الفصل الثاني عشر والاخير

2.1K 50 8
                                    

حاولت روكسي ان تصرخ, فلم يخرج صوتها من حلقها. و حاولت التخلص من بين ذراعيه, فعجزت. و صاحت فيه:
ـ ان اختك في انتظارك.
ـ لقد عادت غلى المنزل.
ـ وتلك الفتاة التى كنت تراقصها هائماً.
ـ مجرد مساعدة لىّ في نصب الفخ.
كررت بصوت متقطع به بحة:
ـ فــ....خ؟
وقال بسخرية:
ـ نعم لاكتشف كم انت غيورة على.
شعرت بالدم يتصاعد إلى وجنتيها. و همست في استكانة:
ـ اننى احبك, لكم كنت اود لو لم افعل.
و قال بهدوء:
ـ لقد استغرقتِ وقتاً طويلاً لإعلان الاستسلام.
و غمغمت متستسلمة:
ـ لا يمكننى الاستغناء عنك, حتى لو كنت في مرتبة ثانية.
كرر:
ـ مرتبة ثانية؟
انحنى ليطبع قبلة على فمها, و اودعها كل ما يحس به نحوهامن حنان, و قال:
ـ فلتبيعى هذا المنزل اللعين, و هيا إلى اى مكان آخر, شريطة ان نكون فيه معاً. لقد كنتِ معى في منتهى العناد, و لكنى احبك, و اريدك
حملقت إلى عينيه, و سألته متعجبة:
ـ اتعنى حقاً ما تقول؟

لم تكن عيناه ساخرتين بل كانتا مملوءتين بالقلق و احتبست انفاسها و هو يؤمى لها بالايجاب بكل جد.
و قالت تختبره:
ـ سوف اضعه غداً تحت يدي سمسار العقـــارات.
لم ينفعل, بل قال:
ـ اود لو تفعلين, لقد اصيب هذا المنزل بلعنة سيدتين عجوزين يائستين, و هذه اللعنة تطاردنا.
تصلب جسدها لهذه الاهانة لوالدتها.
قال ايثان بكل جد:
ـ هذا حق يا حبيبتى. و سوف أريك. لقد احضرت انابيل مذكرات والدتك و خطاباتى. وجدتهما مع الوصية حين وجدت لديها الشجاعة لتذهب إلى الغرفة العلوية القذرة لتنظيفها. و حين قرأتها, ادركت ... حسناً, سترين نفسك. يكفى انا اقول لك الآن, انها ظنت ان من الأفضل ان تحتفظ بهما, لمصلحتنا الخاصة. لكن حين رأت مدى شقائى لفقدك, غيرت رأيها, ارجوك من اجل مستقبلنا, هيا معى....
تركته يقودها خلال الصالة, حيث الحفلة مستمرة, لم يلاحظ احد غيابها. و جاءها بلابطة ملفوفة في ورق هدايا و مربوطة بشريط عريض.قال و الجد في عينيه:
ـ لك هدية منى, مع وافر حبى, و امل أن تقرئى كل كلمة, و تفهميها. تصبحين على خير.
اخذت تراقبه و هو يبتعد, عيناها معلقتان بكتفيه العريضتين في القماش الأخضر الداكن. لم يلتتفت وراءه, بل مد يده إلى الباب الأمامى ففتحه, ثم غاص في دكنة الليل.
و امسكت باللفافة, اسرعت إلى المطبخ, باصابع مرتعشة, اخذت تفك اربطتها.
و انكبت على القراءة لساعتين, أخذت اصوات الحفلة خلالهما تذوى إلى ان سكن المنزل تماماً. و في النهاية, فهمت.
كانت خطاباته مثالاً للتحفظ, و لكنها تفيض بالألم من بين سطورهاو من ردود افعاله علمت بشاعة ما كان يوجه إليه من اتهامات. و كانت بعض خطاباته رداً على خطابات امه, و قد اُرفقت بها, و شعرت روكسي بالغثيان حين قرأتها. لقد كانت مسز تريمين سيدة مريضة, فهذه الاتهامات الشنيعة لا يمكن ان تصدر من عقل سوي.
و من مذكرات والدتها, ادركت روكسي كيف اصبحت مسز تريمين مقنعة بالتدريج. ففى البداية ضمت المذكرات ملاحظات حول ما تحكيه السيدة العجوز عن ابنها, و تعليقات حول نبذ ايثان لأمه دون شفقة. و كيف أنه اسرع بوفاة ابيه عن طريق حفلات الشراب الصاخبة. و اخيراً, قرأت روكسي في آسي حنق والدتها الذى غرسته فيها مخدومتها بسبب محاولات ايثان الشريرة لإغواء اخته انابيل. إن امها لم تكن كذلك ابداً. لقد وضعت تعاطفها في غير محله.
و اسوأ من ذلك, انها اخذت تنشر هذه القصص في القرية, لا عجب إذن ان يكون ايثان غاضباً منها.
و اغلقت المفكرة و قد استبد بها الفزع. لقد استسلمت ميلى بيج و مسز تريمين لمشاعر حقدهما فأفسد عليهما تقديرهما للامور. كيف اصبحت امها بذلك العمى؟
أخذت تذرع المكان في تفكير عميق. لقد كانت امها من صنف النساء اللواتى لا يرددن لمخدومتهن كلمة, تنظر إليهم على على انهم القوم الأفضل. لقد كانت رهن إشارة الأخرين إلى ان فقدت تماماً استقلال التفكير.
لقد دفعها قلبها الكبير إلى ان تنفعل مباشرة لحماية السيدة العجوز الكسيرة التى تخدمها. كالطيور حين تحمى افراخها. إن القصص التى كانت تختلقها السيدة العجوز بتفاصيل دقيقة قد صبغت حياتهما, و جلبت عليهما تأثير سيئاً.
و شعرت روكسي بالتعاسة ان جرحت امها الرجل الذى احبته, لكنها فهمتو لقد رأى ايثان تدخل ميلى بيج و رفضها السماح له برؤية امه. و من ثم فقد تصور انها اثرت عليها لكى تضع الوصية لصالحها. و عضت روكسي شفتيها. إنها سوف تخبر ايثان انه مخطئ.
و عادت إلى الصالة فوجدت شبحاً يتوارى في الظلام, فصرخت من الفزع.
فقال ايثان:
ـ انه انا.كان واقفاً داساً يده في جيبي جاكته, و قد باعد بين ساقيه ليس بغرور و لكن ترقب.
قالت بعصبية, و هى تشبك اصابعها:
ـ لقد قرأت الخطابات. لقد علمت الآن اى طراز من النساء كانت والدتك, و ان والدتى لم تعتقد ابدا ان مسز تريمين قد تكون مخطئة.
ـ حين غادرت مع والدى كارنوك, و من بعدنا انابيل, لم يصبح لدى والدتى ما يشغلها. اصبحت كل ساعة من يومها مشغولة بالدسائس و الخطط و الكراهية.
ـ و قد انغمست والدتك في كل هذا. و في نطاق القرية, لم يكن الدليل مطلوبا, فالأقاويل تتناقلها الألسن دون الحاجة إلى براهين. وهكذا تنقل القصص و تتضخم.
و سألته:
ـ ماذا ستفعل إزاء سمعتك هذه؟
ـ لا شئ. سأتركها إلى ان تذوى ثم تُنسي.
ـ اننى واثقة ان امى لم تقنع والدتك بالنسبة للوصية...
قال برقة:
ـ اعلم. لقد فكرت في هذا ايضاً. و يمكن ان يفهم هذا من اسلوب كتابة والدتك. لقد كانت انسانة مخلصة, و لقد اخطأت في حقها, أننى آسف.
ـ و أنا آسفة لما حملت على عاتقك من هموم. و لاعجب ان ثارت ثائرتك حين علمت اننى الوريثة.
ابتسم ابتسامة واهنة:
ـ لقد رأيت فيك امرأة سطحية, عديمة المبادئ مسرفة اعجز من ان تحافظى على كارنوك. و ربما ستدهنين كل باب بدرجة مختلفة من اللون البرتقالى.
اطلقت ضحكة مهتزة:
ـ اهكذا كل شئ؟ و لكن خبرنى, ماذا كانت تفعل اختك و صديقها بجوارى يوم صُدم رأسي؟
ـ آهـ, لقد انفصل الفرع بالفعل, و اصطدم برأسك. و قد رأك صديقها, و كان متجها ليواصل إزعاجك, فوجدك ملقأة على الأرض, و لم يفعل شيئاً, و عاد ليخبر اختى. و كان بإمكانهما ان يتركاك هناك, و لم يكن لأحد ان يعثر عليك. و ربما كنت ظللت ليومين او ثلاثة إلى ان تموتى في مكانك, و لكنها طلبت لك سيارة الإسعاف و ظلت بجوارك, تغطيك بسترتها الصوفية.
اهتزت مشاعر روكسي:
ـ لقد كانت ذات قلب رحيم إذن؟
ـ نعم, حينما اخبرتها برغبتى في الزواج منك, وافقت ان تحضر معى الحفلة, عالمة انك قد تطرديننى لو حضرت بمفردى
قالت بتعاطف:
ـ أكان مجهوداً خرافياً بالنسبة لها؟
هز رأسه:إنها لم تر أحداً تقريباً منذ اشهر, بخلاف صديقها. و لكنها الآن قد تخلصت منه, و تريد منا ان نساعدها في الدخول إلى الحياة مرة اخرى, فما رأيك؟
اقبلت عليه و وضعت رأسها على صدره, و زمجر قائلاً:
ـ لقد كدت ان اقذف هؤلاء الرجال من النافذة
فضحكت قائلة:
ـ اننى لم اكد اركب الزجاج فيها.
يجب ان تبدئي البحث عن مسكن آخر من الصباح, فلن استطيع الانتظار اكثر من ذلك
دق قلبها بحنون:
ـ لابد انك تحبينى حباً جماً حتى تضحى من أجلى بـ كارنوك كع علمى بمدى تعلقك بها.
همس في اذنها:
ـ انها لا تساوى شيئاً بجوار ما اشعر به تجاهك.
قالت:
ـ اريد البقاء هنا, و قد علمت انه لا منافس لىّ, و اننى في المقام الول لديك.
و كانت لحظة لم يعد للاحزان فيها مكان. ليس سوى المستقبل و احلامه.
همست له:
لكم اود ان اكون ملك يمينك.
غمغم قائلاً كما انا ملك يمينك
... للامانه القصه منقوله من منتديات ليلاس
دمتم بحب واي روايه تريدوها انا جاهزة انشرها

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 26, 2017 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الحب العاصفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن