الحلقة الخامسة والثلاثون

8.2K 99 1
                                    





الحلقة الخامسة والثلاثون


بعد مرور عدة ايام قارب فيها ادهم على الشفاء فأصبح اقوى قليلا وذلك بعد الالتزام بتعليمات سلمى الصارمة والتي كان ينفذهابكل حب واحترام لتلك القطة الوديعة الهادئة والتي سرعان ما تتحول لنمرة شرسة عند غضبها أما فاطمة فقد اتصلت بهم لتخبرهم بوصول الحفيد الاول الذكري لتلك العائلة (آسر مدحت )ابن نجلاء ففرحوا جميعا بذلك ...
اما سلمى برغم البرود التي كانت تظهره أمام الجميع الا انها كانت تعاني صراعا داخليا قويا فهناك شيء ما يجذبها لادهم بقوة وكأن بينهما رباط قوي يربطهما معا وهناك شيئا اخر يذكرها بما حدث لها من زواجها الاول من طبيب وكيف عانت منه وكادت تفقد حياتها وحياة ابنتها بسببه ...تخبط ..تخبط هو شعور سلمى الداخلي .
اما هدى فلاول مرة في حياتها تشعر بالسعادة لانها تعيش الان مع بابا وماما مثل كل الاطفال لاول مرة في حياتها تجرب شعور الاسرة المتكاملة ...
واما عبد العزيز فكان يشعر بأدهم ويعلم جيدا ان سلمى امتلكت قلبه ومشاعره ولكن ما آلم قلبه هو انه كان يشعر بتخبط سلمى فكر جديا ان يتحدث اليها ولكن على أي اساس سيفاتحها في الموضوع لابد وان ينتظر حتى يأخذ ادهم الخطوة الاولى لعلها تستمع اليه والى قلبها ...
في الصباح دلفت سلمى لادهم مع عبد العزيز فهي لا تدخل غرفته الا مع والدها
سلمى بابتسامة :
_صباح الخير يا دكتور ادهم
ادهم بابتسامة مماثلة :
_صباح الخير يا استاذة
عبد العزيز :
_ازيك دلوقتي يابني
ادهم :
_الحمد لله يا عمي بقيت كويس واقدر ارجع بيتي بقى
سلمى بمكر :
_يااه للدرجة دي مش طايق القعدة مع هدى
هدى بحزن :
_كدة يا بابا عاوز تسيبني ..هو انت معنتش بتحبني
فنظر ادهم لسلمى بعتاب ثم وجه نظره لهدى هاتفا :
_لا ياهدى والله بحبك بس ...
سلمى مقاطعة :
_لو بتحبها تصبر شوية كمان لحد ما نطمن عليك
ادهم :
_واضح انك عارفة ازاي تستغلي نقطة ضعفي كويس قوي
سلمى بابتسامة :
_دي شغلتي ولا نسيت اني محامية يا ادهم
فتوترت وسارعت تهتف بارتباك :
_اسفة قصدي يا دكتور ادهم
ادهم :
_والله ادهم كويسة قوي من غير دكتور ..انا ممكن اغيرها لو تحبي
فضحكت سلمى بخجل وهتفت بمرح :
_يبقى تبطل انت كمان استاذة دي
كان عبد العزيز يتابع حوارهما معا ومرحهما مع هدى برضا وقلب يدعو الله ان يجمع قلبيهما في اقرب وقت حتى جاءت الخادمة لتعلمهم بقدوم الدكتور حازم لمتابعة ادهم فاسرع عبد العزيز لاستقباله في حين تناولت هي صينية الفطور من الخادمة ووضعتها بجانب ادهم هاتفة :
_يالا علشان تاكل قبل ميعاد العلاج
ادهم بمكر :
_قصدك الحقن
سلمى بضيق :
_مش بحب اسمع الكلمة دي
ادهم :
_انا اسف
سلمى :
_ولا يهمك
فبدأ بتناول طعامه حتى دخل حازم ليتابعه والذي اراد مشاكسته لانه كان يرى حبه الواضح لسلمى في عينيه :
_صباح الخير يا مدام سلمى ...اخبارك ايه ياكبير
ادهم بحنق :
_ايه كبير دي يا حازم احنا رجالة عصابات ولا ايه ؟
حازم ضاحكا :
_خلاص ولا يهمك يابرنس
فضحكت سلمى على مرحهما ولكنها توقفت عن الضحك وهي ترى نظرات ادهم الغاضبة فأرادت الخروج ولكن ناداها حازم هاتفا ليثير غضب العاشق :
_استني من فضلك ..انا كنت عاوز اعرفك مواعيد الدوا الجديد
فانتبهت اليه سلمى وهو يخبرها عن الادوية الجديدة حتى انتهى فهتفت :
_اهم حاجة ان مفيش حقن مش كدة
حازم :
_للاسف لا فيه بس نوع تاني اخف شوية
سلمى بضيق :
_ليه بقى ما هو اتحسن وبقى كويس
حازم :
_لازم نقضي على الميكروب بقوة والا هيرجع اقوى من الاول بس متخافيش مش هتوجعه زي الاولى
سلمى بهمس (وصل لادهم ):
_اتمنى
حازم :
_نعم !!
سلمى :
_لا ابدا ولا حاجة عن اذنكم
حازم :
_معلش هتقل عليكي شوية كمان ممكن تساعديني
سلمى :
_في ايه بالظبط ؟
حازم بمشاكسة لا يعلم انه سيدفع ثمنها غالي :
_اقنعيه لانه كل مرة يعمل نفسه طفل ولازم نتحايل عليه شوية
سلمى بعدم فهم :
_نعم !! اقنعه بايه ؟
حازم :
_بالعلاج طبعا
فنظرت سلمى لادهم نظرة فهمها جيد فهمس لنفسه (وديني وما اعبد لهوريك يا حازم )واسرع مدافعا عن نفسه :
_لا انا مش معترض على العلاج انا اعتراضي عليه هو ..ايده ثقيلة قوي
فضحكت سلمى على تذمره الذي يشبه الاطفال كثيرا هاتفة :
_طب والحل
ادهم برجاء :
_اكرم ارحم هاتولي اكرم
حازم ضاحكا :
_كان على عيني يا حبيبي اكرم عنده حالة طارئة ومقدرش يجي
ادهم بحزن :
_اه يعني مفيش قدامي غيرك
حازم غامزا له :
_مضطر يا برنس ..استاذة سلمى من فضلك جهزيه
ادهم بغضب :
_حازم
حازم :
_يا عم اهدى دي كلها شكة دبوس
ادهم وقد قارب على التحول ليفتك بحازم :
_انا مش بهزر دلوقتي
فاتجهت سلمى اليه وجلست امامه على الفراش وبتردد واضح امسكت يده فالتفت اليها وهو غاضب ويكاد ينفجر لكنها عندما نظرت لعينيه وجدتها تعود لهدوئها وخضارها الهادئ تاهت فيهما وشعرت كمن يسحبها في دوامة فيهما بل تكاد تقسم انها سمعته يتحدث اليها عن طريقهما سمعتها منه بوضوح اذاب عظامها (بحبك ياسلمى )ولكن الاكثر عجبا انها لم تتوارى عنهما بل قابلت نظراته بنظرات حيرتها وترددها ففهما ولكن رسالته لعينيها ابدا لم تتغير فظلت كما هي تسمعها تتردد من عيناه وتجوب جوانب عقلها (بحبك ياسلمى ) لوهلة شعر ادهم انها تبادله مشاعره بل شعر انها على وشك الاعتراف له حتى انتفض كلاهما على صوت حازم :
_ادددددهم ..خلاص خلصت يابرنس شوفت بقى ايدي طلعت خفيفة اخيرا وما حستش بحاجة والعرق مهربش زي كل مرة
زفر ادهم بضيق وهو يهمس لنفسه (خلصت روحك يا بعيد ..بس اقوملك يا حازم وربنا ما انا عاتقك )واسرعت سلمى بالخروج تريد لملمة اعصابها التي بعثرها ادهم بنظراته ومحاولة تمالك نفسها من جديد اما عبد العزيز المتابع لكل مايحدث استأذن منهم وخرج تارك ادهم مع حازم بمفردهم
ادهم :
_حازم بطني بتوجعني قوي
حازم بجدية وهو يقترب منه :
_فين وريني كدة ؟
وبمجرد ان اقترب حتى هجم عليه ادهم جاذبا اياه من قبة قميصه ومسددا له عدة لكمات كان يحاول حازم تفاديها وهو يهتف به :
_يعني يوم ما تفوق تستقوى على مخاليق ربنا ..يا عم اوعى
ادهم بغل :
_ده انا هقتلك النهاردة واخلص منك
ونظرا لضعف قوى ادهم الذي لم يستعيدها كاملة استطاع حازم الهرب من تحت يديه وهو يهتف :
_كل ده ليه ها ؟انت بتحبها وواضح جدا كان لازم اثبتلك انها كمان بتحبك عشان تاخد خطوة بقى ..اشمعنى انا يعني اللي اتحبس لوحدي لازم تتحبس زيي
زفر ادهم بضيق وهو يضطجع على الفراش هاتفا :
_مش عارف يا حازم سلمى متعقدة من الدكاترة وممكن ترفض للسبب ده
حازم بجديه :
_اسمع كلامي ومتعلقش نفسك على الفاضي اطلب ايدها وافقت خير وبركة موافقتش خلاص ابعد ومتوجعش قلبك زيادة
ادهم بألم :
_خايف ترفض وتبعدني عن حياتها وعن هدى
حازم وهو يربت على كتفه :
_انا واثق ان ربنا مش هيخذلك وخلي بالك ان الحاج عبد العزيز بيحبك واكيد هيساعدك
ادهم بتردد :
_تفتكر
حازم :
_ايوة اتوكل على الله وخد خطوة قبل ما حد يسبقك وياخدها منك
