الفصل الثانى

23.3K 915 36
                                    

لم يجد كلامه الصدى المرجو ..

فالغالبية شعروا بالخجل وحاولوا الإنشغال بالرسم والتصميم ..

نظر إليها و كأنه أول مرة يراها، ولكن لم يحدثها .. ثم خرج.

لم تعرف لما تحركت من مكانها وتبعته حتى مكتبه ..

دلفت دون مقدمات وقالت :"إذا قدمت إستقالتي هنا ؛أود أن أصبح شريكة لك في شركتك ."

رد بإبتسامة :"و لكنى لست بحاجة إلى شركاء".

قالت بتصميم شديد وكأنها سيدة أعمال محنكة تجيد المناورة والضغط :" أنا أحتاج إلى أن أضمن عملى .. .ولدى مبلغ من المال وربما أقترض مبلغ آخر .. و أود أن أصبح شريكة لك .. ولو بنسبة بسيطة."

عاد إلى إبتسامته الجذابة وهو يقول :"ليس من الأفضل أن ترى الشركة فى البداية."

قالت بصدق :"أنا أثق بك."

اتسعت إبتسامته الساحرة ..
تلك الإبتسامة المدمرة الآخاذة ..

كان المكان الذى إتخذه كشركة له لا يقل عن الشركة الأولى فى شيء .. فقط ينقصها بعض المعدات والديكورات ..

و وافق على الشراكة ..

كانت نسبة بسيطة ولكنها أشعرتها بأهميتها..

وقدمت إستقالتها و فى خلال أسبوعين بدأت الشركة فى العمل .. فنزلت إعلانات عن طلب سكرتارية وعمال للبوفيه ومهندسين.

ولم يمر الأسبوعين إلا وقد حصلا على مشروعات ليقوموا بها .. أفادهم في ذلك علاقات حسام السابقة التى كونها على مدار السنين .

وعملت هي بجد .. كأنها في تحدى لنفسها لتثبت لنفسها وله أنها تستحق تلك الشراكة وأيضا كتعويض عن نقص الخبرة.

لم تعرف متى وكيف بدأ الدخول إلى حياتها وبيتها ..

كانت البداية فى يوم الجمعة عندما مر على منزلها ليأخذ رسومات مهمة .

يومئذ أصرا والداها عليه أن يبقى ليتناول الغذاء معهم .. و بقى ..

وأثنى على طعام والدتها بل وسحر العائلة بأكملها بدءا من الأم التي أحمر وجهها خجلا وكأنها مراهقة وهو يثنى عليها وكأنه ألقى عليها تعويذة أو الأب الذي لاعبه شطرنج لأكثر من ساعة يتخللها أقاصيص وآراء ..

حتى الأخ الأكبر الجراح المشغول دوما أما بعمله او بخطيبته ،أعجب به وبشخصيته وسرعان ما تآلفا ..

بعد ذلك أصبحت زياراته إلى منزلها أمرا طبيعيا ، و وجوده على مائدة طعامها شيئا مألوفا .
فأضحت تراه كل يوم .. إما بالعمل أو المنزل .

كانت تعرف أنه خفيف الظل ،دمث الأخلاق ؛ولأهلها الحق في الإنبهار به ولكنها شعرت أنه انتهك المنطقة الآمنة لها .

لم تعرف لماذا شعرت بالإحباط وهى تراه كل يوم جمعة موجود فى منزلها وكأنه الابن وهى الغريبة ..

ولم تعد تدهش من تآلفه الكبير مع والديها ؛حيث تسمعه يقول لأمها :"هل أنت متأكدة من عدم رغبتك فى رفع دعوى خلع؟؟ ..أنا موجود .."

فيرد والدها و هو يربت على بطنه و يقول ساخرا: " انس يا عمرو .. هل تتخيل ان هذا الكرش سيتركها لك ؟؟!! ..لقد اعتاد على طهوها الرائع .. لقد جئت متأخرا ثلاثون عاما يا صاح."

فيمط شفتيه فى حسرة :"يا لها من خسارة".

أما أسوأ اللحظات بالنسبة لها هي عندما يكون الحديث عنها بصيغة الغائب وينطلق والديها بالحديث عن ذكرياتها التى غالبا ما تكون مخجلة ..

فهي قد عاشت طفولة صاخبة ..

فقط عليه أن يعطى إشارة البدء لهم لينطلقا فى الحديث عنها دون توقف وغير آبهين لتوسلاتها بأن يتوقفا وأن لا داعى لسرد الفضائح .

ففي مساء الجمعة الماضية ،كان الجميع يضحك علي نكتة سردتها والدتها ،فقال بهدوء :" يصعب علي أن أصدق أن حضرتك أم ندى .. فحضرتك مرحة وخفيفة الظل محبة للضحك وإطلاق النكات بينما ندى في غاية الجدية".

لترد الأم بآستنكار شديد:"جدية !!.. ندى ابنتى جادة ؟؟".

ثم تستطرد موضحة :" لم تكن بعمرها جدية في شيء .. طيلة حياتها شقية جدا ومحبة لصنع المقالب .. هيا .. هيا .. سأجعلك ترى الجدية ."

وأشارت هى له أن يتبعها ليشاهد ألبوم صور ندى ومع كل صورة تسرد نكتة أو مقلبا أو موقفا وبرغم محاولات ندى المتكررة لسحب الالبوم من يد امها أو لايقاف الأم في سردها للقصص ألا أنها لم تتوقف ، وكان شعورها يتأرجح ما بين الغضب والخجل مما يتم سرده..

الطريق الى  قلبك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن