الجزء18 : أريدك

16K 482 61
                                    

*سأدافع إلى آخر نفس ، سأحمي كل شيء جميل كان بيننا ، لن أتخلى عنك أبدا ، و إذا ما مللت مني و قررت الذهاب لأخرى ، فاعلم أنك حين تعود ستجد أحضان مفتوحة لاستقلابك ، مهما فعلت ، ستبقى ذلك الذي هدم أسوار كبريائي و جعلني أجثو أمامه بإرادتي، ستبقى من أعطيته من روحي ، فأنت نصفي الآخر.*

...........................

تريد الذهاب إليه ،و احتضانه ، إخباره أنها معه ، ستقف بجانبه حتى و إن كان ثمن ذلك أن تتخلى عن نفسها ، مستعدة أن تدخل عالمه الموحش ، تحس بما يحس ، تتقاسم آلامه و تداوي ما استطاعت منها، فلتكن له ، حتى و إن جافاها ، فقد صار عطره أوكسجينا لها ، نظراته القاتمة لها كالسم الشافي ، نعم أسبوع مكثت فيه بجانبه كان كافيا لتقع في المحظور ، عشقه،عشق جعلها تتخلى عن كل شيء و تعيش تحت سيطرته.

*************

يحمل بندقيته ، و يتسلل عبر الغابة ، ينظر لها بتمعن ، جميلة لكن لا مكان للجمال في عالمه ، ينحني على ركبة واحدة ، ثوان فتدوي طلقة نارية تردي الغزالة أرضا ، الطيور ترفرف مهتاجة للصوت العالي ، يمضي نحوها ، الحيوان غارق في دمه ، يبتسم برضا ، ثم يتجه للعودة إلى الكوخ في حين يحمل الحراس صيده.

*************

تجلس على الأريكة التي في الحديقة ، تراقب الجبال بتمعن ،و ابتاسمة ترتسم على محياها، لم تشعر يوما بهكذا متعة ، فقط تأمل هذا المنظر قد أدخل الفرحة إلى قلبها اليائس ، لكن تلك المتعة لم تطل ، فقد اختفت بسمتها حين رأته قادما نحوها ببنيته الصلبة تلك و بندقية في يده، وقف أمامها ليغطيها بظله ، يقول بصوته الخشن :
"لما أنت هنا ...ستمرضين...هيا أدخلي إلى الكوخ"
تقوم مستجيبة لأمره ، و يتبعها متفحصا قوامها البارز من خلال السروال الضيق الذي تضعه ، تتوجه نحو غرفتها و تقفل الباب ورائها لتستمع إلى نبضات قلبها
المتسارعة .

يأمرهم أن ينادوا عليها لتتغدى معه ،و يجلس منتظرا حضورها ، تقف أمامه بعد لحظات مرتجفة، لما عليها دائما أن تشعر بعدم ارتياحها معه ، فيقول بنفاذ صبر :
" اجلسي و كفي عن الارتجاف .. فأنا لست غولا .."
تزيح لها خادمة الكرسي ، فتجلس بارتباك، يقدم الغداء ، لحم الغزال ، يا إلهي كم أنها تكره هذا ، لطالما ظنت أن الغزال حيوان سام و شريف لا ينبغي اصطياده ، فتمتنع عن الأكل ، يرمقها بنظرات مستغربة، تحاول عدم النظر إليه و تضع السكين جانبا لتقول :
" أنا آسفة... لا أستطيع أن أتغدى ... "
تضيف حين تلاحظ تجهم ملامحه :
" لا يعجبني لحم الغزال ..."
ينادي الخادم و يأمره بإحضار طعام آخر ، في حين يكمل هو طبقه ، تصرفه هذا الذي اعتبرته لطيفا كان كفيلا بأن يجعلها تضطرب و تحمر من الخجل ، يلاحظ ذلك و يتصرف بعدم اكثراث رغم أن حمرة خديها قد هيجت مشاعره.

************

تجلس ها هنا أمام المدفئة ، و تحمل كأس شراب كان قد قدمته لها الخادمة ناصحة إياها بتجربته ، فترتشفه بحذر فهذه أول مرة لها في شرب الخمر ،سرعان ما تتحول لبلع المزيد و قد أعجبها طعمه، تلك النار المشتعلة في روحها تشبه هاته التي أمامها ، لا تعرف كيف تطفأها ، تعذبها و تدفئها في آن واحد ، يمر من أمامها نقط دم تملئ قميصه ، فتنتفض حين تلمح العرق يتصبب من جبينه و كأنما أنه كان يخوض معركة مع الموت ، ترغب في احتضانه بشدة ، تريد مواساته ، تود شفائه ، لكن لا تعلم كيف ، يتقدم نحوها و يجلس بجانبها ، تستمع لأنفاسه القوية ، وجعه يبدو لها جليا ، و قد أرهقها حاله هذا ، تقترب منه دون وعي منها ، تمسك يده بإحكام و تقول بقلق :
" هل أنت بخير..؟"
ينظر لها بتفاجئ ، يفلت منها و يحاول النهوض ، فتمسكه من ذراعه بقوة و تصرخ :
" أرجوك توقف...."
تجحظ عيناه لصراخها به ، تقف فتصل إلى صدره ، تضع يدها على قلبه النابض ، و تقول بهمس :
" أنا أحس به.... هذا الوجع ... أشعر به "
تنظر لعينيه بجرأة ، تتفحصهما جيدا و تمسك بوجهه مداعبة لحيته و هاتفة بثمالة :
" فقط أخبرني... ألست أشبهها ... لقد كنت تفصح لها عن كل شيء..."
تقلب عيناها محاولة حفظ ملامحه و تضيف مشيرة لقلبه:
" أنا أيضا أريدك أن تخبرني بما يجري هنا ..."
تلاحظ تكشيرته فتقول غير واعية محاولة تلطيف الجو :
" ما رأيك أن أرقص لك في مقابل أن أعلم كل أسراارك...رقصي ...سيعجبك"
لا يجيب بشيء فهو مصدوم من تصرفاتها المغايرة ، يلمح قنينة الخمر الفارغة و يفهم ما يحدث ، تضع ثوبا حوله خصرها و تبدأ بالتمايل أمامه، يبتسم مبرزا أسنانه البيضاء ، يقف أمامها لتقول بترنح :
" لا ..اجلس ...لم أنتهي بعد"
يمسكها من وجهها ،و يأخد خصلة من شعرها الذهبي بين أنامله ، فيمعن النظر في مقلتيها السماويتي اللون ، ثم يقول:
" أحقا تريدين معرفة ما بي.."
تحرك رأسها بالإيجاب ، تحس بأنفاسه الحارقة تلهبها و تحدم نيران أحاسيسها ، و كلماته تجعلها تبتسم لا شعوريا :
" أنت .....كلك...تفقدينني صوابي.."
يقترب منها و رائحته تزيدها سكرة ، قبلة كانت له شفاء و كانت لها بداية جحيم ، عنف و حب في نفس الآن ، حينما يتوقف ، يكون راغبا في المزيد ، يقول ثملا ليس من الشراب بل من رحيق شفتيها التي لم يجد لها مثيلا:
" أريدك...الآن "

يحملها بين ذراعيه ، يصل غرفته و يدخلها إلى مقر أسراره ، هي التي أرادت أن تعلم ، لكن المعرفة سيكون لها ثمن غال ، تسلم له جسدها بغير وعي ، ويكون الأمر أن يسقط في غرام تقاسيمه ، يعاملها برقة و قسوة في آن واحد ، إلى أن تغيب عن الوعي بين يديه.

****************

تفتح عينيها بصعوبة ، و أول ما تشعر به ألم في كل أرجاء جسمها ،و بالكاد تستطيع النهوض لوجع يقطع أسفلها ، هول ما تراه يجعل الدموع تتحجر في عينيها ، نعم لقد كان عليها أن تدفع باهظا ، تقف أمام المرآة و رجلاها لا تحملانها ، تنظر لتلك العلامات الزرقاء التي تملأها ، تسقط أرضا معلنة تحطمها ،فهي لا تتذكر شيئا ، لكن ليس عليها ذلك لتفهم ما حدث، دموعها لا تنفس عن حرقتها بل تزيدها مرارة ، فتدخل الدش و تدع الماء ينصب عليها لعله يجد مسلكا إلى قلبها ليطفئ نيرانا قد حولته رمادا.

تنتهي من مندبتها و تقوم لتضع أحد فوطه ، تتوجه نحو الباب لتوقفها عيناه اللامعتان ، آخر من تود ملاقاته هو هذا الواقف أمامها بفرحة بلهاء، سهام تخترق كيانه الذي صار يصرخ باسمها بعدما يلحظ دموعها ، فتمر من أمامه محاولة الخروج ، لكنه يمسكها بقوة و يقول:
" إلى أين.."
تحاول الإفلات لكن دون فائدة، فيضعها أمامه و يقول بصوت شبه مسموع:
" لا خروج من هنا بعد الآن..."
تلك جملة اخترقت مسامعها لتوقظ فيها حرارة الغيظ ، تستجمع قواها بسرعة و تقول بألم:
" حقير.."
يصفعها بقوة بعدما أججت كلمتها غضبه ، ليقول بصراخ :
" فلتصوني لسانك...قبل أن أقطعه"
تجيبه بحرقة :
" فلتقطعه... يبدو أنه قال كلاما قد ألقى بي في الجحيم .."
مغصته طريقة كلامها و حولت فرحته البسيطة إلى وصب ، كان ذنبه أنه لم يستطع الصبر على فتنتها له ، رأى من النساء أشكالا لكن ليس منهن من جعلته يفقد وعيه حين ملامستها ، هي فعلت به ما كان يعتبره مستحيلا ، و جعلت رغبته بها تتأجج حتى عند مشيها أمامه.

لم يقدر على سمع شهقاتها المتزايدة ، فخرج تاركا إياها غارقة في أنينها ، ندم لا ينفع، ما كان عليها شرب ذلك السم ، ظنت أن ليس له مفعولا و تذوقته للاستكشاف و حسب ، لكنه جعلها تسقط فيما هي في غنى عنه ، لم تعتقد أن تجربتها الأولى قد تكون مألمة إلى هذا الحد ، حتى و إن كان الأمر مع من دق له قلبها.

*ليرتاح من سواده ، أراد أن يأخد من نورها، لكنه عوض ذلك أحاطها بظلمته ، و كشر عن أنيايه لها.*

............................

حبايبي ❤❤ شكراا كثيير على تشجيعاتكم إلي بتشرفني 😍😍 و انا كثيير مسرورة لأن عندي متاابعين مثلكم 😙😙

كنت كااتبة هذا الجزء لكن ترددت في وضعه بعدما أحبطت.... و ها هو ذا الآن ... اتمنى أن ينال إعجابكم ❤💕
سأحاول الإسرااع أكثر ... 😀



السحر الغامض حيث تعيش القصص. اكتشف الآن