شرد ادهم مفكرا قليلا ولم يشعر بحازم الذي تركه وخرج وظل هكذا لبعض الوقت حتى انتبه على عبد العزيز الذي دخل اليه ليطمئن عن احواله
ادهم الذي حسم امره اخيرا :
_عمي انا طالب ايد بنت حضرتك
عبد العزيز بتعجب :
_كدة على طول من غير مقدمات
ادهم :
_انا بقالي هنا فترة كبيرة واظن حضرتك تعرف عني كل حاجة واتعرفت على والدي كمان وانا عارف كل حاجة عن سلمى يبقى ايه المانع
عبد العزيز :
_طيب اصبر لما تخف الاول
ادهم :
_موافقتك هي اللي هتخليني اخف
عبد العزيز :
_ربنا يقدم اللي فيه الخير ..سبني شوية امهد لسلمى واشوف رايها بس خليك فاكر انها لسة متأثرة بالماضي يعني ممكن تخاف
ادهم :
_عارف بس انا اوعد حضرتك انها هتنساه بكل اللي حصل فيه ان شاء الله
عبد العزيز :
_ربنا يقدم اللي فيه الخير ..بالمنسبة احنا كلنا بكرة ان شاء الله هنروح لنجلاء بيتها واكيد انت معانا
ادهم :
_اه ان شاء الله انا بقيت كويس واقدر اسوق
عبد العزيز :
_لا تسوق ايه انت هتيجي معانا
ادهم :
_ياعمي ..
قاطعته هدى وهي تركض له قافزة على الفراش بجواره هاتفة وهي تلهث :
_بابا انا مش عاوزة قول لها لا عشان خاطري
ضمها ادهم لصدره محاولا تهدئتها هاتفا :
_طب اهدي وفهميني في ايه ؟
هدى :
_دادة كريمة عاوزة تديني الدوا اللي طعمه وحش قولها بلاش يابابا
هنا دخلت كريمة هاتفة :
_يا لا يا هدى بلاش دلع
ادهم :
_ايه الدوا ده يا دادة ؟
كريمة :
_ده الفيتامينات اللي حضرتك كاتبهولها يا دكتور
ادهم :
_اه طيب هاتيه وانا هتصرف
هدى وهو تخبء وجهها في صدره :
_ارميه يا بابا طعمه وحش قوي
ادهم بحزن مصطنع :
_طيب خلاص هرميه واروح بيتي طالما انك مش بتسمعي كلامي
هدى بفزع :
_لالالا خلاص هاخده بس بلاش تسيبني تاني
فأعطاها ادهم الجرعة ونظر لوجهها فرأى ملامح الامتعاض تغزو وجهها فضحك على منظرها ثم سارع بدغدغتها لتعلو ضحكاتها عنان السماء بما اثلج قلب عبد العزيز وفكر انها ستكون وسيلة الضغط الرابحة في يده ان ابدت سلمى الرفض
************************************
في تلك الفترة كانت رقية تدور حول افكارها كانت تشعر بالاهانة من جديد فان يعرف الجميع مامرت به قديما شيء يمكن لها ان تتحمله ولكن ما لا يمكن تحمله هي نظرة الشفقة في عيون ابنائها كانت تسأل دوما نفسها لماذا تغيرت ياسمين فجأة واصبحت تقضي معها وقتا اطول ؟لماذا زاد اهتمام احمد المبالغ فيه بها ؟طبعا وما سيكون السبب سوى الشفقة على حالها الخادمة ..نعم امهم الخادمة
عند تلك الفكرة كانت تحطم كل ما تطاله يدها وهو تصرخ :
_لا مش خدامة ...انا مش خدامة
اندفعت ياسمين للغرفة فلم يكن احد بالمنزل غيرها فاحمد ومها في متابعتها الدورية وابراهيم في الشركة
حاولت جاهدة احتوائها ولكنها كانت تهذي بتلك العبارة مجددا حتى صرخت فيها ياسمين :
_قطع لسان اللي يقول عليكي كدة ..انت رقية هانم الرفاعي سيدة المجتمع الراقي ...زوجة اكبر رجل اعمال في مصر وام لاكبر جراح هنا وفي الوطن العربي كله وام لاكبر دكتور نفسي في مصر وام لمديرة شركات الرفاعي اكبر مجموعة شركات في البلد مين في مستواكي يا ماما محدش... انت اعلى وارفع قدرا من كل زميلاتك في النادي كلهم بيحسدوكي على وضعك ونفسهم يكون عندهم نص اللي عندك
هدأت رقية قليلا تنظر لها بدموع هامسة :
_مكنتش عاوزاكم تعرفوا وانزل من نظركوا
ياسمين وهي تسحبها معها للفراش :
_احنا بنتباهى بيكي يا ماما ولينا الفخر والعزة انك امنا وعمرك ابدا ما تنزلي من نظرنا ...طب تعرفي انا حكيت ليوسف على الموضوع كله عارف كان رده ايه ؟
رقية بحزن :
_حتى يوسف عرف
ياسمين متابعة :
_قالي يابختك يا ياسمين بوالدتك ويا بخت عمي ابراهيم بيها ...الست اللي تتحمل كل ده عشان ولادها وزوجها تبقى جوهرة نادرة مش أي حد يقدر ينولها ابدا ويابخته اللي تكون من نصيبه
رقية بتعجب :
_هو قالك كدة
ياسمين بتاكيد :
_اه والله يا ماما حتى نفسه يقرب منك اكتر وتعتبريه زينا لكن خايف يضايقك فبيحاول يبعد ...عارفة يا ماما انا بحمد ربنا الف مرة كل يوم على وجود يوسف في حياتي ...فرق معايا كتير حتى في نظرتي للحياة ...عارفة انا ليه مصممة انه ميغيرش سكرتيرته عشان ....
ثم انتبهت ان والدتها قد غرقت في نوم عميق كانت حرمت منه طوال الايام السابقة فتنهدت بحزن على حالها ودثرتها بالغطاء جيدا ثم خرجت من الغرفة وهي تقسم انها لن تسمح لاحد باهانتها مجددا ولو كان والدها فيكفيها ما فيها وما تحملته زمان ...
*******************************************
منذ ان انتهت متابعتها الدورية وهما في طريق العودة وكل منهما يلوذ بالصمت الذي اصبح مسيطر على جوانب حياتهما منذ تكلمت مها وسألت عن كلمات ابراهيم لرقية وما كان يقصده وصدها احمد صارخا انها امور تخصهم وانها لابد ان تتوقف عن التصرف كالاطفال وتعي لما يحدث حولها واخر المناقشة بينهما انه صرخ بها انه يشتاق لمها القديمة العاقلة الهادئة وليس تلك المجنونة الطفلة وهذا كان اكبر جرح لها فصمتت من يومها ولم تعد تحادثه كانت تنظر للنافذة بشرود تتذكر صمته هو الاخر منذ ذلك اليوم ولكن ما اثار ابتسامتها هو تذكرها ملامحه المصدومة منذ قليل والطبيبة تخبره ضاحكة ان الجنين وضعه كما في الاشعة كأنه ينام على ظهره واضعا كلا يديه خلف راسه واحدى اقدامه فوق الاخرى كمن يتابع التليفزيون وانفجرت ضاحكة واحمد ينظر لها برهه ثم يحول نظره للشاشة في غباء
اما احمد كان كمن يجلس على صفيح ساخن هو اراد شغلها عن كلام والديه فادعى الضيق والشجار معها لكنه يتمنى لو ترجع لوضعها وتحادثه وتركض وتضحك كما السابق لكنه انتبه لبسمتها وهي شاردة بعيد عنه فعلم حينها سبب ابتسامتها ولم يملك نفسه وانفجر ضاحكا على المشاغب القادم في الطريق هامسا لنفسه (ياجمال ايامك الجاية يا احمد والله اخرتك هتكون زميل لمرضاك في المستشفى على ايد العيلة دي )ثم انتبه لمحاولة مها هي الاخرى التحكم في ضحكها فهتف بضيق مصطنع :
_اضحكي ياختي ما انت وابنك خلتوني كتلة غباء قدام الدكتورة ..انا مش فاهم طفل ده ولا لاعيب كرة
فانفجرت مها ضاحكة هاتفة :
_وليه متقولش انها بنت وهتكون شبهي وهنقطع نفسك جري ورانا احنا الاتنين
احمد مدعيا البكاء :
_يا عيني عليا وعلى بختي هموت بالسكتة القلبية على ايدك انت وعيالك
فتعالت ضحكتها للسماء وشاركها احمد الضحك متمنيا الا تسال عن شيء فيكفيه والدته التي انعزلت عن الجميع في انتظار قراره النهائي
ترى ايهما سيختار احمد ؟
هل ستقبل سلمى ان تعيد التجربة مرة اخرى ؟
مارد فعل رقية على طلب ادهم الزواج من سلمى ؟
تابعوني في الحلقات القادمة باذن الله

قلب الرفاعيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن