الفصل للعاشر

1.7K 25 3
                                    

شعرت روكسي بخيبة امل في بادئ الأمر حين قيل لها إنها ستغادر المستشفى. شرح لها الدكتور هوايت ظروف حالة فقدها الذاكرة, طالبا منها اللجوء إلى الراحة. و كان غريباً ان يكون الدكتور تريمين ساكناً بالقرب منها, و عرض ان يصطحبها إلى منزلها. قامت ممرضة بمصاحبتها للاعتناء بها, يبدو انها كانت على درجة من الثراء تمكنها من استخدام مدبرة منزل ايضاً.
بدا لها ذلك غريباً, كما لو كانت غير معتادة على خدم حولها.
وجلست بجوار تريمين و الممرضة جلست بالمقعد الخلفى. كان الأمر غريباً, و هى تسير في طرق طبيعية ربما كانت تعرفهافى يوم ما كباطن يدها. و سألها عرضاً, و هم يدخلون في حارة ضيقة:
ـ هل بدا لك شيئاً مألوفاً؟
تنهدت و هى تهز رأسها, فالصداع لا يزال يؤلمها. و سألت:
ـ هل اعيش في الريف؟
نظرت إلى ثيابها, كانت مبهرجة الألوان, غير مناسبة.

ـ انك تعيشين هنا.
و اشار إلى مدخل يقتربون منه و قرأت:
ـ كارنوك. اسم مألوف يا ايثان, لقد تعرفت على الاسم.
كانت تصيح بحماس
ربتت يده يدها برفق ثم سحب يده بسرعة:
ـ كيف تشعرين تجاه ذلك الاسم, ماذا يثير في نفسك من مشاعر اسم ذلك المنزل.
ـ السعادة..... الرضا.
عرفت السبب لحظة ان وصلوا إلى المنزل. كان منزلاً لطيفاً, اخذت تدور في ارجائه ببهجة مبهمة, تحت رقابة من ايثان الصامت. و قال لها في النهاية:
ـ اعتقد انه يجب ان تذهبي إلى الفراش.
قالت متوسلة:
ـ ليس بعد و التفتت نحوه ببطء, فوجدت عينيه, تحدجانها بنظرات نارية اهتزت لها, و همست:
ـ ايثان......قال بصوت غليظ و هو يه رأسه:
ـ اياك..... إنك لا تدرين ما تفعلين.
و تنهدت قائلة:
ـ بل اعلم. إننى اعرفك, فات يمكن ان اشعر بهذه المشاعر تجاه رجل غريب.
ـ نعم, انت تعرفينى
و سألته و هى تحبس انفاسها ترقباً:
ـ معرفة جيدة؟
و هز رأسه ببطء, و لم يزد, و علمت انه لن يأخذ المبادرة طالما بقيت هى مريضة. و قالت برقة:
ـ لا اريد ان تنتظر بصفتك المهنية.
جفل:
ـ أفهم.
ـ كلا أنك لا تفهم
توجهت إليه واضعة كفيها على صدره:
ـ ايثان, اريد ان تساعدنى على التذكر كصديق. ابق معى. ساعدنى يجب الا ترفض, فانت الوحيد الذى يمكنه ان يجمع شتات حياتىمرة اخرى.
و سألها بثورة هادئة:
ـ اواثقة ان هذا ما تريدين؟
ردت بهدوء:
ـ لو كانت حياتى تضمك فيها, نعم.
و زام قائلاً:
ـ اوهـ, يا روكسي
ادركت الآن انهما كانا متحابان. من خفقات قلبها كلما اقترب منها, و من ارتعاش جلدها عندما يلمسها. علمت انهما على علاقة وثيقة. ربما يكون قد طُلب منه ان يأخذ الأمر على مهل معها, و لكنها تريد ان تعرف كل شئ.
ـ ان ساقى لا تستطيعان حملى, ساعدنى على الذهاب إلى الفراش
ـ سوف انادى الممرضة.
ـ و لماذا؟ إنك اقدر منها على حملى إلى السرير.
قال و رموشه تنسدل لتخفى عينيه:
ـ إذا كنت تريدين هذا.و حملها كما لو كانت لا تزن شيئاً مذكوراً و احست بالطمأنينة بين ذراعيه القويتين, فطوقت عنقه بذراعها و ضمت نفسها له. و اسندت رأسها على كتفه, و شعرت بدقات قلبه المتسارعة.
و وضعها بلطف على سرير دى اربعة قوائم, قال انه سريرها, و لكنها لم تريد ان تترك عنقه.
ـ قبلنى ايثان, أننى ضائعة جدا و مشتت الذهن, و في امس الحاجة إلى قبلتك.
انحنى و قبل ثغرها برقة و همس:
ـ روكسي, اهـ, يا روكسي.
قالت:ـ انا اعلم ما نشعر به تجاه بعضنا.
و نهض على مضض, و فك يديه عن عنقه بيديه القويتين و قال:
ـ لا يجدر بى ان افعل ذلك
و ابتسمت في خبث:
ـ لقد قلت إن هذا يفيدنى.
و رد عليها بابتسامة لعبت برأسه. لقد كان وسيما بدرجة فائقة لا تصدق جذابا بصورة تأسر اللب. و شعرت بالنبض في رأسها فامسكت به بسرعة. و سألها:
ـ الم شديد؟
و اقبل عليها يربت خدها, و يدلك عنقها تدليكاً خفيفاً, و اصدرت آنة ارتياح.
غمغمت و هى تتماثل للنوم:
ـ يا لمهارتى, ان يكون لىّ مقوم عظام و حبيب في نفس الوقت. إنك حبيبى, اليس كذلك؟
وهمس:
ـ هش. لقد حققنا من الاكتشافات ما يكفى يوم واحد.
ثالت و النوم يداعب جفنيها:
ـ ابق إلى ان اتعمق في النوم. انى اشعر بسعادة لوجود كـ بجوارى.
حين استيقظت, وجدته بجوارها, حليق الذقن. قال بهدوء:
ت ان لديك زوارا
تابعت نظرته بعينيها, فوجدن شابا وسيما يجلس في الناحية الآخرى من الفراش و قال لها مبتسماً:
ـ مرحى يا اميرة الجمال النائم.
ابتسمت:
ـ مرحى, هل سندخل في مسابقة العشرين سؤالا, ام ستخبرنى عن نفسك على الفور؟
قال برقة:
ـ جو. لقد احضرت لك بعض الازهار.
و اشرق وجهها:
ـ رائع, اشكرك. يالا لوانها التى لا تصدق!
و تعجبت من ذا الذى يضع الاحمر القانى مع القرمزى مع البرتقالى الفاقع؟!!
و قال في ثقة:
ـ اعلم انها ستروق لك. لقد بدا بائعع الازهار مذعور بعض الشئ لهذه التشكيلة, و لكنى اخبرته ان ذوقك بالنسبة للالوان ليس كسائر الناس.
قالت في آسي:
ـ اشعر اننى في منتهى الغباء. انتما الاثنان تعرفان كل شئ عنى, و انا لا اعرف عن نفسي شيئاً.
قال جو مبتسماً:
ـ شكراً للرب. لقد نسيت إذن كل اخطائى.
ـ اخطاؤك؟قال ايثان:
ـ أن جو يعمل لديك.
و سألت:
ـ لدى؟ ما عمله؟
قال جو :
ـ لم يكن في نيتنا ان نخبرك, و لكن الأمر معقد بعض الشئ فقد تبادلت حديثاً مع ايثان و رأى انه لابد ان نعلمك ببعض الحقائق.
استمعت روكسي في دهشة و هو يقص عليها شيئاً عن شركة تملكها و عطاء يجب ان تتخذ قرار عاجل بشأن قبوله.
قالت في قلقل:
ـ لست اشعر باننى في حالة تسمح لى بمعالجة موضوع كهذا.
قال ايثان:
ـ لم يطلب منك احد ذلك, اهم شئ هو ان تتحسنى صحياً. و لكن يبدو ان القرار يجب ان يُتخذ بشأن العطاء.
ـ ما رايكما؟ اننى اضع ثقتى فيكما و لست قادرة على ان افكر في هذا.
تبادلا وجهات النظر, قصا عليها ما بذلته من مجهود في نشاطها التجارى, و لكنها لم تشعر بشئ تجاه كل هذا. فهو امر يتعلق بالماضي. و كان جيداً, و المفروض ان تشعر بالرضا لرؤية محلاتها تنتشر في المدن الكبرى. قال ايثان:
ـ راينا ان تقبلى. لقد بحثنا في كل الاحتمالات, و انتهى رأينا معاً لهذا انه افضل شئ لك, و للعاملين, و للشركة خصوصاً و انك كنت متحمسة لذلك.
ابتسمت في آسي:
ـ ما دامت قد نسيت اموراً تثير حماسي كما تقول جو, فانى لست في وضع يسمح لىّ بالادارة بصورة سليمة, و لا اريد ذلك.
سألها جو:
ـ اتريدين ان نتولى عنك ذلك؟
هزت رأسها. كل ما كانت تريده هو ايثان, و ان تظل في المنزل.
نهض ايثان واقفاً:
ـ سوف اخبر انابيل بانك ستبقى هنا جو. بعد إذنك يا روكسي. سوف اعود بعد قليل لاقوم ببعض التدليك لك قبل انصرافى.
تبعته بعيناها إلى ان اختفى. و قال جو:
ـ انك تحبينه حباً جماً, اليس كذلك؟
ضحكت ضحكة خفيفة:
ـ هل افضح مشاعرى لهذه الدرجة؟
هز رأسه:
ـ إنه مجنون بك, و اعتقد انكما ستكونان اسعد حبيبين تحت سقف واحد.
يبدو انه يمكنه الانتظار ليسألك الزواج, وقد قلت له الا يتردد, لكنه غير واثق.
ـ بسبب قفقدانى الذاكرة؟ـ نعم انه يظن ذلك ليس عدلاً. و انه يجب ان تكونى متمالكة كافة مشاعرك, إذا حدث هذا يوما ما, و انفجر ضاحكا.
ابتسمت:
ـ يخيل إلى اننا كنا على وئام اثناء العمل. إنك لن تفقد وظيفتك مع العطاء الجديد؟
ـ كلا, فهو توسع في النشاط. لقد كان افتتاح فرع بريستول الذى فمت انت بتنظيمه رائعاً, و اعجب مقدمو هذا العطاء بـطريقتى في إدارته. فلأستعد لتناول العشاء مع تلك المرأة التنين انابيل لقد كنت افضل العشاء معك, و لكن ايثان قال انه يجب تركك لتستريحى. اعتقد انه لا يثق في نفسهأن يقضى الليلة معك.
احمرت وجنتاها:
ـ خبرنى عن انابيل. من هى؟
ـ اخته لقد قابلتها عند وصولى , و لم اشعر بميل نحوها. إن لها وجها من الوجوه التى توحى بالشر, و لا يتميز شقيقها عنها كثيراً في هذا.
و كانت السعادة التى تغمر روكسي اكبر من ان تجعلها تشغل بالها بتلك الأخت المنفرة.
و قال مبتسمة:
ـ اراك قبل انصرافك, و شكرا على كل ما فعلت.
ـ تحت امرك يا روكسي,لا تدعى ايثان يتسرب من بين اصابعك. انه مثالى لك.
اشرقت عيناها:
ـ اعلم, و سأفعل كل ما في وسعى.
اتكأت على الوسادة سعيدة, تنتظر ايثان. و جاءتها الممرضة ترفع الضمادات طبقاً لتعليمات دكتور هوايت. و شعرت روكسي انها اكثر انوثةبعد ان ساعدتها الممرضة في ان تصلح من شأنها و تبدل ملابسها. و صففة الممرضة شعرها في خصلات تحيط بوجهها, و رضيت كلتاهما بالنتيجة تماما.
قالت الممرضة:
ـ سأنصرف الآن . ان الدكتور يقول إن بامكانك النهوض في الصباح و سيمر عليك وقت تناول القهوة.
اخذت روكسي يد الممرضة بين يديها:
ـ شكرا جزيلا لك. إن مستشفى يضمك مع الدكتور هوايت و الدكتور تريمين لمستشفى يسعد الانساان ان يمرض فيه.
ردت الممرضة:
ـ شكراً. و لكن الدكتور تريمين ليس من اطباء المستشفى إنك محظوظة ان تجدى انساناً مثله يحبك كل هذا الحب. و ربما لا يحكى لك, و لكنه لم يبرح جانبك إطلاقاً. و كنا نجبره على تناول الطعام. لقد الغى كل ارتباطاته ليكون بجانبك.
ـ و ماذا عن مرضاهـ....
