الفصل الثانى عشر

4.1K 72 0
                                    

الفصل الثانى عشر
عيناكى أه من عيناكى يا فراشتى الحزينة ....
كانت كلماتها كصدى بعيد يطرق باب أذنيه بقوة : ماما أجبرتنى أنا أجبن من أنى أقف قصادها وأقولها لا ... سامحنى
وليد بعين مندهشة جاحظة تحبس دمعها بصعوبة:...............لتكمل هى بصوت مخنوق تختنق به الكلمات : وليد خلينى ذكرى جميلة عندك متكرهنيش أنا ...لتخونها عبرتها وتسقط منها فيحترق من دمعاتها التى لم يتحملها يوماً
وليد : بس أحنا بنحب بعض ودى أخر سنة دراسة واحنا اتفقنا نصبر نكون نفسنا وبعدها اتقدملك على الأقل عشان والدتك تقتنع بيا
رنا وهى تشيح بنظرها عنه كى لا تضعف وتدفن نفسها بأحضانها وتشكى له قسوة الحياة وقسوة والدتها عليها ......
حاولت الثبات قائلة : أشوف وشك بخير يا أجمل حب في عمرى ....
ورحلت نهارها حاملة قلبه ......
فراشتى الجميلة أيعقل أن القدر سيعيدها لى ....
لتقاطع شروده وعد : وليد أنا بكلمك مبتردش ليه ؟
وليد محاولاً الاتزان مرة أخرى : نعم
وعد : وليد في إيه ؟ ليه سرحت في الصورة كدا وبعدين تعالى هنا أنتَ تعرف رنا من فين ؟
وليد : كانت زميلتى في الكلية
وعد ترفع حاجبها ضيقاً وتزم شفتيها : نعم – يعنى إيه ؟
وليد : إيه الغريب في كدا بقولك كانت زميلتى
وعد : ................
وليد : اخلصى يالا خلينى أوصلك في طريقى
وعد وترمقه بتعجب ولا تعلق وتذهب برفقته ...
..........................................
كان مصدوم من ردة فعلها الغير متوقعة .......
كيف لم تقع بغرامى للأن ...لم تخلق بعد من ترفض سليم الألفى
أترانى حقاً لا أستحقها وتشمئز من قربى أم أن هناك مخطط أخر برأسها أه منكِ يا ابنه أمكِ .... بالتأكيد زوجتى الحسناء تشبه والدتها الأنانية الطمعة بمالى وثرائى .....لا ليست كذلك إن كانت كذلك لتوددت لى لا تنفرنى منها ....
لغزك يحيرنى يوماً بعد أخر يا زوجتى الجميلة ... برغم شوقى لكِ لا أجرأ على تدنيسك ...أشعر بأنك حورية جميلة إن لمستها سأدنسها بأنفاسى القاسية .....
ليقطع شروده رسالة وصلت من عاهرته مضمونها " إن لم تأتِ سأتى لمنزلك الأن " فيغتاظ منها وبشدة ويتناول مفاتيحه ويخرج صافعاً باب منزله خلفه بقوة
تستمع لصفع الباب العنيف
فتسرع لتتابعه من شرفتها فتراه يخرج من البناية بعد لحظات ويصعد بسيارته وينطلق فتضرب بيدها السور الحديدى " هتفضل طول عمرك .....أبداً مش هتنضف يا ابن الألفى ....


..........................................
دلف غرفته بعد عودته من الجامعة ألقى بسترته بإهمال على فراشه المرتب وهو يبتسم ابتسامة عاشق يتذكر سنواتهما الأربع .........نظراته التى تجاهلتها دوماً ... ليعود بذاكرته لما يقارب السبع سنوات
همس له صديقه المقرب .... إيه يا بوب ظبطت ولا لسه ؟
وليد : لا لسه مفيش واحدة دخلت دماغى لسه
الصديق : نعم .... كل البنات دول ومش لاقى ... دى بنات دفعتنا صواريخ ....
ليقاطعهم دخول الاستاذ الجامعى وبدأ المحاضرة وبعد النصف ساعة
دلفت بخجل القاعة تتعثر بخطواتها تضع نظارتها الطبية وملابس محتشمة لا تمت للموضة بصلة وحذاء مسطح وحجاب يزين بشرتها البيضاء الشاحبة
لتعتذر قائلة : أسفة يا دكتور ....ممكن ادخل
فينتبه الاستاذ الجامعى وينظر ناحيتها بحزم :أنتِ فكراها النادى تيجى وقت ما تحبى ... لتنطلق قهقهات الطلاب ونظرات السخرية ناحيتها فترتاب وتتلعثم وتتسمر مكانها فانطوائيتها وخجلها الزائد سيطرا كعادتهما
فقال الاستاذ الجامعى أتفضلى ادخلى يا أنسة ومتتكررش ...
بخطواتٍ متعثرة جالت بعينيها المدرج تبحث عن مكان فارغ لتجلس عليه فأشار لها لتقترب بعد أن أعد لها مكان بجواره
جلست متسمرة حزينة خجلة تفرك راحتى يدها طول المحاضرة ...لاحظها فقال بخفوت : اهدى عادى يعنى اللى حصل دا دكتور محترم على الأقل دخلك ومطردكيش وهزئك قدام الدفعة كلها
لتلتفت للشاب الجالس بجوارها بريبة وتعيد النظر أمامها سريعاً ولا تعلق ...
ليعود من شروده على صوت هاتفه ...
يتجاهل اتصالاتها المتكررة مستسلماً لذكرياتها المعدودة مع فراشته البيضاء كما كان يسميها في خلجات ذاته ....
أغمض عينيه برفق يتذكر همساتها الناعمة صوتها الرقيق كبلبل صغير كانت تختلف كثيراً عن رفيقاتها الاتى يصاحبنها لتفوقها الدراسى لا أكثر فرنا لم تكن تملك جاه أو مال أو سيطرة فقط تملك علم غزير تنهاله صديقاتها أخر العام من تلخيصاتها للمنهج الدراسى والاستفادة منها في شرح المنهج المعقد بالنسبة لهن .....
برغم تفوقه واجتهاده الواضح إلا أنه كان ينتهز الفرصة ليطلب منها مراجع أو تلخيصات فقط ليستمع لصوتها العذب وهى توافق بكل ود وأدب وتعطيه التلخيص
كانت كالفراشة أمامه طيلة أربعة أعوام لا تصادق لا تفتعل الأثارة فقط علمها كلماتها قليلة موجزة نظراتها طفولية بريئة كانت بخفة الفراشة في مشيتها سلبت لُبه طوال أعوامهما الأربع كانت تعتبره زميل دراسة لا أكثر ولكنه يعتبرها عشق يقبع بقلبه ويحتل تلابيب عقله يوماص بعد يوم
راقبها طويلاً حتى دقت باب قلبه ولكن خجلها وريبته أن تبتعد وتتجنبه إن صارحها بما يجول بقلبه وعقله أجبراه على الصمت حتى تجرأ في أخر عام دراسى لهما وحدثها ....
رفضته بأدب متعللة "احنا مننفعش لبعض أنا مش بتاعت حب ولا الكلام دا " ولكنه أصر وتمسك بحبه لها حتى بدأت تنجذب تدريجياً ولكن هبت عاصفة هوجاء قادمة من بيت الألفى اختطفت فراشته البيضاء على حين غُرة ولم يكن وقتها بظروفٍ مادية تسمح له بخطبتها رسمياً
وطويت صفحتهما البيضاء عند هذا الفصل بانصياعها لأوامر والدتها وانقطعت أخبارها عنه بعد تخرجهما ولم يرها سوى اليوم بألبوم صور زفافها من سليم

رواية "على قيد عشقك" للكاتبة بسمة محمود أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن