الجزء 17

2.9K 98 0
                                    


الفصل الخامس

تلبس الجن


كانت نجوان تقف علي رجل واحدة، وترجع نصفها العلوي للخلف حتى لامس رأسها الأرض دون أن تقع !

كانت يداها متيبستان علي جانبي جسدها، وعيناها سوداء حالكة لا بياض فيها، و فمها مفتوح تخرج منه صرخات مخيفة بأصوات متعددة، فجأة استلقت نجوان علي الارض وهي ترتجف وجسدها ينتفض بعنف هرعت إليها انا وعمي عبد الكريم الذي كان يحاول عبثا" تثبيتها علي سطح الارض إلا أنها كانت اقوي منه. لم يستطع عبد الكريم الامساك بها إلا عندما خارت قواها و اصبحت تمر بحالة تشنج وهي تمسك قبضة يدها بعنف ومادة بيضاء تخرج من فمها، وهي تتمتم وتقاوم في الم واضح، وكان بؤبؤ عينيها يتحرك بسرعه غير معقولة ، طوال هذا الوقت كنا نسمع همهمات ومواء قطط و خبط على الأبواب وكانت الأنوار تنطفئ وترجع ، هدأت الاصوات وعادت الأضاءة و تملصت نجوان من قبضة عمي عبد الكريم وبدأت تتحرك وكانما لا يوجد في جسمها عظام قبل ان تسكن تماما علي سطح الارض دون حراك، قام خالد و عمي برفعها ووضعها علي السرير جلست بقربها وانا أفرك علي يديها ووجهها وسائر جسدها الذي كان كلوح جليد، في تلك الليلة نامت كالقتيل دون حراك حتى ان تنفسها كان ضعيفا".

بعد تلك الحادثة اصبحت نجوان انطوائية للغاية. لا تخرج مع اصدقائها او أخيها ولا حتى خالد الذي كانت تحبه جدا" ، و اكلها اصبح غير منتظم قد يمر يوم او يومان دون ان تأكل اي شيء إلا إذا أحضره لها أحدهم وكنت في معظم الأوقات اضطر إلى أن أجبرها علي أن تأكل، اصبحت قليلة الكلام،سريعة الغضب ، كثيرا" ماكانت تنتابها نوبات بكاء وصراخ شديد لا يتوقف إلا عندما يغمى عليها، وعندما تستفيق كانت تدخل في حالة حزن وإكتئاب وشرود.

كنت لا ادري ما سبب كل هذا، لكن أحمد قال لي بأنها ربما مصابة بمرض نفسي، وأنه سوف يأخذها لطبيب يعرفه في وسط المدينة، أخذناها لزيارة الطبيب الذي وصف لها عدد من العقاقير الطبية التي حرصت انا علي أن تتناولها، بالرغم من العلاج الا ان حالتها لم تتحسن، فقد أصبحت كسولة جدا"، دائما" تشتكي من الآم في ظهرها وركبها، وبدأت تظهر عليها آثار كدمات بلون أسود مائل للأزرق علي زراعيها وفخذيها، أما وجهها فقد أصبح شاحبا"، وعيناها حمراوتان، تطرفان يمنا" ويسارا" مع رأرأة.

أصبحت تأكل بشراهة وكانت بطنها منتفخة وبها حركة غير طبيعية كانها مليئة بالغازات، تركت الصلاة، واصبحت ترتاح أكثر عندما تكون متسخة، لذلك كثيرا ما كنا نجدها بالقرب من مكب النفايات في نهاية الشارع.

عانت من صداع شديد عندما يصيبها كانت أوداجها تنتفخ وصدرها كذلك وتدمع عيناها.أعتقدت بادئ الأمر أن هذه العلامات من الآثار الجانبية للعقاقير الطبية التي وصفها لها الطبيب، لم أكن أعلم أن كل هذه الأعراض هي أعراض الجن العاشق!!!

إنعكس مايحدث معها علينا جميعا" وكنا نخاف عليها ولا نستطيع تركها وحدها خوفا" من أن تفعل شيئا" بنفسها.

في صباح أحد الأيام دخلت الي غرفة نجوان وجدتها تهذي و ترتجف من الحمى وكانت متسخة جدا أردت أن أغمر جسدها بالماء حتى تنزل الحمى وأن أقوم بتنظيفها، توجهت نحو الحمام لأقوم بتجهيزه مسكت مقبض الباب لسعتني حرارته العالية، أبعدت يدي وانا أتأوه من الألم، حاولت مرة أخرى بعد أن وضعت ثوبي علي المقبض إنفتح الباب وزهلت مما رأيت ، لقد كان هنالك جثة علي أرضية الحمام، كانت معالم الوجه غير واضحة نتيجه لتهشيم عظامه كأنه سحل بمطرقة، وأصبح كومة من اللحم مخلوطة" مع العظم والدم متناثر منها يملأ أرضية الحمام وعلى الجدران، كان جسدي يرتعش وقلبي يكاد يخترق ضلوعي وقدماي لا تقوى علي حملي ، سندت جسدي علي الحائط بيدي وجررت جسدي حتى وصلت الي الهاتف ، إتصلت علي الشرطة وأبلغت عن الجريمة ووصفت لهم عنواني ، أخبرني الشرطي بأن التزم الهدوء و أغلق الحمام ومنافذ المنزل و ألا ألمس شيئا" حتى لا أطمس البصمات، أغلقت الهاتف و تحركت نحو الحمام وأغلقت بابه وجلست في الصالة اترقب وصول الشرطة وانا أنظر لباب الحمام تارة" وتارة" أخرى أنظر لباب الصالة، مرت علي الدقائق كأنها دهر ، كنت أحاول أن أعرف من ذلك الشخص المقتول في حمام بيتي؟ كيف دخل؟ من الذي قتله؟ هل لا زال القاتل موجودا" في المنزل؟ إذداد هلعي عندما سألت نفسي هذا السؤال وبدأت أتلفت وأنصت علي أسمع أو أرى شيئا" يمكنني من معرفة مكان القاتل، انتفضت من مكاني مزعورة حين دق جرس الباب، هرعت إليه حين صاح الشرطي قائلا: شرطة، سيدتي إذا كنت بالداخل الرجاء فتح الباب نحن أفراد الشرطة.

فتحت لهم الباب وسألني الشرطي عن إذا كنت أنا من قدم البلاغ؟ أجبته بإيماءة من رأسي بمعنى نعم.

وماذا رأيت؟ وصفت له الجثة في أرضية الحمام..

وأين هو مكان الجريمة؟ أشرت له بيدي علي مكان الحمام ، تقدم أفراد الشرطة الي حيث أشرت فتح أحدهم الباب ثم نظر إلى بتهديد ووعيد! قائلا: سيدي ، لا يوجد أحد هنا، المكان فارغ لا توجد أي جثة أو آثار دماء!

وقعت الكلمات علي مسمعي كأنها دوي مدافع، ركضت نحو الحمام الذي كان فارغا" ليس به جثة أو دماء ويبدو نظيفا" تماما" !

نظر الي الشرطي وتفحصني جيدا" كأنه يقيم حالتي النفسية وعندما لاحظ نظرة الخوف وعدم التصديق علي وجهي زفر بنفاذ صبر ثم تحدث بصوت صارم: لا يوجد آثر لأي جريمة هنا، وبلاغك يعتبر كاذبا"، ولا بد وأنك تعلمين أن البلاغ الكاذب عقوبته السجن، لكني سوف أسامحك هذه المرة لأنك تبدين في حالة سيئة لكن إذا فعلتها مرة أخرى سوف أكون مضطرا" لعمل الإجراء اللازم.. تحرك بضع خطوات ثم إلتفت إلي وقال :إذا كنت تعانين من أي مشاكل عليك برؤية طبيب ما. تحرك أفراد الشرطة وخرجوا من منزلنا ذهبت وراءهم أغلقت باب المنزل ، وعندما إستدرت وقعت علي الأرض من هول الصدمة وإذدادت ضربات قلبي حتى بت أسمعها بإذني وكان جسدي ينتفض من الرعب، فقد كنت أنظر مباشرة إلى تلك الجثة التي كانت بالحمام وهي مرمية علي الأرض في ذات المكان الذي كان يقف عليه الشرطي منذ ثواني والأرض حولها مغطاة بالدماء !

يا إلهي! ماذا يحدث؟ هل هذا حقيقي أم أنه كابوس؟

يتبع...

الجن العاشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن