✍فاطمة هيرين والطريق إلى الإسلام
كانت فاطمة هيرين تتطلع إلى أن تُؤمن بمبدأ كامل تعتصم به, صراط مستقيم تضبط عليه كل حياتها؛ لذلك لم تستطع أن تقترب من الله حتى في وقت ركوعها في الكنيسة.

وفي عام 1957م قابلت فاطمة هيرين لأول مرَّة الرجل الذي كان من المقدَّر له أن يكون زوجها بعد سنتين من ذلك الحين، وكان ألمانيًّا مسلمًا حاصلاً على درجة الدكتوراه في الفلسفة.

وتقول فاطمة عنه: "كان رجلاً عاديًّا لا فرق بينه وبين أي رجل ألماني آخر؛ إلا أنه عندما أخبرني بأنه اعتنق الإسلام قبل سبع سنوات دُهشت إلى درجة كبيرة، جعلتني أتلهَّف إلى معرفة السبب الذي من أجله اختار رجل مثقف مثله هذا السبيل.

وأخذ زوجي يشرح لي معنى الإسلام، فقال: إن الله ليس رب المسلمين وحدهم، وإنما هذه الكلمة "الله" تُرادف معنى "الألوهية" عندنا، وأن المسلمين يُؤمنون بوحدانية الخالق المطلقة، وأنهم لا يعبدون نبيهم محمدًا صلى الله عليه وسلم، مثلما يفعل النصارى إذ يعبدون المسيح عيسى عليه السلام, وأن كلمة "الإسلام" معناها الإذعان الكامل لله الواحد الأحد.

وقال لي: إن جميع الكائنات وكل شيء مسلم بالضرورة من وجهة النظر الإسلامية؛ بمعنى أنهم لا بُدَّ أن يُذعنوا ويُسلموا لنواميس الله، فإن لم يفعلوا فهم مهدَّدون بالفناء.

وأضاف قائلاً: إنَّ الإنسان وحده -بصرف النظر عن إسلام بدنه طوعًا أوكرهًا- قد رزقه الله حرية الإرادة والاختيار؛ ليُقَرِّر ما إذا كان يُريد أن يكون مسلمًا في حياته الروحية والبدنية على السواء, فإن فعل ذلك وعاش وَفْق ما نصَّ عليه هذا القرار فإنه حينئذٍ يتصل بالله, وسيجد مع المخلوقات الأخرى الانسجام والسلام النفسي في الحياة الدنيا، كما سيلقى السعادة في الدار الآخرة.

أمَّا إذا تمرَّد على سنن الله المبيَّنة لنا بجلاء وروعة لا مثيل لها في القرآن الكريم، فإنه خاسر في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة"(5).

وتُضيف فاطمة حول ما اكتشفته عن الإسلام: "تعلمتُ من زوجي كذلك أن الإسلام ليس بالدين الجديد؛ إذ إنَّ القرآن في الحقيقة هو الكتاب الوحيد المنزَّه من كل زيغ أو شائبة، وهو آخر كتاب سماوي ضمن سلسلة طويلة من الكتب أبرزُها الوحي المنزل في التوراة والإنجيل.

وهكذا أشرقت أمام ناظري آفاق عالم جديد؛ فشرعتُ تحت توجيه زوجي بقراءة الكتب المعدودة المتوفِّرة عن الإسلام باللغة الألمانية, وأعني بها الكتب المعدودة المتوفِّرة من وجهة النظر الإسلامية, وكان من أهمها كتاب محمد أسد (الطريق إلى مكة)؛ فقد كان مصدر إلهام كبير بالنسبة لي.

وبعد زواجنا ببضعة أشهر تعلَّمتُ كيف أُقيم الصلاة باللغة العربية، كما تعلَّمتُ كيف أصوم، ودرستُ القرآن الكريم, كل ذلك قبل أن أعتنق الإسلام في عام 1960م.

قصص المسلمون الجددWhere stories live. Discover now