الفصل الثالث عشر

Start from the beginning
                                    

دلف من مكتبه وهو مزعورًا ، غير مصدقًا لحديث ذلك الرجل الذي هاتفه ، ذابت أوصال فاضل وأصبح غير قادرًا علي السير ، استند بيده علي المقعد وأغمض عينيه متعبًا ، فهرعت فاطمه نحوه وهتفت متسائلة بقلق ملحوظ :
- فاضل! ، انت تعبان ولا ايه ؟.
أخرج تنهيدة حزينة ونظر لها قائلاً بعدم تصديق :
- ثريا اختي ، ثريا اختي ماتت يا فاطمه .
فاطمه بشهقة مصدومة :
- مين اللي قالك ، انت متأكد ! .
هتف فاضل بنبرة حزينة تحزن من يسمعها :
- أختي ماتت ، كلهم ماتوا وسابوني .
فاطمه بحنان وهي تربت علي ظهره :
- شد حيلك يا فاضل ، انا معاك علي طول ان شاء الله ، والأعمار بيد الله ، ودا قضاء ربنا.
فاضل وهو ينظر حوله :
- لازم اروح المستشفي دلوقتي .
فاطمه بجدية ونبرة اصرار :
- يلا تعالي ، انا كمان هروح معاك .

ولجت ساره الفيلا بجمودها الذي اضحي يكسو وجهها الفتره الماضيه ، ثم رأتهم هكذا ولكن غلبها فضولها لمعرفه الجديد ، فربما حدث شيئًا آخر لم تعلم به ، تقدمت منهم بخطوات حذره وتسائلت بتردد :
- فيه ايه ؟ ، فيه حاجه حصلت ؟ .
ردت عليها فاطمه بحزن :
- تعالي يا ساره ، فايز بيه وثريا عملوا حادثة بالعربية .
هتفت ساره بصدمة :
- ايه ! ...وهما عاملين ايه ؟ ..
فاطمه بأعين مملؤة بالدموع أجابت :
- ماتوا يا ساره .
نظرت ساره أمامها مجفلة في حاله مالك الآن ، فبالتأكيد علم بذلك ، وتخيلت حالته الآن وودت البقاء معه ، ولكن ما فعله مؤخرا جعلها تمقطه ولم تبغي رؤيته ، قطع ذلك الحوار فاضل قائلا بجدية :
- انا هكلم زين يحصلني علي هناك .........
______________________

انتظر بجانبها حتي غفت أمامه ، ملس زين علي رأسها بلطف وهو يحدق في وجهها الصغير ، وكم الألم الذي عانته لتفقد ابنهم ، ألتاع قلبه وكأنها كان يشعر بمعاناتها في تلك اللحظه ، تنهد بضيق لاعنًا ذلك الوقح لما كان يزمعه مع زوجته ، واقسم داخليًا في إلقانه درسًا قاسيًا منتظرًا لفرصته حين يطمئن عليها ، دثرها زين جيدًا وقبل رأسها بهدوء تاركها تنعم ببعض الراحه ، نهض بحذر وتفاجئ برنين هاتفه ، امسكه زين واجاب سريعًا عندما وجده والده :
- ايوه يا بابا .
فاضل بنبرة مقلقة :
- تعالي يا زين بسرعة .
زين مستفهمًا بقلق :
- خير يا بابا ، انت تعبان .
رد فاضل بحزن :
- عمتك عملت حادثه وماتت هي وجوزها ، انا لازم اروح اشوفها
زين بصدمة جلية :
- وحصل إزاي ده !..
فاضل بصوت شارف علي البكاء :
- مش وقته الكلام ده ، يلا زين تعالي علشان نروح سوا ، كلهم هناك ، واكيد زعلانين .
زين بملامح متجهمة :
- حاضر يا بابا هأجهز علشان نروح ، صمت قليلا ثم وجه بصره لنور وحدثه بمعني :
- بس نور تعبانه ونايمه ، خايف اسيبها ، اعمل ايه ؟.
فاضل بجدية :
- انا هجيلك وهجيب ساره تقعد معاها ، جهز نفسك انت علشان نمشي بسرعة .
زين بطاعة :
- حاضر يا بابا ، هقوم ألبس .......
______________________

وقف مالك منتظرًا رؤيتها بداخل ثلاجه الموتي ، تلك اللحظه القاسية التي لا يتمني الجميع الوقوف امامها ، تشنجت أعضاءه مدركا انه السبب ، وارتعشت اطراف يديه من رؤية والدته مسجيه بداخلها ومكفنه بذلك الغطاء ، تلك التي كانت تتحدث معه قبل وقت ليس بكثير ، وفطن انه من دفعها بكلتا يديه لتلقي حدفها ، انسابت دموعه علي وجهه المتشنج وذلك الرجل يكشف عن وجهها ، أرتعد من رؤيتها هكذا وتصلب موضعه ، وكانه كالمغيب بينهم ، ولم يخرجه من غيبوبته سوا صراخ اخته العنيف الذي دوي في المكان ، لم تتخيل ميرا رؤيه والدتها تتركها بتلك السرعة ، حتي اهتاجت وهي تستنكر موتها رغم رؤيتها امامها ، وعن وليد لم يشيح بصره عن والده المسجي بجانبها ، ثم طالعه بعدم تصديق وبدأ في بكاؤه الصامت الذي يقتل أعضاؤه الداخليه .
تراجع مالك للخلف غير قادرًا علي رؤية المزيد وهتف بعدم تصديق وسط إرتجافة جسده المضطربة :
- انا اللي موتك يا ماما ، انا اللي قتلتك بإيدي ، انا قاتل....
_______________________

((فَرِيسَة للمَاضِي)) ؛؛مكتملة؛؛ الجزء الثاني صغِيرة ولَكِن  Where stories live. Discover now