الفصل الثاني "تم التعديل"

771 43 10
                                    

#قبل أحداث الفصل الأول بيوم:

*منزل "واتسون":

ذلك المنزل الكبير كان هادئًا كعادته، ولكن في هذا اليوم كان هادئًا أكثر من اللّازم، مع بعض أصوات البكاء الرقيقة المزيّفة التي صَنعت للمجاملة حسًّا، وبعض الكلمات المعسولة للتعزية..
أجل، فاليوم قد تم توديع صاحب هذا المنزل..

السيد "بارون واتسون".. رجل أعمالٍ عاش يكافح من أجل الحفاظ على مكانته حتى فارق الحياة في سن يناهز السبعين...
رجلٌ كهذا كان يستحق جنازةً عريضةً يحضرها من يعرفه ومن لا يعرفه....

يقف في حديقة المنزل طابورٌ متواضعٌ يستقبل الضيوف...
كان كله عبارةً عن الخادم والسائق وبعض الأقارب من الجهة البعيدة...
لم يكن هناك أحدٌ من عائلة "بارون" الأصلية سوى ابنه ووريثه الوحيد..

"لوكاس واتسون".. فتى في الخامسة عشر من العمر، يمتلك بشرةً ناصعة البياض، وشعر أشقر مموج...
ملامحه طبيعيةٌ وهادئةٌ بالنسبة لشخصٍ فقد والده..
يرتدي بذلة سوداء أعطته سنًا أكبر من سنه، ونظّارة شمسية بنفس لون السترة تغطي عينيه بالكامل..
وعلى الرغم من أنه كان الأقرب للمتوفي إلا أنه كان يقف في منتصف الطابور وليس في أوله.

كما ذُكر فقد حضر الكثيرون العزاء، وامتلأت الحديقة بالغرابيب السود..
ولكن أحد الضيوف كان يستحق لقب غرابٍ وليس غرباب، ولو لم نذكره من قبل لكان هذا ظهوره الأول.

- مرحبًا سيد "زاك"، شكرًا على قدومك.
زاك 'بحزنٍ مصطنع': أقدم لكم تعازي الحارة.
- أشكرك سيّدي.

لم يكن هناك أي صلةٍ تربط بين "زاك" و "بارون" باستثناء أن السيد "بارون" بعد إصابته بأزمةٍ قلبيةٍ مفاجئةٍ قد تلقى العلاج في المستشفى التي يعمل فيها "زاك"..
وعلى الرغم من عدم وجود أي صلة فقد حضر "زاك" العزاء؛ فقط ليجذب أنظار الجميع إليه وهو يرتدي بذلةً سوداء فخمة..
وأيضًا كي يلقي نظرةً فضوليةً على أملاك رجل الأعمال المتوفي..

كان هذا كل ما يهتم به، ولم يكن يعرف أي شيءٍ عن المنزل لدرجة أنه لم يدرك أن الشخص الذي سلّم عليه عند دخوله كان الخادم وليس أحد أقرباء "بارون"..

سلّم على كل من يقف في الطابور إلى أن وصل إلى أصغر الواقفين...

زاك: أقدم تعازي الحاره.
انحنى "لوكاس" إلى الأمام قليلًا كتحيةٍ قائلًا: "شكرًا سيدي".
وأثناء رفعه من انحناءته سقطت نظّارته أرضًا تاركةً على وجه "زاك" تفاجُؤًا غريبًا...

فهذه كان أول مرةٍ يرى فيها عينان زرقاوتان براقتان.. من دون بؤبؤ عين... !
أجل.. فعينا "لوكاس" كانتا تفتقران إلى تلك البقعة السوداء الموجودة في المنتصف.. وهذا أمرٌ نادر.. ولكنهما أيضًا كانتا لا تريان إلا الظلام...

انحنى "لوكاس" كي يحضر نظارته ولكن "زاك" قد سبقه وألتقطها ثم أعطاه إياها.

لوكاس: أشكرك سيدي ما كان عليك أن تُتعب نفسك.
زاك 'بأبتسامةٍ مصطنعة': لا تقل هذا، تشرّفتُ بمعرفتك يا...
- لوكاس.
- "لوكاس"، اسمٌ أنيقُ ويدل على النُبل.
- هذا من ذوقك سيدي.

عميان البصيرة | "جاري التعديل.."Where stories live. Discover now