الخاتمه

38K 846 116
                                    

انتهت يارا من تحميم صغيرها بعد جهد مضني في إخراجه من حوض
الاستحمام المتشبث به وكأنه رفيقه الأزلي ثم أحضرت ثياب النوم حتي 
يرتدي ثيابه وتحمد الله بنومه ولكنه تذمر مبديا اعتراضه علي الأمر
ورغبته في رؤية بعض الكرتون قبل نومه تأففت تستغفر الله في سرها ثم 
شغلت له الفيلم وقالت 
" ها هو الفيلم سيد عمر ... شاهده حتي أذهب وأري 
والدك الهمام ماذا يفعل .. فأنا هنا لتلبية طلباتكما التي لا تنتهي ...."
لم يبد علي الصغير أنه فهم شيء سوي أنها ستتركه مع فيلمه الكرتوني 
المفضل فأومأ لها بطاعه مضحكه سارت لغرفتها كي تبحث عن زوجها 
المختفي منذ قدم من الخارج فدخلت لتراه يبحث عن شيء في خزانته
تحدثت بهدوء 
" ما الذي تبحث عنه يا أكرم..."
أجابها أكرم ببساطه
" أبحث عن بعض الأوراق الشخصيه يارتي ... تعالي وساعديني ..." 
عقدت حاجبيها سائله وهي تقترب أكثر
" أي أوراق هذه ..؟؟... ولماذا تحتاجها الآن ..؟؟..." 
جاء صوته بسلاسه مره أخري
" هناك سباق سيارات أريد المشاركه به سيقام في ............."
لم يكمل جملته وهو ينتفض علي صرختها 
" نعمممممممم يا روح يارا .....!!!....." 
التفت لها بعينين واسعتين بهلع مضحك ليقول
" ماذا بك يا يارا ..؟؟... هل تحوّلت أم ماذا ...؟؟..."
تخصرت أمامه هاتفه من بين أسنانها
" سباق ماذا يا حبيبي ...؟؟... لا سباقات بعد اليوم ... ألا تخجل من نفسك وأنت تقول سباق ...!!...." 
ارتفع حاجبا أكرم بتسليه وقد ترك ما بيده تماما ليركز مع المجنونه زوجته التي تتحدث بكل جديه أردف بمكر مرح
" لماذا أخجل حبيبتي ..؟؟... وكأنني أقول لك ذاهب لملهي ليلي أو لأواعد امرأه أخري ...."
انتفخت أوداجها لتبدأ بفقد أعصابها قائله 
" أكرم ... لا تتلاعب بعمرك اليوم بذلك الحديث ..." 
ضحك بخفه وجذب يدها ليقربها منه يحتضنها بحب ويهمس
" ما الذي يقلقك يا أم عمر ... لماذا ترفضين الأمر بهذا الشكل ...؟؟..."
تنهدت مطولا .. تندس أكثر بين ذراعيه تتلمس ذلك الإحساس الذي لن تشبع منه أبدا ... إحساس حُرمت وحَرمت نفسها منه مطولا وها قد عادت له أخيرا بعد طول عناء ولن تتنازل عنه مهما حدث همست بصدق 

" أنا أصبحت أقلق أضعافا لما مضي يا أكرم ... في الماضي كنت أقلق علي نفسي علي مستقبلي ... علي حياتي القادمه كيف سأستطيع تكملتها وحدي ... أما الآن ومنذ أن أنجبت عمر أصبح قلقي مضاعف ... لا أفكر في نفسي بقدر ما أفكر فيكما في حياتنا سويا ... وأنت لست استثناء ولن تفعل شيء أنا قلقه منه ..." 

اتجه بها للفراش ليجلسها في حضنه يمسك جانبي وجهها مقابل لوجهه الوسيم وعيناه الرماديه تمشطها بحميميه اعتادتها منه ليقول بمرح
" أصبحت زوجه متسلطه يا يارا ... هل تعلمين ذلك ....؟؟.."
ابتسمت تومئ برأسها وتهمس لعينيه الحبيبه
" متسلطه فيك أنت ... فأنت بالنسبه لي عائلتي وزوجي ... لست مستعده أبدا للتنازل عنك أو السماح بأي ضرر يصيبك ... أنا أحافظ علي عائلتي يا أكرم ..." 
اختلج قلبه لأجلها ... لأجل رقتها ... نظراتها له كأنه كل شيء في حياتها ... ولماذا كأنه .... هو بالفعل كل حياتها ... كل عائلتها .. حتي وإن كانت تملك خاله في مدينه أخري فلا أحد يظل كما هو والحياه تسحب الشخص دون إدراكه .. وهي ... هي بالنسبه له كل شيء وكل شخص وكل نفس عائلته ... ولكنها ليست أي عائله .. عائله تدعمه .. تحافظ عليه .. تتفهمه تتقبل عيوبه وتغيرها معه بلطف وحب وحنان جارف لا تستاء منه ... بل تتفهمه .. تستوعبه وهو كذلك يحبها كما هي بكل شيء همس بمشاعر جياشه 
" هل أخبرتك اليوم أنني أحبك حمامتي البيضاء ....؟؟..." 
هزت رأسها بنفي مبتسم لتقول بخفوت
" لماذا أصبحت تناديني هكذا مؤخرا ....؟؟..."
دفن أنفه في عنقها يهمس بصوت أجش 
" لأنك السلام في حياتي يارا ... أنتِ مرسايا .. روحي المفقوده منذ زمن .. ألوان الربيع في حياتي ... وجودك هو من يجعلها ربيع يارتي ..." 
اغرورقت عيناها بالدموع لتجيبه هامسه وهي تشعر بقبلاته علي عنقها بحميميه
" وأنا أحبك ..." 
" دعينا ننجب طفل آخر أو طفله ... "
همست بحيره وعجب " مـــ.... ماذا ...؟؟...." 
رفع رأسه ينظر لوجهها مره أخري ... يحاوط وجهها بتملك يهمس لملامحها المتحيره
" أنا أريد طفل يا يارا .... أحتاج لذلك الآن ... أريد أطفال كثر وعائله كبيره .. عشرة أطفال أقل شيء ...." 
نظرت له للحظات لتطلق ضحكه أنثويه مرحه لتهمس بوقاحه مرحه
" عشرة أطفال ....!!!... يبدو أنك ستستعين بصديقه .... لا أستطيع بالطبع .." 
هبطت يهده لتلامس خصرها ويشدد عليه ويعاود القول بإصرار 
" لن تكون هناك غيرك يا يارا ... أنت ستكونين أم للعشرة أطفال .. فمن الأفضل أن تبدئي الآن ...." 
همست تخفي ضحكتها حتي لا يغضب
" ربما لو أتيت بعد ساعه لوجدته ... ماذا بك يا أكرم ... نحن نتحدث عن طفل وحمل وتعب وأنا ما زلت متعبه من عمر ...." 
مال بها علي الفراش يهمس برقه مذيبه
" ولأجل أكرم .... لن تندمي أبدا حبيبتي ... أعدك بذلك ... فقط أتركيني أحبك كما يجب ..."
همست بخجل وهي تشعر بقبلته تغمر وجهها ويداه تصبح أكثر جرأه 
" أكرم ... أكرم حبيبي .... عمر ... عمر مستيقظ ..."
همس بضيق بين قبلته
" ألا ينام هذا الولد ....!!...."
ضحكت بمرح لتجيبه بمشاكسه
" هذا وهو منفرد .. فما بالك عندما يأتي من يشاركه صحوته المطوله تلك .. لن تجدني وقتها ..." 
قبل أرنبة أنفها وهمس لعينيها الضاحكتين
" سأحل الأمر وقتها وأسرقك منهم ... لا تتهاوني بي حبيبتي ..." 
ابتسمت بحب وهي تعتدل مبتعده عنه قليلا تسأله برقه حتي لا يغضب
" لم تخبرني هل قابلت مروان مره أخري ..." 
تحولت ملامحه لضيق شديد وقال بغيظ
" شخص مستفز لأعلي درجه ... كلما رأيته أشعر بالدماء تضخ وتغلي في عروقي يثير كل الجوانب السيئه داخلي ..."
ضحكت يارا علي ملامحه وقالت بهدوء 
" ولكنكما تشبهان بعضكما ..." 
رفع أكرم حاجبه باستهجان ليقول من بين أسنانه
" أنا لم أكن مستفز لتلك الدرجه أبدا ..."
قلّبت يارا عينيها دون كلام فقال بصوت يشوبه بعض الحرج 
" هو مستفز أكثر ولا مبالي بدرجه مغيظه وقاسي ... عيناه تحمل قسوه بارده وأنا لست هكذا ..."
استلقت يارا علي جانبها تقابل وجهه وهو جالس وتقول برقه 
" لقد أخبرتني من قبل أن وجود الأهل ليس بالضروره شيء جيد للشخص ... ربما عدم وجودهم في بعض الأحيان راحه وكرم من الله ... فلماذا في داخلك تحمّل مروان منّه أنه عاش مع والدتك .. لماذا لم تفكر أن والدتك من الأساس لم تكن أم جيده لا لك ولا له ولا لأي أبناء آخرين ...."
قطب أكرم جبينه للحظات يفكر في كلام يارا ليقول بعدها بتأني
" أتقصدين أن مروان هو الآخر كان يعاني ...؟؟؟..."
هزت كتفها لتجيب ببساطه 
" لما لا ...؟؟... أنا أفترض فقط .. فقط تعلمت أن كل شخص لديه في حياته ما يخفيه من ألم ولا يحق لأي منا الحكم علي غيره من مظهره فقط ..." 
انحنت شفتا بأكرم بإعجاب ليقول بمشاكسه حلوه 
" ما هذه الحكمه حبيبتي .... زوجتي وأم أطفالي العشره أصبحت حكيمه ..." 
كشرت أنفها بغيظ لتحرك كتفها قائله وهي تنهض عندما سمعت صوت عمر في المطبخ ينادي عليه ويبدو أنه يدمر شيء هناك
" تعلم مني إذا ..."
نهض من مكانه وضحكته الخشنه تغمر الغرفه ليقول
" لا حبيبتي ... أنا سأفعل شيء آخر ... سأذهب لأعطي ابنك الوديع حبة منوم علّه يرحمنا قليلا من ندائه الذي بدأ يعلو أو أعطيه لأي من الجيران وفوقه هديه ..."
تحركت وراءه بخطوات واسعه تهتف بهلع خوفا من فعل أي شيء من تهديداته
" توقف يا أكرم وابتعد عن الولد..." 
الا أن رؤيتها له يركض وراء الصغير المتعثر وضحكاته تملأ البيت جعلت طمأنينه تملأ قلبها بغد حلو بفضل الله ..... .................................................. ....
هبطت روفان بخطواتها البطيئه لتذهب لجدتها في مكانها المحبب وتلقي تحيه لطيفه وبعدها تقول 
" ما رأيك يا جدتي أن أدعوك لتناول الطعام في الخارج ..." 
نظرت لها الجده ... تتشرب من ملامحها التي تنم عن الهدوء وقالت
" ليس لدي مانع ولكن لماذا لم تذهب مع سيلين لمساعدتها في عملها الجديد ... لقد طلبت منك مرارا وأنت تلقين كل مره حجه مختلفه ..."
هزت روفان كتفها بأنفه طبيعيه لتردف
" الأمر ليس ضروري حقا ... هي لا تحتاجني بالفعل .. هي تطلب مني تجملا أن أكون بجوارها ووجودي لن يغير شيء ..." 
تنهدت الجده بتعب من حفيدتها العنيده لتقول بهدوءكظ
" ربما هي تحتاج وجودك جوارها فقط يا روفان دون فعل شيء ... تعلمي حبيبتي أن وجود العائله وحده يكفي في بعض الأحيان ..."
صدحت ضحكه مستنكره من روفان الجالسه بكبرياء طبيعي وقالت لاويه شفتيها 
" ألا ترين أن ما تقولينه ليس حقيقي جدتي ... ووالدي أكبر دليل علي ذلك ... يأتي كل فتره يرانا ويلمح وجوهنا ثم يبتعد من جديد مستغني عنا ببضع اتصالات جافه نعرف منها في أي بلد هو دون تفاصيل ... حتي زواجه لا نعلم إن كان ما زال متزوج أم لا ... أم تزوج أخري غيرها ...حتي زواج ياسين لم يحضره متحجج بسفر آخر .... حقا جدتي تلك الأوهام لم تعد موجوده ..."
صمتت الجده للحظات وهي تشعر بمنطق حفيدتها ... فما تقوله صحيح هي نفسها لم تعد تعلم عن ابنها شيء وكأنه بعدما ترك العمل كله لياسين سحب يده بكل بساطه مبتعدا عن كل شيء متفرغ لنفسه فقط حتي حياته لا يخبر أحد بتفاصيلها.. حتي هي وهذا يغيظها كثيرا وتشعر بالتمرد عليه ولكن قلبها الأمومي يشتاق له لتسمع صوته عبر الهاتف ولكن أكثر ما يحزنها هو إهماله لأبناءه وكأنه رمي الحمل عن كتفيه بمعرفته للأخبار من بعيد مستعينا بياسين ووجوده بينهما قالت الجده برقه
" أنا لن أدافع عنه يا صغيرتي ... والدك يحرم نفسه من أجمل إحساس وهو شعور الدفئ وسط العائله ... شعور حمل أحفاده والتنعم ببراءتهم ... ممارسة دوره كجد معهم .... صدقيني هو يحرم نفسه الكثير ..."
صمتت روفان ولم تجب بشيء فلم يكن لديها شيء تقوله بالفعل .. أحيانا نصل لمرحلة عدم القدره علي تقديم الأعذار للغير وهي وصلت لتلك المرحله منذ وقت طويل ... فالصمت هنا أبلغ من الكلام قالت الجده عندما يئست من كلامها برقه
" دعينا نذهب لشقيقتك يا صغيره حتي نكون بجوارها ...."
لوت روفان شفتيها قائله 
" لا أعلم لماذا شرطها بوجود مطعمها علي البحر فيكون المكان في مدينة أخري ... لماذا هذا التزمت يعني ...؟؟..." 
ابتسمت جدتها بحنان مردفه 
" لأنه حلمها حبيبتي ... ستتعب قليلا في البدايه ثم تميم شريك لها وينوي فتح فرع آخر هنا ويمكنهما التنقل بين هنا وهناك حسب عمل تميم هو الآخر خاصة أن المكان الآخر رائع للغايه ...." 
هزت روفان رأسها متعجبه قليلا ثم ما لبثت أن قالت لجدتها حتي تريحها 
" حسنا جدتي سنذهب لها نساعدها ونكون بجوارها ..."
انشرحت أسارير الجده فعلمت روفان أنها أخذت القرار الصحيح .....................................

🎉 لقد انتهيت من قراءة سلسلة قلوب شائكة /الحزء الاول(متاهات بين أروقة العشق) 🎉
سلسلة قلوب شائكة /الحزء الاول(متاهات بين أروقة العشق) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن