصتي الخاصة فبإخفاء روابط كهذه في السلسلة كان واتسون قادراً على انتاج خواتمه المبهرجة .
لم يكن الكولونيل إمسوورث في غرفته لكنه أتى بما يكفي من السرعة لدى تلقيه رسالة رالف ، سمِعنا وقع خطواته الثقيلة السريعة في الممر ، فتح الباب بقوة واندفع داخلاً بلحية شعثاء وملامح ملتوية كأكثر رجل عجوز رعباً أراه في حياتي ، حمل بطاقاتنا بيده ومزقها
وداس على القطع الممزقة بقدمه.
- ألم أخبرك أيها الفضولي الملعون بأنك مطرود من المبني ومحيطه؟ لا تتجرأ أبداً على إظهار وجهك اللعين هنا ثانية ، وإذا دخلت ثانية دون إذني سأكون ضمن صلاحياتي إن استخدمت العنف ، سأطلق النار عليك أيها السيد! أقسم بالله أنني سأفعل؛ أما بالنسبة إليك يا سيدي ملتفتاً إليِّ فإنني أشملك بالتحذير نفسه ، فأنا على علم بمهنتك الدنيئة لكن عليك
أن تأخذ مواهبك ذائعة الصيت إلى مجال آخر، إذ لا مجال لها هنا.
"لا أستطيع مغادرة هذا المكان" قال زبوني بحزم "حتى أسمع من شفتي غودفري بالذات
أنه ليس تحت أي قيد.
قرع مضيفنا الفاقد أعصابه الجرس.
قال :  رالف اتصل بشرطة البلدة واطلب من المفتش أن يرسل شرطيَّين ، أخبره أن هناك
لصوصاً في المنزل.
لحظة قلت :  يجب أن تعي يا سيد جيمس أن الكولونيل إمسوورث يتصرف ضمن حقوقه
وليس لنا أي وضع قانوني داخل منزله، ومن ناحية أخرى عليه أن يدرك أن تصرفك مدفوع
كليا بالحرص على ابنه ، إنني أتجرأ على الأمل بأنه لو سمح لي بمحادثة لخمس دقائق مع الكولونيل إمسوورث فإنَ بإمكاني بالتأكيد تغيير نظرته إلى القضية .
- أنا لست سهل التغير كثيراً . قال الجندي العجوز ثم أكمل :
رالف قم بما أخبرتك به ، ما الذي
تنتظره بحق الشيطان؟ اتصل بالشرطة .
***********************************

الجندي المتبيض '' THE BlANCHED SOLDIER ''Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu