الفصل الرابع عشر

Start from the beginning
                                    

بعد وقت كانت ليله تحضّر في المطبخ الطعام وحمزه يجر خزانة الملابس كي 
يطلي المكان الوحيد المتبقي هذا بالإضافه للرسمات التي أحضرتها كي يطلي
بين فراغاتها وتشكل في الغرفه أشكال مفرحه 
طفوليه ... طفوليه في كل شيء وسترفع ضغطه بإذن الله ... هل كانت حياته تنقصها
جرّ حمزه الخزانه بعنف .... حسنا .... علي الأقل هناك شيء يخرج فيه غضبه 
وما يزيد غيظه ... مكالمة جده ... علي أساس أنها صغيره وتحتاج رعايه 
سمع صوتها تناديه بصوت مرتفع الا أنه تجاهلها ببرود وهو يتابع عمله
تخبط هذا ويشد هذا وهو يلعن بهمس غاضب 
ولكنه انتبه لصوتها القريب فعلم أنها صعدت له ولكن هتافها بــ "آآه .."
جعله يجفل وهو ينظر وراءه الا أنه ابتسم بقوه وتحولت ابتسامته لضحكه
رجوليه خشنه خاصه به وهو يراها واقعه علي مؤخرتها وتتأوه
تذمرت من ضحكه وهتفت من بين أسنانها 
" لا تضحك حمزه .... المفروض تأتي لمساعدتي ...."
كتم ضحته وقد بدا وسيم بشكل خاص ... طريقه له وحده ... ممتزجه بين خشونه
وضحكه عابثه 
اقترب منها بتمهل حتي لا يقع بسبب الطلاء الذي تناثر وأعطاها يده
فرفعت يدها ليده ببساطه وشدها باتجاهه الا أنه كان أقوي من اللازم بحيث
ارتطمت بصدره .... ومنها أمسكها من خصرها حتي يسندها
وبعدها شعر بقفزات غريبه لديه .... وهي أطرقت وجهها خجلا وشعرت بحراره
غريبه تزيد لديها وأبعدت نفسها برفقه وهي تتمتم بحرج
"لقد جهّزت الطعام ... وأتيت كي أخبرك ... لنأكل...."
تركها علي مضض وعقله يعمل بشكل رهيب الا أنه أجابها بهدوء
" سأنظف يدي فقط ..."
وتركها وخرج بينما هي تعاني من شيء لا تعلم كنهه.....!!

قبل ذلك بوقت

توجهت يارا للمطبخ فقد تأكدت من خروج الحاج رضوان ... فرغم طيبته وكرمه
الشديد الا أنها تشعر بالحرج منه 
كانت تريد صنع طعام لعمر فقد خرج يلعب في الحديقه الصغيره وهي ستتابعه
من نافذة المطبخ 
توقفت وهي تري الحاجه زهره في المطبخ فقالت بنبره محبه
"صباح الخير خالتي ..."
التفتت الحاجه زهره وجهها ببشاشه وهي تجيبها
" صباح الخير حبيبتي ... جيد أنك استيقظت حتي تتناول الإفطار ... فالبنات خرجن
وأنا أنتظرك أنت ومياس .... مياس استيقظت ... صحيح ...؟؟.."
أومأت يارا برأسها وهي تفكر في صديقتها وليلتها التي قضتها في أرق ثم اسيقاظها
مبكرا واتصالها بالمؤسسه .... تعتذر عن حضورها
لقد سمعتها وهي نائمه ولم تشعرها باستيقاظها بل جعلتها تتصرف كما تريد
" نعم خالتي استيقظت ..."
ثم ولجت أكثر للداخل وهي تقول بحرج
" كنت أريد صنع طعام لعمر ..."
ابتسمت الخاله بحنان وأردفت 
" لقد أردت صنع شيء له ولكن لم أرد إفساد نظامك .... يمكنني بعد معرفته
أن أريحك من هذا الأمر .... حبيبي الصغير ..."
اتجهت يارا للأشياء تفكر هل تطعمه فواكه أولا أم طعام صحي 
وقالت لخالتها وهي تختار 
" أنا أريد يا خالتي أن أبحث عن روضه للأطفال ..."
قطبت الخاله جبينها وهي تصف الأكواب علي الصينيه وهتفت
" روضه للأطفال ... لماذا ...؟؟.."
تمتمت يارا بحرج
" يعني .... أنا سأزاول عملي قريبا .... فأريد أن أبحث عن شقه صغيره وروضه
للأطفال كي أكون مطمئنه علي عمر وقت عملي ...."
نظرت لها الحاجه زهره بلوم وهي تقول باستنكار
" لماذا يا ابنتي تريدين أن تبحثي عن مكان ... هل ضايقك أحد في شيء ..."
نظرت يارا من النافذه تطمئن علي الصغير فوجدته يلعب بالعشب الصغير
همست برقه
" أبدا خالتي .... بالعكس ... أنت لطفاء للغايه معي ... ولكن لابد من الاستقرار
في مكان خاص بي .... أنت بالتأكيد تتفهميني ..."
صمتت الحاجه زهره للحظات ثم قالت بإصرار
" لن أتحدث معك بأمر الشقه الآن ولكن الصغير سيمكث معي وأنت في عملك فأنا لا 
أستسيغ فكرة الروضه تلك 
صمتت يارا ولم تجد ما تقوله ... وأفكارها تتشعب هنا وهناك 
ما زال عليها الذهاب لخالتها فهي لم ترها للآن ... صحيح أنها أصلحت الأمور معها
في الفتره الأخيره عن طريق الهاتف بل وكانت ترسل لها المال أيضا 
الا أنها قلقه من مقابلتها .... ربما قلق طبيعي فما فعلته ليس هيّن
تتمني فقط أن تتفهمها خالتها وتستوعب ما جعلها تفعل ذلك ... فقد أحبت بقوه 
وأعطت مشاعرها بكل قوه الا أنها لم تجد سوي الألم 
سمعت الحاجه زهره تهتف باستياء
" لماذا لم تخرج مياس للآن .... تلك الفتاه لا أعلم ما بها ...منذ البارحه وهي ليست بخير
حتي أنني مررت عليها وقت الفجر ولم تقم ... حتي أنت يارا دفنت وجهك أكثر في الوساده
ولم تقومي .... لقد جننت منكن ..."
لم تجبها يارا بل دخلت مياس بوجه شاحب وهي تتمتم بالصابح ثم قالت بعدها
" أنا سأخرج قليلا أتمشي بالقرب من البيت أمي وعندما أعود سآكل ..."
ولم تنتظر رد أمها ولا يارا بل خرجت فورا من البيت ووجدت الصغير يلعب
بالعشب فانحنت وقبّلته بقوه علي وجهه ولعبت بشعيراته والصغير يبتسم
وهو يتابع لعبه ثم تركته وتوجهت للخارج بعدما أخذت سترة معلقه بجوار الباب خاصة
بهن وهي وأختيها 
لم تستطع المكوث في المنزل أكثر من ذلك .... لقد اختنقت حقا وهي تمثل أنها بخير
وهي ليست هكذا أبدا ... بل هي سيئه ... سيئه للغايه ...!!
بعدما فكرت بهدوء زاد غضبها أكثر .... وموقف ياسين يزيد قهرها ... لماذا عرّضها 
لهذا الموقف حقا .... لماذا فعل ذلك ....؟؟
هي أبدا لم تسيئ لأحد .... لماذا هي يحدث معها هذا .....؟؟؟
لم تشعر بساقيها وهما تسيران دون هدايه لمكان محدد .... بل أرادت السير وفقط 
وفكرة ن تعود ولا تفكر سوي في دراستها وعائلتها كما كانت من قبل تلح عليها
يا الله ... كم كانت هانئه ... سعيده بحياتها 
صوت بوق سياره عالي الصوت جعلها تجفل وهي تسير بجانب الطريق وتري 
تلك السياره البغيضه ... المتطفله ... الــ.....
صمتت أفكارها تماما وهي تري ياسين أمامها في سيارته يخفض الزجاج المجاور
ويقول بثبات
" اركبي مياس ....."
لم تجبه وهي تطلق شرارات قويه في اتجاهه ... شرارات قاتله 
فتابع ياسين وهو يتنهد
" أنت بالتأكيد لا تريدين إثارة الكلام في الشارع .... تعالي مياس ..."
شدّت سترتها أكثر علي جسدها وقد ارتدت ملابس بسيطه للغايه بنطال جينز وكنزه بيتيه
وفوقها الستره وشعرها تركته بتجعيداته البسيطه بعدما اختفي التصفيف منه 
لم تستطع منع نفسها من القاء نظره مغتاظه في اتجاهه قبل أن تركب
وجلست بهدوء في السياره 
قاد ياسين السياره والهدوء يسيطر علي المكان ... لا هو قال شيء ولا هي قالت 
أي شيء ... هي بالأصح لا تريد قول أي شيء .... هي تريد قتله فقط ...!!
أما هو فكان يصارع داخله تلك الرغبه البدائيه اتجاهها والتي اشتعلت أمس 
..لم يعد يستطيع الانتظار أكثر ... وتبا لأي شيء آخر
أوقف السياره بمكان هادئ .... خالي قليلا .... وقد شعرت بذلك ... فنظرت حولها
وهالها أن تري المكان 
هتفت بحده
" لماذا أتيت هنا ...؟؟..."
اعتدل ياسين وهو ينظر لها بتمعن ..... لقد بدت عيناها مرهقه وكأنها لم تنم 
وعلي رغم خلو وجهها من كل شيء الا أنه لعينيه في منتهي الجمال والرقه
كقطرة ندي صباحيه تلامس الوجه...!!
تمتم بثقه
" المكان الذي بدأنا منه مياس .... "
نظرت حولها مره أخري .... المكان كما هو ... شاطئ مهجور بعيد عن صخب
المدينه .... هادئ تقريبا ... كل شيء ما زال كما هه .. الا هي 
فحياتها أصبحت أكثر تعقيدا وقلبها ازدادت معاناته 
اتجهت بعينيها ناحيته وهي تنفخ أنفاسا لاهبه من قلبها وتهمس بصوت متألم رغما عنه
" لماذا فعلت ذلك ياسين ...؟؟..."
ابتلع ريقه بصعوبه وذكري القبله البريئه يجتاح عقله فيجعله يتمني كسر كل شيء
وامتلاك قبلتها الأولي التي يحلم بها ... ويحلم بأكثر من هذا ...!
هتف بشراسه رغما عنه وهو يفتح مقبض الباب ويخرج من السياره 
" دعينا نخرج من هنا ... لم أعد أستطيع المكوث ..."
وتركها داخل السياره تنظر لخطواته المتوتره ووقفته الشامخه بظهره الذي يواجهها
فتحركت بقلق بديهي وهي تخرج من السياره ثم وقفت بجواره
الهواء يتلاعب بشعرها البريّ وسترتها تضمها لجسدها أكثر وهي تحاوطه بذراعيها
بينما هو يضم قبضتيه في جيبي سرواله 
الصمت أطبق عليهم للحظات ... فقط الهواء المحيط وأصوات بعيده يتخللها صوت البحر
الغير مستهدف من أهل المدينه في ذلك الوقت 
ابتلعت ريقها وهي تعيد سؤالها بهمس مصرّ
" لماذا ...؟؟..."
تنهد ... وهو ينظر للبعيد ... يأبي النظر لها في تلك اللحظه ..حتي لا يؤذيها أكثر
فقد باتت رؤيتها عذاب ... عذاب عصيّ
قال بهدوء
" لأنني احتجت لهذا ..."
اتسعت عيناها وهي تنظر له ... وجهها يتلون بألوان عده ... ماذا يقول هذا ..؟؟
تمتمت بقسوه
" هل كنت تعتبرني ..كفتاه سهله أردت التلاعب بها ... أم أردت أن تثير غيرة المدام
سيد ياسين ...."
ابتسامه قاسيه لاحت علي شفتيه وهو ما زال ينظر في اتجاه آخر 
الا أنه بعد لحظه توجه بكليته .. يقابلها ... يقابل شراستها ... قوتها الملتمعه في عينيها
وهمس بثبات
" لن تكوني أبدا فقرة تسليه مياس .... وأبدا لن أفعل شيء يثير الــ.. المدام 
لأنها لا تهمني في شيء ...."
زمت شفتيها بعدم تصديق وهمست
" لا تتلاعب بي أرجوك .... كن واضح ..فأنا لا أحب الكذب ..."
تاه في عينيها البحريه .... عينيها التي جمعت سحر البحر وقوته 
لونه الممزوج بين الأزرق والأخضر في أوقات عواصفه .... متلألأه رغم 
إرهاقها ... الا أنها لعينيه هو ... جميله ... جميله للغايه 
" مياس ... أنا وزوجتي بننا مشاكل كثيره منذ زمن ... وحياتنا ليست مستقره
أبدا ... أنا فقط أحافظ علي ابني ...."
لا تعلم لما كلمة (زوجتي) تلك أثارت غيظها بل وجعلتها تتألم في صمت 
أي مشاكل بينه وبين السمراء فقد بدت لها فاتنه .... هل من الممكن أنه لم ... لم .....
" مياس ...."
انتبهت لصوته فرفعت عينيها له وهي تقتل أفكارها الأن بينما عقلها يستوعب
ما يقوله ... وبعد لحظه هتفت
" وما دخلي أنا بما تقول .... لست مصلحه اجتماعيه لك ولــ..زوجتك .. سيد ياسين ..."
اقترب منها خطوه مباغته فارتعشت كليتها في ترقب وقلق الا أنه لم يلمسها فعليا
بينما عيناه كانتا تلمسان كل شيء فيها 
تمتم بقوه وهو ينظر لعينيها
" أنا أخبرك بهذا لأنني أريد الزواج منك مياس ..."
صعقت .... حقا صعقت .... كل شيء فيها يتخبط ولم يعد شيء بمكانه 
وقلبها صار متناثر هنا وهناك يتخبط معها 
همست بشراسه 
" أنت مجنون ...."
ابتسم بعبث وهو يهمس 
" أعلم .... مجنون بعينيك .... عيناك ذات السحر البحري ... عندما يلامسها
شعرك بتجعيدته الأثيره ..أتخبط .... أشعر بالعالم يظلم الا من بريقها ..."
يا الله ... من هذا .... ؟؟... هي لا تعلم .... ربما احتسي شيء في الصباح
أو تناول شيء غيّبه عن الواقع 
لقد كادت تسقط فاقده لوعيها بين يديه ... وكاد قلبها يتوسله الرأفه بحالها 
وحاله 
ولكنه لم يستمع لأفكارها بل تابع بثقه وعاطفه قويه كادت تبتلعها
" لست صغير مياس حتي لا أعرف ماذا أريد ... ولست ضعيف حتي لا أعترف 
بك جزء مني ... بل جزء من كل لحظه في حياتي ....."
ارتدت للخلف خطوات غائبه وعيناها متسعتان بقوه ... مجفله من كل ما يحدث حولها
بل كل شيء أصبح مظلم حقا حتي دقاتها تختنق
وخطواتها المرتده ازدادت وصوته القوي يواجهها
" لو هربت الآن مياس دون قول شيء ... سأعيد طلبي مره أخري ...مره أخري
فقط في مكتبي ... وإن لم تجيبيني .... لا تسأليني علي تصرفي بعدها ..."
لم تستطع السيطره أكثر وخطواتها تتحول لركض خائف مرتجف ... مثير..!
وهي تتركه خلفها ينظر في إثرها وابتسامه مصممه تلوح علي شفتيه 
......................................

سلسلة قلوب شائكة /الحزء الاول(متاهات بين أروقة العشق) Where stories live. Discover now