الفصل السابع والعشرون

5K 60 0
                                    

الفصل السابع والعشرون
انطلق بسيارته وهى بالمقعد المجاور تشتعل غضباً وتضيق ذرعاً بأفعاله الغير مبررة ولسان حالها يقل : ربنا يهدك يا ابن الألفى مش لاقية دعوة غير ودعيتها عليك
ليقود بها طويلاًفى صمت مطبق عليهما عكس ما يشتعل بالصدور وتوقف فى مكانٍ نائى ....
دب الذعر بأوصالها قابتلعت ريقها بصعوبة وحدثته: ممكن أعرف وقفت هنا ليه؟
ليجيبها بابتسامة سخيفة : متقلقيش مش هعمل فيكى حاجة أنا وقفت علشان نتكلم بهدوء وتسمعينى
لتقطب جبينها بثقة زائفة منها : وملقتش غير المكان دا اللى نتكلم فيه
وبعدين أنا قلتلك مليون مرة مفيش كلام بينا تانى أنا اللى عايزة منك تطلقنى وبس
يضرب بيده على المقود بغضب ويفتح باب السيارة ويهبط منها تاركاً مصابيح السيارة الأمامية مضاءة لتضئ المكان الحالك الظلمة
لتفزع : استنى أنت رايح فين ؟
يقف لثوانٍ معدودة حتى ينفجر غضبه الساكن ويركل بقدمه اطارات السيارة بقوة صارخاً بغضب : ااااااه اااااه
لتفزع هى من منظره الغاضب وتوقعت السئ توقعت العنف أو قد تصل بذلك المجنون معها للتعدى كما فعلها سابقاً فارتجفت بقوة وحوطت بذراعيها جسدها برعب وأغمضت عيناها بقوة منتحبة
لتتحول فجأة صرخاته الغاضبة لصمت يوقف ركلاته للاطار ويتكأ بيديه على السيارة
جحظت عينياها تعجباً ممزوج بالذعر من منظره وحدثت ذاتها : دا أكيد مجنون مستحيل يكون انسان طبيعى أكيد شارب أكيد
يطل بوجهه لداخل السيارة بغضب يعنى لو قتلتك ودفنتك هنا حد هيعرف أبداً بالعكس هريحك منى وهريح قلبى وعقلى اللى جننتيهم
لترفع عيونها فتتقابل بعينان ملتهبتان عشق وتحتجر الدموع بهما تقاسيم وجه تبدلت للذبول والوهن تلك كانت نظرتها لتقاسيم وجه زوجها سليم تلك الليلة
لتجيبه بعد لحظات حاولت استجماع قوى صوتها القابع برعب داخلها : اقتلنى اقتلنى بس مش هرجعلك أنا مش عايزاك فأخرج رأسه بضيق وعاد ليتكأ على السيارة أخرج من جيب سترته علبة سجائره وأشعل احداها
كان الظلام حالك بالمكان وهو قابع يشعل سجائره قررت فى لحظة شجاعة أتتها أن تهبط لتتحدث معه بعقلانية كما توقعت ...
لتهبط ببطء من السيارة فى محاولة يائسة منها لأقناعه بالعودة بها لمكان معمور لأنها ترهب الأماكن النائية وبشدة
هبطت تلتفت حولها من الظلام الحالك تساعدها مصابيح السيارة المضاءة التى تضئ الطريق نسبياً حتى وصلت للطرف الأخر حيث يمكث بصمت منذ ما يقارب العشر دقائق .......
سليم ..تناديه ولا يجيبها فقد فى شروده سارحاً ينظر بعيداً
...سليم وتقترب لتضع يدها على كتفه فيباغتها ويرعبها بقبضته على كتفيها وإلصاقها فى السيارة .....ليزداد ذعرها وبقوة
ليه ؟؟ليه؟؟؟ ليه بتعملى فيا كدا ؟ ليه أنا كفرت بحبى ليكى عن كل اللى عملته فى حياتى مفيش ست تعبتنى ولا وجعت قلبى قبلك
ليه بتعملى كدا؟؟ لو قاصدة توقعينى فى حبك وتعذبينى أنا بهنيكى نجحتى وبقوة كمان
لو قاصدة تذلينى بحبك برافوووو عليكى ذلتينى
انتقمتى منى وبقوة كمان عايزة إى تانى ؟؟قوليلى عايزة إى تانى
تختنق الكلمات بفمها تستجمع الجرأة لتنطق بكلمتها : تطلقنى
مش عايزة حاجة غير تطلقنى يا سليم
ليه ليه عايزة تطلقى علشان تروحيله ؟؟؟؟؟ ليضغط بقوة على كتفيها حتى تأوهت عايزة تروحيله مش كدا
لتصرخ : لا لا أنا لا عايزاك ولا عايزة غيرك متقلقش أنتَ كرهتنى فى الرجالة كلهم يا سليم حرام عليك أنا تعبت سبنى فى حالى
ليترك كتفيها : طلاق يا رنا متحلميش بيه ولو اتجرأتى ورفعتى قضية زى ما بتقولى ساعتها هجبرك على اللى معملتهوش بقالى ست شهور وبعد ما أعملها هقتلهولك وهقتلك واقتل نفسى حتى الموت مش هيخلصك منى
أنتَ بتهددنى ؟؟؟؟
سليم : لا أنا بدافع عن حبى لتغرغر عيناه ..بدافع عن مراتى ويزفر ...عن الست الوحيدة اللى خلتنى أعشقها
لتضحك ساخرة : اللى يأذى حد دا تسميه حب يا سليم ..أنتَ بجد بتسمى دا حب ؟
لتلمع عيناه: أه حب وجنون كمان وعلشان تعرفى أنا اللى بعتله ناس كسروه لما اتجرأ وفكر بس يقرب من بيتى ومراقبه لليوم ولو فكر بس يقرب منك تانى المرة دى هقتله ومش هيرفلى جفن
رنا ببكاء : أنتَ مجنون بجد أنتَ مستحيل تكون شخص عاقل
ليضحك ساخراً : أه مجنون وأنتِ اللى جننتينى ولسه هتشوفى جنانى على حق لو فكرتى تبعدى عنى تانى أنا هروحك لمامتك دلوقتى علشان وعدتها بس بكرا الصبح هعدى عليكى تكونى جهزتى شنطتك وترجعى معايا بيتنا ودا مش تهديد ولا طلب دا أمر وهتنفذيه ولو فكرتى بس مجرد تفكير تعصى كلامى يبقى جنيتى على الاستاذ بتاعك وعلى نفسك
لترتعب أوصالها من تغيير نبرة صوته ها قد خرج المارد تارة أخرى ها قد عاد ابن الألفى ذلك المسمى بإنسان لطالما مقته ولطالما لم أصدق صورته الطيبة التى حاول رسمها لذاته طوال الأشهر الماضية .....كانت رنا تحدث ذاتها لتنطق أخيراً : ومين قالك أنى هرجعلك من الأساس ؟
لينظر بعينيها مباشرة : هترجعى يا رنا وبمزاجك كمان أنا زهقت اترجى فيكى زهقت من دلعك من الليلة خلاص هرجعلك الوش القديم اللى تعرفيه كويس طول ما الذوق مش بيجيب نتيجة معاكى يبقى ارجعلك سليم اللى تعرفيه كويس سليم الألفى اللى تعرفيه كويس رجع وبقولك هترجعيلى وبمزاجك كمان
واستدار وصعد بالسيارة جالساً أمام مقود السيارة وأدارها بانتظار صعودها السيارة
بذهول وغضب من كلماته ذهبت للجهة الأخرى وصعدت السيارة ولكن تلك المرة فى المقعد الخلفى
انطلق بها وأوصلها لمنزل والدتها وبمجرد نزولها انطلق بسيارته مسرعاً
..........................................
لتقف مكانها تتابع سرعته وتسخر : حيوان ...أكيد رايح لل....اللى يعرفها
هتعيش وتموت حيوان يا ابن الألفى..........ليزداد غضبها وبقوة من فكرة ارغامها على العودة له صباحاً : اكيد مبيهزرش أكيد ناوى على نية سودا أكيد ....مكنش بيهزر أنا شفت فى عينيه سليم الحيوان اللى أعرفه مش الدور اللى كان بيمثله لشهور ..
..........................................
صعدت البناية ووقفت تطرق الباب ضاربة الارض بقدميها
فتحت والدتها الباب مرحبة : حبيبتى حمد الله عالسلامة
لتزم شفتيها رنا ضيقاً وتدلف المنزل دون كلمة
متقوليش اتخانقتوا تانى
يعنى عايزة تقنعينى أنك مكنتيش تعرفى ان المحترم ابن أختك جاى وعايز يرجعنى ليه بالقوة
لتجيبها والدتها : لا مكنتش أعرف
لتتطاول فى الحديث : ماما قلتلك مليون مرة بلاش الجملتين دوا أنا عارفة كويس أنك متفقة معاه وانك متقدريش ترفضيله طلب علشان هو رب نعمتك ما طبعاً لو خالفتيه هيقطع عنك الشهرية فاكرانى هبلة ومش فاهمة حاجة إنتِ السبب فى كل اللى أنا فيه من وأنا صغيرة كنتى تخوفينى منه وتجبرينى أسمع كلامه حتى واحنا بنلعب خلتينى لعبته يلعب وقت ما عايز ويرميها وقت ما هو عايز خلتينى لعبتك اللى بتساوميه بيها وكله علشان تعيشى فى مستوى زى خالتى بتشحتى عليا علشان تلبسى وتاكلى وتعيشى زى خالتى إنتِ بجد ...مش قادرة انطقها بس أنا بستعر أنك أمى ومن بكرا هدور على بابا هروحله وخليكى أنتِ بقى عند بيت الألفى واستنى الحسنة اللى بيرموهالك كل أول شهر طبعا هتلاقى فين زيهم معيشين كفى شقة كويسة ومبتدفعيش ولا مليم وبيتصرفلك مرتب شهرى ولا أحسن موظفة ومبينسوكيش لا فى هداياهم ولا احتفالاتهم .....
وتترك والدتها وتدلف غرفتها بغضب عارم ....
.............................
تدور بها الغرفة كلمات صغيرتها ما زالت بأذنها اليوم ...ماما احنا رايحين فين ؟
لتكفكف دمعاتها : رايحين عند خالتك يا حبيبتى
رنا الصغيرة : ليه يا ماما طب وبابا هيجى معانا
الأم : لا بابا بقى عنده عيله تانية ومبقاش عايزنا تانى
رنا الصغيرة : بس احنا عايزنه
الام : احنا عايزنه وهو لو كان عايزنا كان مكنش اتجوز عليا من سنتين ومخبى وعنده عيال كمان
لم تفهم كلمات والدتها وقتها
وصلت بصغيرتها لمنزل أل الألفى
ببكاء : ال...اتجوز عليا ومن سنتين كمان وعنده منها ولد
والدة سليم : اهدى .... والله لأخلى أبو سليم يعلمه الأدب
والدة رنا : هروح فين ببنتى أنا سبتله البيت مقدرش أرجع أعيش هناك تانى بعد ما أجرالها الشقة اللى فوقيا علشان تبقى قريبة منه
والدة سليم : متقلقيش هتاخدى شقة فى عمارتنا الجديدة بس أما يجى أبو سليم وأنا هكلمه وهجبلك حقك من ال.... الزفت دا وهطلقك منه اسمعى كلامى ونفذيه : البنت لازم تكرهه علشان ميقدرش يطالب بيها احرميه منها عقاب اللى عمله فيكى وغصب عنه هيطلقك
..........................................
ترتجف يداها بقوة وشلالات عيناها تنهمر وبقوة على اهانات ابنتها فهى لم تتوسل لشقيقتها إلا لتجد لها ولابنتها المأوى والدخل الذى تستطع منه العيش فهما شقيقتان يتيمتان تربيا فى كنف والدتهما تزوجت الكبرى من رجل أعمال ثرى تعرفت عليه بمحض الصدفة وتزوجت الصغرى والدة رنا بعدها بسنوات بعد وفاة والدتهما من والد رنا
.......................................
بعد اللى عملته علشانك يا رنا بتشتمينى يا بنت قلبى وبتقولى عنى إنى شحاته وعايزة تسيبينى علشان أبوكى اللى رمى حبى وعشرتى معاه علشان حبيبة قلبه اللى كان بيحبها قبلى ساب بيته وبنته وراح ورا قلبه
..........................
فى غرفتها شياطين غضبها أمامها تنقم على الدنيا والفقر وعلى والدتها وعلى كل أل الألفى وكلماته ما زالت تتردد بأذنها : دا مش طلب دا أمر
..........................................
لتزداد رجفتها وتشعر بشق وجهها يرتعش وبقوة فتشعر بالمكان يدور حولهافتسقط أرضاً وتعلق يدها بمفرش موضوع على المنضدة الصغيررة فيسقط المفرش وتسقط معه قطعة التحفة الخزفيه فتسقط محدثة دوياً تستمع له رنا من غرفتها فتشعر بأن هناك شيئاً ما فتخرج مسرعة لترى والدتها أرضاً .......
...................................
الفصل الثامن والعشرين
تضع باقة الورد وتجلس بجوارها تحدثها .......
صباح الفل يا ست الكل ...........عاملة اى من امبارح ...النهاردة بقى جبتلك ورد أحمر عارفاكى بتحبيه بس أنتِ عارفة يا مامتى يا حبيبتى أسعار الورد بقت نار فاشتريت وردتين بس ...
بتسألينى عن الأطباق اللى فى الحوض أكيد : غسلتها يا ست الكل غسلتها كلها مخلتش طبق واحد وفطرت كويس متقلقيش ....
أنتِ بقى عاملة إى ؟؟؟؟
لتنتبه لبعض ورقات الشجر الجافة تحوط المكان فتسرع بجمعهما وإبعادهم ..معلش يا ماما نعمل إى فى الجو بقى خريف وورق الشجر ساب الناس اللى حواليكى دى كلها وحوطوكى إنتى ....أنا بكرا هجيب مقشة معايا وأنضفلك المكان دا كله ....
شفتى يا ست الكل بقى مش أنا قدمت تانى على التمهيدى والمرة دى هاخد الموضوع بجد ........تعرفى أنا امبارح دخلت أوضتك وعجبنى أوى دريس ليكى هو كان واسع حبتين بس هوديه النهارده للخياطة تظبطهولى ودى كمان وتشير لحذائها دا الشوز بتاعك طلع مقاسى بالظبط ...حبيبتى أنتى يا ست الكل بتاخدى بالك منى فى حياتك وفى ....لتنتبه من كلمتها معلش كنت هغلط فى جنتك يا ست الكل
وتعبث فى التراب بيدها ككل صباح وتكتب : سامحينى يا ماما أنا السبب لتصرخ فجأة :إى إى ماما ماتت ماتت ازاى ازاى ماما ماتت وتبدأ بالصراخ فيوقظها بصعوبة : رنا رنا اصحى اصحى دا كابوس ...
لتفتح عينيها فتراه يجثو على السرير فى محاولة لإيقاظها فتتشبث به : سليم سليم ماما ماما يا سليم
ليهدئها : إش إش خلاص مامتك كويسة والله
لتلتقط أنفاسها : بجد يعنى أنا كنت فى كابوس مش حقيقة
سليم : أه كابوسك المعتاد بقالك أسبوعين عالحال دا اهدى مامتك هتبقى كويسة بإذن الله ..... لتنتبه من الغرفة فتجدها غرفتها بمنزل سليم فتتذكر ما حدث قبل أسبوعان ....
.............................
تشرد متذكرة أخر كلماتٍ تلفظتها والدتها قبل ان تصاب بلإغماء :
" مفيش راجل هياخد باله منك قد سليم ...ومفيش راجل هيحبك ويحطك جوا عنيه زيه ..هو مجنون حبتين بس بيعشقك وأنا مش هطمن عليكى بعدى غير مع سليم ....ماما حبيبتى متقوليش كدا الاسعاف فى الطريق واتصلت على خالتى جاية فى الطريق
تتأوه وهى تضع يدها على قلبها ...يا بنتى ملهاش لازمة الاسعاف أنا حاسة دى أخر كلمات هتطلع منى اسمعيها يا رنا
تحتبس دمعاتها بمقلتيها وترتجف أناملها فقط تريد الانصات لما تلفظه والدتها فقد شعرت بجدية كلمات والدتها : ماما والله هنفذ اللى أنتى عايزاه هرجعله وهسمع كلامك ومش هخالفك تانى أنا أسفة أسفة
أش أش اسمعينى ما تتكلميش اسمعينى بس يا بنت قلبى " أنا ضيعت عمرى كله علشان متزليش لأى حد حتى لو كان أبوكى ولولا عارفة أن سليم بيحبك مكنتش خليته يتجوزك هو صايع وفيه عبر الدنيا بس راجل هيحميكى ...لتأخذ نفسها بصعوبة وألام لم تعتد تحتملها بقلبها : خليكى دايماً معاه يا رنا وسامحينى يا بنتى لو حرمتك من أبوكى و.....ليسود الصمت فجأة
ترتخى كفيى والدتها وتغمض عيناها فترتجف رنا بقوة معتقدة بموت والدتها تنظر لوالدتها ويعجز لسانها وصوتها على الخروج فقط تستجمع ذكريات مع والدتها وتلك الكلمات الأخيرة لوالدتها
" أصعب لحظات حياتك هي، عندما ترى بعينيك ما لا يصدقه قلبك

رواية "على قيد عشقك" للكاتبة بسمة محمود أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن