وقفتُ أمام لائحة مكتوب عليها "نحتاج إلى موظف"، ولجت، "تبحثون عن موظف؟" سألت، ليبتسم قائلًا "نعم نعم".
"Lost in a cup"
نبست باسم المقهى الغريب
بدأت أنظر هنا وهناك، أحلل تفاصيل كل شيء، الطاولات، الكراسي، لائحة الطلبات، المكونات، نوع القهوة المتوفرة.
"مرحبًا، أنتِ هي الموظفة الجديدة صحيح؟" سأل رجل جميل ذو عينين عسليتين
ابتسمت "نعم، أدعى مايري"، ابتسم هو الآخر ليقول "أُدعى آش، تشرفتُ بمعرفتك".
"الشرف لي" قلت
أتذكر بأنني استيقظتُ الثامنة صباحًا، هبطتُ من على السلالم لأعد مشروبي الصباحي، فتحتُ الخزانة لأرى زجاجة فارغة، ارتديتُ معطفي، ثم خرجتُ لشراء الشاي، كيف انتهى بيَ المطاف هنا؟. لسبب ما، قبلت بهذه الوظيفة، رغم أنني لا أحب القهوة.
"إذًا، أنتِ لا تحبين القهوة" قال آش بابتسامة
"كيف عرفت ذلك؟" سألت بتفاجؤ
"تخمين" أجاب، "حسنًا، هيا بنا" أردف بحماس
تاف بصري إليه وهو يسأل هؤلاء الغرباء ( الزبائن ) عن طلبهم. عاد آش حاملًا عددًا من الأوراق، لأقرأ واحدة تلوَ الأخرى.
أمسكتُ بإحدى الفناجين، أتأمل زخارفها ولونها القرمزي، إنها جميلة.
وقفتُ أمام زجاجات القهوة، بماذا أبدأ؟، هل أقوم بطحنها أولًا؟، أم أجهز الماء؟.
"ألا تتذكرين" قال آش فجأة
"أتذكر ماذا؟" سألت باستغراب
"كيف كنتِ تعدين القهوة مع والدتكِ" قال
"والدتي؟" قلت، "توفيت والدتي عندما كنتُ في السادسة من عمري" أردفت بنوع من البرود
كنتُ أحب إعداد القهوة ؛ فبرؤية أمي الفنجان، تبتسم، وتقول بعد أن احتست القليل منه "إنه لذيذ". تلاشت صورتها، ليتلاشى حبي للقهوة.
"لا تجعلي منجنيق الماضي يهدم مباني الحاضر والمستقبل" قال
"ما الذي تقصده؟" سألت
"دعي الماضي يمضي، هل سمعتِ بشخصٍ ربح سباقًا وهو ينظر خلفه؟" قال بابتسامة، لينصرف متجهًا إلى الزبائن
أطلقتُ تنهيدة طويلة لأقول "حسنًا".
بدأت بطحن القهوة، لينتهي بيَ المطاف، أمام إحدى الزبائن، ترتشف من الفنجان القرمزي.
"إنه لذيذ" قالت بابتسامة
فجأة، تذكرتُ كل شيء، كشريط سنيمائي يمر أمام عيني.
ابتسمت وقلت "سعيدة بأنها نالت رضاكِ".
"لابد من أنكِ أدركتِ شيئًا" قال بهمس
أغلقتُ عيني لأقول بابتسامة تزين ثغري "نعم".
"ماذا؟" قلت باستغراب بعد أن فتحت عيني، "كان مجرد حلم" تمتمت
لقد كنتُ جالسة هنا طوال الوقت، أحتسي القهوة. بدا الحلم حقيقيًّا، ربما لم يكن حلمًا.
"هل كل شيء على ما يرام آنسة مايري؟" نطق النادل
نظرتُ إليه، "إنه آش" قلت في نفسي بنبرة متفاجئة
لم يكن حلمًا. ابتسمت لأقول "لقد كنتُ تائهة في فنجان القهوة"، ليبتسم قائلًا "أحقًا ذلك؟"، "نعم" أجبت
وقعتُ في جوْبة الماضي، وكنتُ أسيرةً له.
رأيتُ نفسي واقفةً خلف قضبان الألم، كوقفة المكدود، ليتهشم قلبي، ويستوطنه فراغ سرمدي.
"دعي الماضي يمضي، هل سمعتي بشخص ربح سباقًا وهو ينظر خلفه؟" تغلغلت كلماته في مسامعي، لأجيب بـ "لا".
وقفتُ من على الكرسي لأتجه نحوه، "المعذرة" قلت
"في ماذا أساعدكِ آنسة مايري؟" سأل
"هل تبحثون عن موظف جديد؟" قلت
ابتسم ليقول "نعم".
النهاية.
تمت ونشرت بتاريخ: August 22, 2017
-الون شوت فائز بالمركز الأول في مسابقة "آليس" للقصص القصيرة.
-فائز بالمركز الأول في مسابقة Top one shot
أنت تقرأ
Lost in a cup 「 ون شوت 」
Short Story"هل كل شيء على ما يرام آنسة مايري؟" نطق النادل ابتسمت لأقول "لقد كنتُ تائهة في فنجان القهوة"، ليبتسم قائلًا "أحقًا ذلك؟"، "نعم" أجبت تمت ونشرت بتاريخ: August 22, 2017
