الفصل السادس والعشرون

Start bij het begin
                                    

أرفدت نور لذلك الفندق التي لم تعرف غيره ، فهو بالطبع ما خصص للوفد الأجنبي ، لم تجد نور امامها سواه لتمكث فيه وحجزت جناح لها بداخله ، وضع عامل الفندق حقيبتها ثم هدج للخارج واصدًا الباب خلفه ، جلست نور علي طرف الفراش ونكست رأسها للأسفل تاركة العنان لعبراتها في النزول تفريغًا لحزنها مما سمعته من اقرب رفيقة لها ، تعالت شهقاتها قليلاً مُبدية حزنها العميق لما يحدث معها هي ، لامت في نفسها ظروف حياتها التي جعلتها يتيمة ولم تجد من يكتنفها ويشعرها بالدفء الأمومي التي لم تنعم به مطلقًا ، فقد ظلت يتيمة رغم حنان والدها الفقيد لها ، لم يصبح حتمًا مثل الأم التي لها طابع خاص بها ، لم يعي احد مدي الوحدة التي كانت تشعر بها في ظل وجودها معهم،إلا انها لم تجد امامها سوا حبيبها الذي أختاره قلبها ليصبح بفضل والدها زوجًا لها ، شعرت حينها بامتلاك العالم من حولها ، رغم علمها في بادىء الأمر بعدم رغبته في الزواج منها ، لم تيأس حينها في التقرب إليه ، وما ازعجها بعد ذلك معرفته بهؤلاء الفتيات واستخفافه بوجودها ، ذلك الأمر جعلها تتدمر نفسيًا صارة حزنها في نفسها لتعمُدهم جميعًا التقليل منها غير مُدركين كم معاناتها ، ارتمت بظهرها علي الفراش ناظرة للأعلي زائغة في ومضات ذكرياتها يمر كشريط سينمائي امام عينيها ، منه أسعدها ومنه جعلها كالوحيدة الضائعة وسطهم،ظلت دموعها تنساب علي وجهها البرىء شاعرة باليُتم الحقيقي في هذا الوقت العصيب الذي يمر عليها ، كرهت وجودها للحظات من صديقة خانت عشرتهم من اجل شخص كان في يوم يعشقها ، لم تعلم نور بما تشعر به صديقتها من حب له ، ولكن ردة فعلها معها جعلتها تترك صداقاتهم خلفها بقسوة ؛ وزوج لم تنكر حبه لها حينما اضحت زوجته فعليًا ، ولكن تلك الهواجس تطاردها رغمًا عنها لتذكرها بماض زرع الشك فيها ، تنهدت نور بعمق كبير مُفرغة بعض الشحنات الحزينة والجاثية علي صدرها وتطبق علي انفاسها ، ثم اعتدلت مُحمسة نفسها علي البقاء من اجل من تحب ،زوجها حبيبها روحها ،لم تجد كلامًا يضاهي وصفه بداخل قلبها العاشق له ، نهضت نور عازمة علي التوجه للمرحاض لتنعم بحمام دافىء في المغطس يزيح بعض من همومها وتاركة ما ستناله لقدرها .......
_________________________

استلقي علي الفراش يفكر في حياته البائسة معها ، أغمض زين عينيه مفكرًا في ليلته معها أمس ، ابتسم عفويًا متمنيًا دوام السعادة بينهم ، ورغم زواجهم من فترة إلا أن اقترابه امس منها كان كالظمآن حين ارتوي ، شعر حينها بمدي افتقاده لها ، ولم يتخيل لحظة في ابتعادها عنه بإرادتها وتاركة تلك الظنون تتربص بها كأنها فريستها اللدودة ، شعر فجأة برغبته في الإطمئنان عليها واستوحش صوتها الذي ألهب مشاعره تجاهها ، وتوجس تمنيها تركه وضيقها من اقترابهم سويًا ، شعر بشئ ما بداخله جعله يرتاب من صوتها حين هاتفها ، تذبذبت أفكاره في حالتها الآن ، والزم نفسه كونها حبيبته وليست زوجته فقط بضرورة معرفة اخبارها ، ادار رأسه للجانب وجد هاتفه علي الكومود بجانب الفراش ، التقطه زين معتزمًا مهاتفة والده مخترعًا حجة ما للإطمئنان عليها ، جاء صوت والده المألوف له ، هتف زين بتردد :
- مساء الخير يا بابا .
رد فاضل مبتسمًا بود :
- مساء الخير يا ابني ، انتوا عاملين ايه ؟ .
اِنْزَوَت المسافة بين حاجبيه غير متفهمًا صيغة الجمع حين سأله عن حاله ، تضاربت افكاره في سؤاله الذي بات غامضًا له ، ولهذا تسائل زين بحذر :
- احنا مين يا بابا .
فاضل رافعًا حاجباه في تعجب :
- انتوا مين أزاي !، أنتي ومراتك يا حبيبي ، مش هي خدت شنطتها ورجعت العوامة .
صُدم زين من حديث والده عنها وأحتار في ذلك ، وتسائل هل  من الممكن لها العودة له وأين هي الآن ، فرد زين يريد انهاء حديثه قلقًا عليها ، زين بتردد :
- ايوة يا بابا ، اصل مستغرب انك بتسأل عليها وهي كانت لسه عندك .
فاضل بهدوء رزين :
- طيب يا حبيبي ، ربنا يسعدكم ان شاء الله ، تابع متذكرًا :
- وآه نسيت أقولك ، انا قولت لمالك يرجع يقعد هنا وهو وافق .
علي الفور وجد زين أجوبة أسئلته الغامضة ، فبالتأكيد تركت الفيلا بسبب ذلك الأمر ، ولكن هناك سؤال آخر إلي أين ذهبت ، تنهد بضيق وختم حديثه قائلاً بمعني :
- طيب يا بابا ، أسيبك أنا علشان ترتاح ، وانا كمان اغير هدومي.
انهي زين اتصاله معه ، ونهض سريعًا وهو يهتف بقلق جارف:
- يا تري انتي فين يا نور دلوقتي........
_________________________

((فَرِيسَة للمَاضِي)) ؛؛مكتملة؛؛ الجزء الثاني صغِيرة ولَكِن  Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu