الحلقة السادسة

ابدأ من البداية
                                    


اغلق الهاتف وفي قلبه دعاء صامت ان يكون اخيه الوحيد شريف بخير ....لا ليس اخيه بل ابنه البكري ولكنه افاق من شروده على يد احمد تربت على كتفه هاتفا :
_بابا مالك بقالي مدة بكلمك وانت مش معايا خالص في ايه ؟عمي شريف ماله ؟

ابراهيم بعد ان استعاد جزء من رشده :
_عمك تعبان وفي المستشفى من امبارح .... بسرعة يا بني غير هدومك عشان نلحق نروح لهم ...يا لا يا رقية

رقية بلا مبالاة :
_لا معلش انا مش جاية معاكم ....البيت اللي اتهانت واطردت منه مش هرجعه تاني

ابراهيم بغضب :
_مش وقته الكلام ده اخويا تعبان ولازم كلنا نكون جنبه ده اخويا الوحيد يا رقية

رقية بهدوء :
_ولو... بردوا مش هروح

وقبل ان ينفعل عليها غاضبا تحدثت ياسمين بهدوء هي الاخرى :
_ولا انا يا بابا ينفع اجي معاكم ..فيه صفقات المفروض هنمضيها الاسبوع ده غير باقي الشغل هيتعطل

فنظر اليها ذاهلا اتلك صغيرته الرقيقة صارت كقطعة من القطب الشمالي ولكنه تنبه لاحمد الذي كان قد غادرهم وابدل ملابسه سريعا وهو يستحثه على الاسراع هاتفا :
_بابا سيب ياسمين تتابع الشركة واهي ماما معاها هنا ولو احتاجت حاجة في الشغل تبقى تكلمك وخلينا احنا نلحق طريقنا

فلم يكن له من اختيار فاوما براسه واسرع لغرفته ليبدل ملابسه هو الاخر ويلحق بابنه الذي اسرع ليخرج سيارته من جراج الفيلا وهو يتمتم مع نفسه هامسا :
_والله يا ماما احسن حاجة عملتيها انك مش هتيجي ...مها اكيد نفسيتها تعبانة ومش حمل كلامك

ولكنه عاد من شروده على ركوب والده بجانبه وانطلقا الاثنان الى محافظة المنصورة
********************************
جالس على احد المقاعد امام غرفة العناية المركزة ولكن نظره وعقله لم يكن بمن يرقد خلف باب تلك الغرفة وانما بمن تجلس بجواره وهي تبكي بحرقه وقد تحولت ملامحها للذبول والشحوب الشديد فانخلع قلبه عليها فليست تلك هي مها تلك الشقية التي كانت تفقده عقله بضحكاتها الرنانة ولا مزاحها اللطيف معه
مايراها امامه الان مجرد صورة باهتة لفاتنة قلبه اخفض بصره عنها يتلاعب باصابعه وهو يتذكر لحظة وصولهم اليها واندفاعها لتلقي بنفسها بين يدي والده وهو يضمها بحنو مربتا على ظهرها ليبث بها الامان وهي تحكي عن حالة والدها الحرجة واحتياجه الشديد لجراحة عاجلة في القلب ولكنه يرفض اجرائها الا بعد التحدث الى اخيه الكبير ابراهيم لذلك سارعت بالاتصال بعمها عله يستطيع اقناعه

زفر احمد بضيق وهو يتذكر لحظة رؤيتها وكيف هوى قلبه اليها ولكن سرعان ما تبدلت مشاعره للغضب الاسود ووالده يحتضنها فكاد يفقد عقله وينتزعها من بين يدي والده ليسجنها بين ضلوعه فهذا مكانها الوحيد وليس لها مكان غيره ولكنه لملم شتات نفسه وحاول اغماض عينيه ثواني قليلة مع العد لعشرة في عقله ليستعيد هدوءه ولا مبالاته المعروف بها
وها هو يقبع بجانبها لاكثر من نصف ساعة ولم تنبس بحرف وهو ايضا يبدو كمن فقد النطق كلما حاول اخراج أي حرف خالفته الحروف ليتلعثم فيسارع بغلق شفتيه مجبرا وزافرا بضيق

*******************

اما ابراهيم فقد اسرع لغرفة اخيه مندفعا اليه ضاما له بين يديه برغم الاجهزة الموصلة بجسده والتي تصدر صوتا مزعجا رتيبا قبض قلبه

ابراهيم بشوق :
_شريف ...شريف مالك يا اخويا ؟ طمني عليك ..

فتح شريف عينيه بضعف ليجد نفسه بين يدي أخيه فرفع يديه ببطء ليربت على ظهر أخيه محاولا طمأنته وضمه بضعف
شريف بابتسامة متعبة وصوت هامس:
_إبراهيم......سامحني يا إبراهيم سامحني يا اخويا

إبراهيم بلهفة :
_متتعبش نفسك في الكلام يا شريف وانسى كل حاجة .....المهم صحتك وبس

شريف بضعف :
_سامحتني يا إبراهيم

إبراهيم بحب وشوق :
_مسامحك من زمان ....ياعبيط دا انت ابني يا شريف مش اخويا انا اللي مربيك على ايدي

شريف باكيا :
_.مها أمانة في رقبتك.... جوزها احمد يا إبراهيم ,هما بيحبوا بعض من زمان وأنا اللي وقفت في طريقهم بغبائي

إبراهيم دامع العينين :
_قوم يا شريف بالسلامة واعمل العملية وان شاء الله هنجوزهم احنا الاتنين مع بعض

شريف بأمل :
_يعني انت موافق ؟

إبراهيم بابتسامة باهتة :
_طبعا ...مها بنتي قبل ما تكون بنتك

شريف بلهفة مجهدة :
_هات المأذون يا إبراهيم عاوز أتوكل لمها قبل ما امو.....

إبراهيم مقاطعا :
_بعد الشر عليك متقولش كدة ...حاضر ساعة زمن ويكون كل شيء جاهز...بس اوعدني انكتعمل العملية

فأومأ شريف برأسه فقد أجهده الكلام كثيرا ,فخرج إبراهيم من الغرفة لتندفع إليه مهابلهفة :
_أقنعته يا عمي انه يعمل العملية

إبراهيم بهدوء :
_اسمعي يا بنتي ..انت عارفة ابوكي عندي وراسه ناشفة ازاي ..هو وافق بس بشرط

مها بأمل :
_أي حاجة هو عاوزها نعملها المهم انه يقوم بالسلامة

إبراهيم بقلق :
_هو بيقول عاوز يبقى وكيلك قبل ما يعمل العملية

مها بعدم فهم وهو تمسح دموعها :
_مش فاهمة يا عمي ..يعني ايه ؟

إبراهيم بتوتر خوفا من رفضها :
_بصراحة يا بنتي هو عاوز يكتب كتابك دلوقتي على احمد ابني

وهنا نظرت له مها بذهول وتلعثمت في الكلام فلم تستطيع أن تنطق بحرف من المفاجأةمحدثة نفسها (معقول ...حلم عمري المستحيل يتحقق بالبساطة دي .....طب أنا المفروضافرح وأوافق وبابا تعبان كدة ...ولا ارفض ...ولو رفضت بابا هيوافق على رفضي؟...واحمد ....)وعند ذكره التفتت اليه لتجده يتلعثم في الكلام هو الآخر مع والده

احمد بتوتر :
_بابا ..انت بتقول ايه ازاي نكتب كتابنا في الظروف دي ؟

إبراهيم بتعب :
_علشان خاطري يا احمد وافق ده طلب عمك ...حقق له رغبته ...أنا عارف انك بتحب مهامن زمان وبتتمنى ترتبط بيها ...كل أمنيتي انك توافق عمك على طلبه وتنزل تشوف مأذونحالا

نظر اليه احمد بتعجب أكان والده يعلم بحبه ؟!!!ولكن مهلا أيترجاه أما يعلم انهيكاد يفقد عقله من شدة فرحته التي يحاول السيطرة عليها بكل قوة

احمد بلهفة :
_حالا يا بابا هيكون كل شيء جاهز

وانطلق احمد ينفذ رغبة عمه ووالده وحلم عمره الذي كان يظنه مستحيل ولكن قدرة اللهفوق كل البشر فكان يلهث بالحمد والثناء لله لتحقيق أمنيته الوحيدة ...في الوقتالذي كانت فيه مها مشتتة أمعقول انه مازال يحبها لقد ظنت انه نسيها وتابع حياتهفحمدت الله في سرها على عطائه ونعمه ولهثت هي الأخرى بالدعاء أن يكمل الله نعمهعليها بشفاء والدها

************************

داخل الغرفة كانت مها تجلس بجانب أبيها مقبلة يديه فا ابتسم لها هامسا :
_خلاص يا مها ....هتجوزي وتروحي لعريسك وتسبيني

مها بدموع :
_عمري يا بابا ما هسيبك ...انا واحمد هنعيش معاك زي ما انت عاوز ...مش هسيبك ابدا

شريف بشبه ابتسامة :
_ماشي يا لمضة يعني مش هعرف اخلص منك ابدا

لتضحك مها دامعة :
_لا يا سي بابا مش هتعرف تخلص مني ابدا

ولم يمر سوى عدة ساعات قليلة حتى كان المأذون يجلس بجانب شريف الذي اخذ التعب منهمبلغه وعلى الجانب الآخر كان يجلس احمد واضعا يده بيد عمه لتنتهي الجلسة بدعاءالشيخ لهما
(اللهم بارك لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير )
لتصبح مها زوجة احمد ويطير قلب احمد بين ضلوعه مرفرفا ليبتسم له شريف مشيرا إليهبالاقتراب

شريف هامسا بتعب :
_احمد ...مها أمانة في رقبتك ...والله هي بتحبك بس أنا اللي وقفت في طريقكم يا بنيأنا عارف انك راجل واد المسئولية أوعدني تحافظ على الأمانة

احمد بابتسامة :
_متتعبش نفسك ياعمي ..ومتخفش على مها دي جوا قلبي وعيني والله

شريف برضا وارتياح :
_عارف يا بني عارف ..ربنا يبارك لك ...أنا كدة ارتحت واقدر اعمل العملية وأنا مطمن


ومر ذلك اليوم المرهق للجميع وفي صباح اليوم الثاني دخل شريف غرفة العمليات وانتظرالجميع بقلق وتوتر النتيجة ومع مرور الوقت فوجئ الجميع بشخص يدخل بلهفة عليهميسألهم عن حال شريف وهذا ما لم يكن في الحسبان ...

ما مصير شريف ؟
وما مصير مها مع احمد ؟
ومن الشخص المجهول ؟

كل ده هنعرفه الحلقة القادمة باذن الله

قلب الرفاعيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن