الفصل الرابع والعشرون

Start from the beginning
                                    

دفع باب مكتبها بعنف وولج للداخل بوجه متشنج ، رفعت نور بصرها نحوه ونظرت له ببرود ، فهي تعلمه جيدًا ومدركة لقدومه هذا ، ولذلك تهيأت داخليًا لتلك المقابلة ، وتحدثت بجدية زائفة :
- مش تخبط قبل ما تدخل .
استمر زين في التقدم نحوها وهو محد إليها النظر ، فارتبكت نور منه وهتفت بتوتر :
- قول عايز ايه علي طول .
استند زين بكلتا يديه علي مكتبها ورد بضيق من بين اسنانه :
- تقصدي ايه باللي عملتيه ده ، انتي مفكره ان ليكي كلمة هنا ، تبقي بتحلمي .
اغتاظت نور من استخفافه بها ونهضت من مقعدها ونظرت له بتحدي وهتفت :
- انا ليا في الشركة دي ، ومن حقي ان ادخل في كل حاجة ، استأنفت ساخرة بمغزي :
- ولا انت كل اللي يهمك الشركة تبقي بتاعتك ، زي ما اتجوزتني زمان علشان كل حاجة بمتلكها .
جذبها من ذراعها لتقترب منه ورد بتهكم :
- هو دا اللي انتي بتفكري فيه ، مفكرتيش في حبي ، ولا لسه زي ما انتي غبية .
رمشت بعينيها قليلاً وردت بحزن داخلي شعر به زين :
- طول عمرك مفكرني ولا حاجة ، ودايمًا تهنيي ودايمًا تخوني ، تابعت وهي منفعلة وانفاسها تتصارع معها :
- علشان كدة انا لحد دلوقتي بشك فيك ، ولو حد قالي انك بتخوني هصدق .
زين ناظرًا اليها بعدم تصديق ، هتف بمعني :
- يااه يا نور ، قد كدة انتي شيفاني وحش ، وانا اللي فاكر اتجوزنا ونسينا اي حاجة وحشة قبل كدة ، وعلي اساس انك رجعتيلي ، واتجوزنا ، يعني انتي مبتحبنيش بقي .
صمتت نور وظلت تنظر إليه ، ولم ترد الإفصاح عما تشعر به الآن من حبها العميق له ، وذلك لإكمال خطتها التي وضعتها ، والتي لا تعلم نهايتها حتي الآن ، بينما استأنف زين بتنهيدة ذات معني وهو يبتسم داخليًا بسخرية :
- طيب يا نور انتي حرة ، انا جيت علشان انتي لسه صغيرة انك تمسكي الشغل ، او انك تمضي علي أي ورق ، وحتي مش هجبرك تحبيني ، وكل اللي انتي عوزاه انا هعمله .
ترك يدها والتفت تاركًا مكتبها وسط نظراتها التي تتابعه بألم ، دمعت عيناها عفويًا وقالت بصوت أشبه بالبكاء :
- لا يا زين ، انا بحبك قوي ، بس غصب عني اعمل كدة ، انا عايزة اتأكد من حبك انت ليا.......
______________________

وقفت سكرتيرة رودي امامهم تسرد ما اوصتها به سيدتها قبيل وفاتها ، وبادر معتز بتشغيل ذلك التسجيل الصوتي الخاص بحوار سامي وأمرأة بصحبته تدعي هايدي ، شعر بالهدوء لإحتوائه علي ما يثبت براءة زوجته ، ومعرفة شخصياتهم التي وضحت امامهم ، وعن كرم وجه بصرة للسيدة وسألها بجدية :
- هو بس التسجيل دا ولا فيه حاجة تانية .
وضعت السيدة أصبعها اسفل ذقنها محاولة التفكير فيما أخبرتها به رودي من معلومات مهمة ، ثم ردت رافعة حاجبيها بتذكر:
- ايوة يا سعادة البيه ، هي قالت ان هايدي دي قاتله في اسكندرية ، وقالتلي انها هربانة من مستشفي المجانين .
سألها معتز بملامح مقتطبة :
- وهي عرفت المعلومات دي منين ؟، متأكدة منها يعني .
السيدة مؤكدة بشدة :
- ايوة يا بيه ، الست رودي الله يرحمها كانت بتتجسس عليهم ساعات ، لانها كانت شاكة فيها ، اصلها طول عمرها شكاكة ، تابعت بتلعثم :
- قصد..قصدي يعني ما كنتش بتثق في اي حد بسهولة .
تسائل معتز بنبرة قوية :
- وقالتلك ايه تاني ؟ .
قطبت حاجبيها محاولة عصر مخها في تذكر المزيد ، وترقبها كل من معتز وكرم وانفاسهم متوقفة ، فهتفت بعدها بلهفة :
- ايوة يا بيه ، هي سمعت انها كانت قاتله قريب واحد ومراته ، بيتهيألي كدة أسمها ...ثريا ..وجوزها .
توقفت عن الحديث وتابعت بجهل :
- بس مش فاكرة اسم جوزها ، نسيته .
اومأ كرم رأسه بتفهم ، ثم ادارها تجاه معتز وهتف بمعني :
- المعلومات دي مفيدة قوي يا....
جثّ جملته حينما وجده متجمدًا موضعه وناظرًا امامه بشرود تام ، تعجب منه كرم وحدثه وهو ينكزه في كتفه :
- ايه يا معتز ، سرحان في ايه ؟ ، دا وقته .
التفت اليه معتز ورد بشرود ممزوج بجدية :
- هي هايدي اللي قتلت عمت مراتي وجوزها ، ايوة هي ، انا آخر مرة كلمتهم قالوا ان هايدي هربت وهي اللي خططت لموتهم .
كرم باهتمام وآذان صاغية :
- طيب هنعمل ايه ، دول زمانهم بيخططوا يهربوا ، دا ان ماكنوش هربوا فعلاً .
نهض معتز من مكانه وهتف بجدية شديدة :
- المداخل والمخارج عليها الامن ولا لأ .
رد كرم بعملية :
- لسه يا معتز ، احنا من بعد اللي حصل موقفين الكماين مكانهم .
معتز مومئاً رأسه بمعني هتف نبرة منزعجة :
- يبقي لازم نروح دلوقتي ، قبل الكلاب دول ما يهربوا.......
________________________

((فَرِيسَة للمَاضِي)) ؛؛مكتملة؛؛ الجزء الثاني صغِيرة ولَكِن  Where stories live. Discover now