ـ اه, إنه يدير عيادة ضخمة, و له شهرة واسعة, و قد درب مجموعة من مشاهير الاطباء التلاميذ له. و قد وزع عليهم مرضاه. و لكن احدا لا يملك لمسته, و الآن سانصرف, فانت بين ايد حانية.
و ضحكت, فابتسمت لها روكسي:
ـ اعلم.
و جاء إيثان بعد قليل, و خيل إليها انه يتأملها بعينين والهتين و نظرت إليه و قالت في وداعة:
ـ اننى احبك.
انحنى عليها بعينين تفيضان حبا و حناً و طبع قبلته على خدها و قال:
ـ و انا احبك ايضا.
و سرت كلمته في بدنها مسرى الدم, دافئة تشفى كل الجراح. و قالت و هى تفكر بصوت عالى:
ـ لقد احببتك طوال عمرى.
اسندها إلى الوسادة, و قال برقة:
ـ إن معى ضيفا في انتظارى.
ـ جو, انه شخص لطيف... لا افهم كيف تكون اعمالى في لندن و انا مقيمة هنا. لقد ذكرت لى الممرضة اننا في كورنوول.
اعتدل واقفاً, و تجهم وجهه بطريقة غريبة:
ـ انها قصة طويلة . اطول من ان تقص هذه الليلة. تصبحين على خير يا روكسي, سوف اراك في الصباح.
نامت ليلتها دون الحاجة إلى حبوب منومة. و استيقظت منتعشة, و رأت في نفسها قوة ان تنهض من الفراش بعد الفطور الذى قدمته لها مسز بولرون, مدبرة المنزل.
و اكتشفت روكسي ان مسز بولرون تعمل لدى ايثان و حاولت استخلاص اكبر قدر من المعلومات. و لكن المرأة كانت اكثر نضجاً من ان تستدرج للحديث عن ايثان, أو عن حقيقة ان روكسي تعيش في ذا المنزل الضخم دون خدم او مساعدة.
و اخذ تصلب ظهرها و صداع رأسها ينقشعان تدريجياً على مدار الأيام التالية. و هى لا تزال عاجزة عن تذكر الماضى و لكنها لم تهتم, فالمستقبل امامها رائع.
و في صباح يوم مشمس من شهر مايو كانت هى و ايثان جالسين في الشرفة. و كانت الشجيرات التى تمثل سياجاً حول الحديقة قد ازهرد بالأزاليا و الرودويندرون, بينما تبرز انصال من نبات قفاز الثعلب الارجوانية من العشب. و كان الهواء يحمل اصوات افراخ طائر غراب الزيتون و هى تصيح طلبا للغذاء.
و كان إيثان قد جلب لها بعضاً من الفراولة التى بدأت تنضج في الحديقة قائلاً ان انابيل ترفض اكلها.
و وجدت روكسي انه امر غريب ان انابيل لم تزرها ابداً.
و حين ذكرت ذلك لـ ايثان على تردد منها, قالت بهدوء:
ـ إن انابيل تنفر من الناس كما كانت امى تفعل بالضبط.
قالت مستحثة, و هى تغطى يده بيدها:
ـ خبرنى عن والدتك.
ـ انها كانت تجد الناس لا يعيشون طبقاً للمعاير الصحيحة الصارمة التى كانت تضعها, لقد كان ذلك مرضا فيها. و قد كانت غاية في الأنانية, لا تهتم ابداً باحتياجات غيرها و قد اصبحت عصابية, وتعرضت انا لشتى انواع العذاب معها...... بأكثر من طريقة على ما اعتقد.
ـ لم يكن ذلك سهلا بالتأكيد, صبي يعيش في الريف, مع ام مفرطة في قواعد الصرامة.
و قال بهدوء:
ـ لقد كانت حياتى شقاء. لقد حاولنا ان نتعايش معها, و استخدم والدى شتى صور الرقة, لكنه ضاق ذرعا باتهاماتها و مطالبها المستحيلة في النهاية. و لذا انفصلا, و عشت انا مع والدى
ـ انهمت متوفيان الآن؟
نظر في عينيها:
ـ نعم. كانت جنازة امى في يوم مطير من ايام ديسمبر الماضي. و كنت احاول لقاءها في ايامها الأخيره. لأقف ما تثيره حولى من شائعات.
قالت بدهشة:
ـ اتعني انها هى التى كانت تنشرها؟ يا له من موقف فظيع!
ـ اوهـ. على مدى سنوات طوال و هى تختلق القصص عن والدى و عنى. و عن الفجور الذى نعيش فيه. و كان اهل القرية يتناقلون هذه القصص بالسنتهم. و قد تركتها انابيل منذ حوالى سبع سنوات, فمن الصعب على فردين انانيين ان يعيشا معاً. و رأت امى في ذلك ضربة انتقامية موجهة منى ضدها.
ـ و ماذا فعلت؟لقد زلزلت الصدمة كيانها, فلزمت الفراش لا تغادره. ثم كانت الإشاعات بأنى اغريت اختى بهجرها لاقدمها لأصدقائى امتاعا لهم.
امتلأ قلبها بالشفقة عليه, فبالاضافة إلى تلك الشائعات, فقد كان شقاء له ان تضمر له امه كل هذه المشاعر السيئة, و هى على فراش المرض.
و استطرد بمرارة :
ـ و اخذت حالتها تزداد سوءاً و تقطعت اخر خيوط المودة بسيل من المكالمات التليفونية و الخطابات, ممتلئة كلها بكل ما ينفر النفس فهى لم تغفر لى على الاطلاق اختيارى للمعيشة مع والدى, مدعية اننى انتمى إليها خى. و الآن على ان اراقب انابيل ايضاً. إن صديقها طبيب نفسي, و هو يعالجها, و استطيع انا ارى فرقاً كبيراً الآن.
تنهدت:
ـ يالها من مسكينة, و يالك من مسكين. و اربد وجهها إذ رأت انه لن يفكر في الزواج طالما بقى عليه عبء رعاية اخته.
و رأى ايثان منها ذلك, فقال:
ـ لا تشغالى بالك بـ انابيل فانا متعود عليها, و كتفاي قويتان لحمل المشاكل. و اسلوبى معها هو ان ادعها تفعل ما تشاء داخل المنزل, و اقضي اغلب وقتى خارجه. انها لن تؤثر علينا.
ـ علينا؟
قال برقة:
ـ اريد ان اتزوجك باسرع ما يمكن. اريد ان اعتنى بك. و احبك بجنون, إلى آخر رمق في حياتنا.
ـ ضمنى إليك, فأنا محتاجة إليك بكل جوانحى.
و اودعها احضانه التى تفيض حباً و امنا, و آن آنة خافتة, ثم قال:
ـ فلنتزوج الآن. لا استطيع الانتظار اطول من ذلك. غمغمت:
ـ اوهـ يا ايثان.... و لكن.....
وجدت وجهه قد تجهم, و سألها:
ـ لأكن؟
و دب الرعب في قلبها. إنها لم تعهد فيه صلابة كمثل هذه و قالت في تردد:
ـ إننى سعيدة هنا في كارنوك و لا اريد مغادرتها.
و انبسطت اساريره على الفور و قال:
ـ و هذا شعورى ايضاً. إن انابيل يمكنها البقاء بمنزل تريمينز نعيش نحن هنا, و يمكننى انا اواصل رعايتها. و قد تتزوج من صديقتها فهو مناسب لها جداً.
و اخذت روكسي انطابعاً أنه لا يميل إلى صديق اخته, و لكنها لم تشغل بالها بالأمر, فلديها من السعادة ما يكفيها.
همس ايثان لها:
ـ اريد ان تبرئ باسرع ما يمكن, حتى نتمكن من الزواج.
و مضت بما اللحظات حلوة هنيئة يتطارحان الغرام و يبنيان احلام السعادة, و تذكر ايثان ما كان بينهما, فقال:
ـ الم اعدك بأننى لن اهدأ, حتى نشبع ما نحس به من جوع.
و صرخ عقلها بالتذكر, فقد كانت كلماته اشبه بزناد قدح ذاكرتها.
لقد عرفت من هو. و عرفت من هى, فصرخت صرخة يأس, ضد جسدها الذى يصر على خيانتها.
ايثان تريمين, عدوها. ذلك الذى يمزقها بين رغبات الجسد, و رفض العقل ان تستمر في حبه بكب حرارة و حماس و يستمر هو في استغلالها.

الحب العاصفWhere stories live. Discover now