كان الجميع يعلمُ بأن العدد فرديٌّ من البداية مما يعني أن في الأمر خدعة، هناك قاتلٌ من بينهم الآن يحدّق فيهم، يسمع خططهم، يعيش لحظة الرعبِ بزيفٍ معهم

ولا بدّ من أنّه يكره الوضع بهذا الشكل عند التمامهم جميعاً في مكانٍ واحد، فعندها لن يستطيعَ قتل أحدهم على انفراد لذا فهو يحاولُ جاهدًا تفريقهم

صمتَ الجميع من جديد ثمّ قالت إيفا بعد أن استجمعت قوتها
"حسنًا بما أنّه بيننا الآن فأنا أرغبُ بتوجيه كلامٍ له"

"تفضّلي"
نطَقت نارا لتحلّ الأنظار عليها
"لستُ القاتل! كنت أشجعها فحسب"

"أرجوك اجعلني أعيش.. فأنا لم أستمتِع كفايةً بحياتي بعد، ولم أحقّق شيئًا يُذكر، ولم أتزوج من جاسون"
قالت بحزنٍ بلا دموع دون إعارة جملتها الأخيرة إهتمامًا

ولكن الجميع انتبه لذلك ليوجّهوا نظرهم نحو كين
"أحقًّا ما تقول؟"
سألت مايا بصراخٍ غير متعمد

حلّ الصمت ليُقاطعه صوتُ إيفا من جديد
"أرغب بقضاءِ حاجتي هل يُرافقني أحدكم؟"
سألت دون خجل، فكلهم يعرفون خطورة التجول وحيدًا

"بالتأكيد"
وقف لويس لتصرخ
"كلَّا ليس أنت!.. أعني في جيبك سلاح لا أشعر بالراحة لذلك"
كانت تلك الشقراء واضحة بصراحتها دون تدليس خوفها

"لربّما أُدافع عنكِ به.. الخطر في استخدامه وليس فيه"
أجابها الآخر لينفي الأمر مايكل
"الخطر فيك أنت"

"حسنًا .. هل لي أن أختارَ رين مثلًا؟"
سألت دونَ سابق إنذار لرين لتتوسّع عيناه خوفًا، لم يكن ليثقَ بأيّ واحدٍ منهم ولن يفعل.. ولكنه مضطرٌ للبقاءِ معهم

وقفَ كين بعد أن أطلق تنهيدته
"لنذهب ونعد سريعًا بدلًا من إطالة الأمر"
تبعته نارا دون وعيٍ وكأنه أصبح دليلها

غادروا تلكَ الحجرة الضيقة خارجين بعودِ ثقابٍ مُنير، فقد حلّ الليل وسيطر الظلام الدامس على أرجاء الباخرة

وقفا خارجًا بعدَ أن دخلت إيفا لتبدأ نارا بالحديث
"أتمنى بأن نواصل على هذا السكون إلى أن ينتهي الأمر، فكما تعلم لا أشعر بالأمانِ مع كلٍّ من مايكل ولويس"

لم يُعلّق على كلامها ولكنها واصلت الحديث
"أتعلمُ شيئًا؟ كشف البطاقات ليست فكرةً جيّدة، فأنا على ثقةٍ تامة بأنه عندما يكتشف لويس بأن شريكه مايكل سيُقتل أحدنا من قبلهم"

"ومالذي يُثبت لكِ شراكتهما؟"
سألها مستفسرًا حتى أجابت
"حسنًا، تلك توقعاتٌ فحسب"

لم تُكمل حديثها عندما قاطعهما صوتُ قرعٍ للباب
"إيفا هل أنتِ بخير؟"
سألت نارا لتخرجَ إيفا سليمة
"بخير! لم يحدث شيء"

"استغربت قرعك للباب فحسب"
قالت نارا بعدَ أن هدأت، فلم تكُن على استعدادٍ لمقتل بريئةٍ مثلها

حدّقت إيفا بها لبرهة ثمّ أجابت
"ولكنّني لم أقرعه"

هنا لم يتمالك أحدهم خوفه، سيطر الرعب على كلٍّ منهم ليدخل كين لدورة المياه تلك باحثًا في كلّ مكان عن مصدر الصوت

"جاسون ما رأيك بأن نعود؟ لا فائدة من كشف الأمر ألم نتّفق على عدم فعلِ شيءٍ حتى عثورهم علينا؟"
كانت إيفا تلحّ بأنينها متجاهلةً دموعا الساقطة فهي في أشدّ توتّرها الآن، المكانُ كان متّسخّا برائحته النتنة كما أنّ الظلام جعله مكانّا مخيفًا فحسب و هي بالكادِ استطاعت الدخول لتوّها

احتاجَ كين لعودِ الثقابِ من نارا عند لمحه لشيء ما
"نارا ألقِ نظرةً هنا"
أمرها باستخدامِ اسمها الحقيقي لتحملِقَ إيفا فيها بغيرِ فهم، ولكن نارا لم تعرها انتباهًا

وقفا أمام خزانةٍ واسعةٍ نوعًا ما ليُعاود الصوتُ من جديد، قرعٌ داخل الخزانة!
"ساعديني في فتحها"
هنا لم تستطِع إيفا تجاهل الأمر فقد خاطبها كفتاةٍ وباسم جديد
"أليكس، هل هناكَ شيٌ تخفيانه؟"

كانت تقفُ كشبحٍ يتجاهلانه، فهما مشغولان بمصيبةٍ أعظم، حاولَ كين كسرها دونَ جدوى فهي مُطوّقة بسلاسِل وأقفال
"أحضري الجميع إلى هنا فحسب! لنفتحها بقوّتنا"

صمتت إيفا دونَ حراك لتتوجه النظرات نحوها
"أنا؟"
سألت ظانةً من أنّ الكلام كان مُوجهًا لأليكس

"أسرعي إيفا!"
صرخَ كين مُطلقًا شحناته السالبة لتركض من بعدها بالرغم من رفضها السابق للمشي وحدها في فناءٍ كهذا

لم يلبثا سوى خمسِ دقائق حتى انتهى جميع التسعة في ذلك المكان، كانت مايا ممسكةً بيد ديفد بشدّة، فهي على تأهّبٍ لمقتلٍ جديد أو هذا ما رسمته مخيلتها لها

حاولوا بكلّ طاقتهم خلع تلك السلاسل بآداتٍ حادة حتّى كُسرت إحداهم
"بقيَت سلسلتان، انتهينا تقريبًا"
قال مايكل بلهثٍ جراء تعبه

لم تمر ساعةٌ حتى خلعت جميعها لِتُفتح بقوة، عندها سيطرت الصدمة على كلٌّ منهم، عُجموا عن الكلام وتحكّم الرعب بمشاعرهم

أسودُ العينين كثيفُ الشعر، كان ذو بشرةٍ بيضاء ولكنّ الأوساخ جعلت منه أسمرًا بالكامِل، بدا بالعشرين من عمره

حملقَ فيهم كما فعلوا لينهارَ ذارفًا دموعه بحرقة، لم يتوَقع بأن يجده أحدهم، اعتقد بأنّها النهاية عندما أُدخل الخزانةَ قسرًا البارحة

صكّت نارا وجهها و وسّعت عيناها أكثر
"أليكس! مالذي تفعلُه هنا؟"
صرخت دون وعي

أهذا هو من انتحلت شخصيته لتُحافظ على سلامته؟
أدركت بأن الخطة كانت فاشلةً من يومها الأول

كما أن إنقاطع تواصلها مع المحققين أمثالها يبثّ مواصلة الفشل حتّى الآن، بل أيقنت بأن لا أمل لحلِّ تلكَ القضية...

————————————————
نصيحة إيفا
"حاجتك للغير لا تعني ضعفك، فاطلب منهم ما دمت بحاجة"

لوفينياWhere stories live. Discover now