رحمةٌ مُنتهيةُ الصّلاحية | السّجينُ الثالث

658 150 45
                                    

" إضْرِبني أنَا، لكِنْ اترُكْ ابنِي ! "

صَرختْ المَدعوةُ بزوجَتي، وتلكَ الدّميعاتُ تتساقطُ على وَجْنَتَيْها، كانتْ تقصّ المآسي .

وهيَ تحجبُ ذلكَ الصّغير تحتَ بدنِها الوَاهن، لتتَلّقى التّعنيفَ بدلًا عنهُ .

ترتجفُ كوريقةِ خريفيةٍ تُداعبُها الرّياح .

صرختُ بهَا آمرًا إيّاها بالخُروجِ من المنزلِ، وفعَلت ذلك بصمتٍ، مُتجنبةً المُشاكل .

عندَ خروجِها استلقيتُ على سَريري؛ خَرجَتْ منّي تنهيدةٌ تحملُ ضنكًا .

كأنني طفلٌ سرِقت منهُ أحلامهُ ! .

كَانَتِ الألوانُ قاتمةً؛ سُلبَ منها الزّهاء الذي تمتعتْ بهِ .

هُناكَ كرهٌ بداخِلي يتفاقمُ ناحية هَذا الكَون الشّنيع، وجَورهِ

كُنتُ أُحاربُ الكُره بالكُره .

لمْ أُفكّر بمحارَبتهِ بالحبّ 

فالحبّ منتصرٌ على كلّ الظّروف .

لكنّ القُبح الذي بداخِلي كان يُكبل نحري .

فَأَجِدُني أزرعُ السوء؛ ومَا حصادُ السّوء سوى أضعافهُ .

لا اشعر بشيء سوَى العجز؛ لأن السوء تفاقم بكثرة

فأصبحَ جزءًا منّا

حينَها تصبح الرحمة منتهية الصلاحية.

أغمضتُ عينيّ أخيرًا؛ حجبَ الضّوءُ عن مقلتي .

والحزنُ لا يزالُ في فؤادي

رأيتُ شيئًا ما، كان هُناكَ رجلٌ ضخمُ الجثّة يَرْمي بي إلى زنزانةٍ؛ تآكَلت جُدرانها، قُضبانُ الحجرةِ صلبةٌ كأفئدتنا

والنّافذةُ في العليّة؛ تودعُ أشعة الشّمس السلسبيلية، وتَغريد العصافير

كَانتِ الألوانُ القاتمة أساس الّلوحة

" أين أنا؛ ماذا يحدثُ ؟"

ردّ قائلًا بنبرةٍ غير مهتمة وهو يخرجُ وريقةً

" نرحبُ بسجيْنِنا الثالثِ؛ سجن الحزنِ الأبدِيّ يُرحبُ بكَ ويخبركَ بكونكَ خالفت عقد السعادة الأبدية

《 للسعادةِ الأبديّة يتوَجبُ عدمُ إحزانِ أحدِهم؛ ولوْ كَانَ ذاتكَ 》

" كيفَ أخرج؟"

" أسعِد وأصلح البَشرية إبتداءً بذاتكَ؛ لا تسمحْ للرحمةِ أن تصبح منتهية الصلاحية "

عَقِدْ | contract [✓]Donde viven las historias. Descúbrelo ahora