Chapter five

308 25 0
                                    


كان هناك شيء صادم حيال الرجل يا سيد هولمز، لم يكن الأمر هو مجرد ذلك الوجه الذي يومض ببياض مثل بياض الجبن في الظلام , بل كان شيئا أكثر خبثاً من ذلك شيئاً يتسلل خلسة؛ شيئاً ماكراً؛ شيئاً مذنباً؛ شيئاً لا يشبه أبدا الفتى الرجولي الصريح
الذي عرفته، لقد ترك في ذهني شعوراً بالرعب
لكن عندما يتحارب رجل لعام أو اثنين مع أخوة بويريين كنِدًِّ لهم فإنه يحافظ على أعصابه
ويتصرف بسرعة ، كان غودفري بالكاد قد اختفى عندما كنت عند النافذة ، كان هناك مزلاج
مربك إذ احتجت لبضع الوقت لأتمكن من قذفه إلى الأعلى، وبعد ذلك عبرت من خلالها سريعاً
وركضت في ممر الحديقة في الاتجاه الذي اعتقدت أنه ربما اتخذه ، كان ممراً طويلاً ولم يكن الضوء جيداً جداً لكن بدا لي أن شيئاً ما يتحرك أمامي
ركضت وصحت باسمه لكن ذلك كان عديم الفائدة، وحين وصلت إلى نهاية الممر كانت هناك
عدة ممرات أخرى تتفرع في اتجاهات مختلفة تفضي إلى مبان خارجية، وقفت متردداً وعندها
سمعت بوضوح صوت إغلاق باب، لم يكن ذلك خلفي في المنزل بل أمامي في مكان ما في الظلام
كان ذلك كافياً يا سيد هولمز  لأتأكد بأن ما رأيته لم يكن رؤيا، فقد هرب غودفري مني وأوصد
باباً خلفه ، وأنا متأكد من هذا .
لم يكن بوسعي فعل أكثر من ذلك ، وأمضيت ليلة عصيبة مقلبا المسألة في رأسي ومحاولاً
العثور على نظرية ما بإمكانها تغطية الحقائق التي جرت ، وفي اليوم التالي وجدت الكولونيل
أكثر مسالمة نوعاً ما وعندما أشارت زوجته إلى أن هناك بعض الأماكن المثيرة للاهتمام في
الجوار فانها أعطتني مجالا لأسأل فيما إذا كان وجودي لليلة اخرى قد يزعجهم، منحني قبول
الرجل العجوز على مضض يوماً كاملاً لأقوم بمشاهداتي خلاله، فقد كنت مقتنعاً تماماً مسبقاً بأن غودفري مختبئ في مكان قريب ما لكن ما تبقى عليّ حله هو أين ولماذا . كان المنزل كبيراً جداً ومتشعباً جداً بحيث يمكن لقوام فوج أن يختبئ فيه دون أن
يكتشفه أحد، وإذا كان السر موضوعاً هناك فمن الصعب علي أن أنفذ إليه، لكن الباب الذي سمعته يغلق لم يكن في المنزل بالتأكيد، لذا يتوجب علي أن أستكشف الحديقة وأرى ماذا بإمكاني أن أجد ، لم تكن هناك أية صعوبة في الطريق لأن الشخصين العجوزين كانا مشغولين بمشاغلهما الخاصة وتركاني لحيَلي الخاصة.
كانت هناك عدة مبان خارجية صغيرة لكن كان في نهاية الحديقة مبنى منفصل ذو حجم ما كبير بما يكفي لإقامة بستاني أو حارس ، أيمكن لهذا المبنى أن يكون المكان الذي أتى منه صوت إغلاق الباب؟ دنوت منه بطريقة لا مبالية وكأنني أتنزه في أرجاء الأرض دون هدف محدّد ، وحالما فعلت ذلك خرج من الباب رجل صغير رشيق ملتح يرتدي معطفا أسود وقبعة
بولر وليس من صنف البستاني على الإطلاق، لدهشتي أقفل الباب وراءه ووضع المفتاح في جيبه، وبعد ذلك نظر إلي بشيء من الدهشة على وجهه .
-  هل أنت زائر هنا؟ سأل.
أوضحت له أنني كذلك وأنني صديق غودفري وقلت :
- مؤسف أن يكون بعيداً في أسفاره لأنه كان سيُسَر كثيراً لرؤيتي .
-  تماماً بالضبط . قال بجو مفعم بالذنب نوعاً ما ثم تابع :
- ولا شك أنك ستجدد زيارتك في وقت أكثر ملائمة . تابع مسيره لكنني عندما استدرت لاحظت أنه كان واقفاً يراقبني نصف متخفِّ بأشجار الغار عند الطرف البعيد للحديقة ، ألقيت نظرة جيدة على المنزل الصغير عندما مررت به لكن كانت النوافذ مغطاة تماماً بالستائر وكان خالياً حسبما يمكن للمرء أن يرى. ربما أُفسد لعبتي وأؤمر حتى بمغادرة المكان لو كنت جسوراً أكثر من اللازم لأنني كنت ما أزال منتبهاً إلى أنني تحت المراقبة لذلك تمشيت عائداً إلى المنزل وانتظرت حلول الليل قبل أن أتابع تحرياتي ، وعندما كان كل شيء مظلماً وهادئاً تسللت خارجاً من نافذتي واتخذت طريقي إلى الكوخ الغامض بكل ما يمكن من الصمت . قلت إنه كان مغطى تماماً بالستائر لكنني اكتشفت الآن أن النوافذ كانت مغلقة بألواح خشبية
أيضاً، لكن بعض الضوء كان يتسلل عبر أحدها لذلك ركزت انتباهي على هذا وكنت محظوظاً لأن الستارة لم تكن مغلقة تماماً وكان هناك شق في المصراع الخشبي بحيث تمكنت من رؤية داخل الغرفة ، لقد كانت مكانا مبهجا بما يكفي ففيه مصباح مضيء ، ونار متقدة وقبالتي كان يجلس الرجل الصغير الذي رأيته في الصباح، كان يدخن غليوناً ويقرأ جريده
- أية جريدة؟" سألت.
بدا زبوني منزعجاً لمقاطعتي روايته.
- هل يمكن أن يؤثر هذا؟" سأل
- إنه أمر شديد الجوهرية . قلت
- حقاً لم أنتبه لها.
- ربما لاحظت فيما إذا كانت جريدة ذات أوراق عريضة أو من ذلك النوع الأصفر الذي
يربطه المرء بالمجلات الأسبوعية .
- بما أنك قد أشرت للأمر فإنها لم تكن كبيرة، ربما كانت مجلة سبيكتيتور، على كل حال لم أصرف إلا القليل من الانتباه على تفاصيل كهذه لأن رجلاً ثانياً كان جالساً وظهره إلى النافذة وأستطيع أن أقسِم أن هذا الرجل الثاني كان غودفري، لم أتمكن من رؤية وجهه لكنني تعرفت على الانحدار المألوف لكتفيه، كان متكئاً على مرفقه بوضعية توحي بكآبة كبيرة
وجسمه متجه نحو النار. كنت متردداً حيال ما علي فعله عندما شعرت بنقرة حادة على كتفي وكان الكولونيل إمسوورث بجانبي
من هنا يا سيدي؟ قال بصوت منخفض. سار بصمت إلى المنزل ولحقت به إلى غرفة نومي، وكان قد التقط جدول مواعيد من الصالة .

الجندي المتبيض '' THE BlANCHED SOLDIER ''حيث تعيش القصص. اكتشف الآن