الحلقة الثانية

2.7K 175 21
                                    

🔹أمضى الحاج جهاد في الزيارة سبعة أيام تشرّف خلالها بزيارة كلّ المشاهد المشرَّفة لا سِيَّما السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) ومسجد جمكران، لقد كانت روحُه تتوق للبقاء قرب الأولياء الطاهرين، لكن لا بدّ من العَودة إلى الوطن.. لقد ترك قلبه المولع بحب آل بيت محمد (صلوات الله عليهم) هناك تحت القِبَّة الشريفة يُناجي عند الشبّاك الطاهر وعاد..

🔸إستقبلته زوجته "زينب" بحرارةٍ، وأخذَت تُقبِّل يدَيه التي لامسَت تلك المقامات الطاهرة.. كم كانت روحها تشتاق للزيارة، لكن حَملها قد منعها من الذهاب، فقد اقتربَت ولادة طفلها الأول..

🔹إحتضنَها الحاج جهاد وقَبَّل جبينها وقال :
▫️إن شاء الله إذا رزقنا الله بمولودٍ ذكر سنسميه علي رضا ! وقصَّ عليها رُؤياه في حرم الإمام الرضا (عليه السلام)، فانهمرَت الدموع على خدَّيها وهي تحمد الله وتشكره..

🔸لقد كان لهذا الجنين رعاية خاصة من قِبَل والدَيه، فكانت أمُّه تبقى دائماً على طهارةٍ، وكانت منذ الشهر الأول من الحمل تقرأ له القرآن الكريم، وتقرأ له زيارة آل يس، أمَّا والده فكان دائماً يتصدَّق ويُطعِم الفقراء بنِيَّة حفظ صاحب الزمان (عجل الله فرجه) نيابةً عن هذا الطفل، وكان في كل ليلةٍ يدعو له في صلاة الليل بأن يكون من الصالحين، ويُعيذُه بالله العظيم من الشيطان الرجيم.. هذه الأعمال لا شكّ أنها تركت أثراً كبيراً في هذا الجنين لا سِيَّما إيمان والدَيه ونيّتهم الخالِصة لله جل وعلا..

🔹 وبعد مرور شهرٍ على الزيارة، شاء الله سبحانه أن تتحقق رؤيا الحاج جهاد.. ففي يوم الجُمعة ومع أذان الفجر، وضعت زينب مولودها علي رضا ! وكم كانت لهفة الأب الحنون لِيَرى هذا المولود.. فحمله والدموع على خدَّيه وأذَّن في أذنه وأقام.. ثم قبَّله ودعا الله سبحانه وتعالى أن يجعله من الصالحين.. بعدها ذهب فاختلى بربّه وسجد سجدةً طويلة.. يُناجي ربّه تبارك وتعالى ويبوح له بما في قلبه..

🔸 كان ينظر إلى طفله ويتأمَّل به، ينظر إلى عينَيه وفمه وأذنَيه ويدَيه ورجلَيه، يراقبُ صُنع الخالق تبارك وتعالى.. وقلبه ينبض بالإيمان والخشوع.. سبحانك ما أعظمَك، ألا يرون قدرتك؟ ألا ينظرون كيف خلقتهم وكوَّنتهم ؟ كيف لا يؤمنون ؟ أم كيف بنعمتك يجحدون ؟!

🔹 مرَّت سنتان كلمح البصر، نشأ خلالهما علي رضا في كنف هذا الأب المؤمن الرحيم، وتعلَّق به تعلقاً شديداً فكان يبكي لفراقه ويحتضنه إذا عاد بكل لهفة.. وفي أحد الأيام وقفت زينب قرب الباب تحمل طفلها مُودّعةً زوجها والدمعة في عينَيها، وهي ترجو من الله أن لا يطول الغياب.. لكن الله سبحانه شاء أن يستجيب دعاء الحاج جهاد ويقضي حاجته الثانية فاختاره شهيداً وارتفعت روحه الطاهرة إلى معشوقه تبارك وتعالى بينما كان يجاهد في سبيله دفاعاً عن شيعة أمير المؤمنين(عليه السلام) ومقدّسات الأمة..

🔸الحاج جهاد قد إلتحق بمحمد وآله الأطهار إلى جنّاتٍ عرضها كعرض السماوات والأرض، أمَّا علي رضا فقد أصبح اليوم يتيماً.

سيد حسيني

كنت في أنتظارك 💔Where stories live. Discover now