25. إنتحارُ دموعٍ

966 74 262
                                    

" I was too close to let him in, too selfish to let him go "


#Byun Baek Hyun

دقّتِ ساعةُ الجدارِ الطويلةِ دقّتها الأخيرةَ، و كنت على مقدرة من سماع صوتها خلف باب المنزل، إذ جلستُ على العتبةِ لما يقاربُ العشرين دقيقةً لا أفعلُ شيئاً غيرَ الغرق بأفكاري الباهتة. درجة الحرارة كانت في انخفاض مستمرّ، ازرقت أطراف أصابعي و نهاية أنفي، شفتيَّ بلغتا حدّا من الجفاف لم تبلغه من قبل.

نهضتُ أخيرًا أحارب الجاذبية التي تبقيني ملتصقا بالأرضِ، ثم أخرجتُ مفاتيحَ الباب من جيب بنطالي، سرعان ما أسقطتها، فانخفضتُ أحملها مجددا، و حينها أحسست بصداعٍ يحزّمني من بداية جبيني و لغايةِ نهايةِ ملتقى رلأسي بعنقي. ولجت المنزلَِ بهدوءٍ في محاولةٍ فاشلةٍ للتختّلِ و عدمِ إشعارِ أحدٍ بقدومي بهذا الوقتِ المتأخّرِ. لكن، و بمجرّدِ أن نزعتُ حذائي و توجّهتُ إلى المطبخِ لشربِ الماء و تبليلِ حنجرتيِ، لاحَ وجهُ أيرينْ خلفَ بابِ الثلّاجةِ لحظةَ إغلاقي لهُ.

أفزعني ظهورها في الظلامِ!

ابتسامةُ ترقّبٍ كانتْ تزينُ شفتيهَا حينَ ضمتْ يديهَا لبعضهما تلحقني لوسط المطبخ أينَ وضعتُ الكوب فوق الطاولة بعدَ إفراغي لمحتواهُ بجوفي:

-ما الذي كانتْ تفعلهُ بالمطار؟ نبضُ قلبْكَ ..

لم تكنِ تعلمُ بأننّي جدُّ مختنقٍ للخوضْ بحوارٍ، و لم تلاحظْ تداعي بياضِ عينيَّ لحمرةٍ حارقةٍ مؤلمةٍ، إذْ تعمّدتُ تركَ إنارة المكانِ مغلقةً.

-نامَ أبي؟

-لا يزالُ لم يتعوّدْ على الفارقِ الزمنيّ بين فرنسا و كوريا.. أخـ..

-لمَ لستِ بفراشكِ؟

قاطعتهَا قبلَ أن تسألَ عن بالِ صوتي و تقاسيم وجهي الذابلة، عندما لمحت القليلَ منها فور أن غلفتني أشعةُ الإنارةُ القادمةُ من الرواقِ.

-كنتُ سأنامُ لولا قلقي عليكَ، اتصلت بك مرارا لكنَ.. أخي .. صوتُكَ..

-هل نامَ مونغ ريونغ بغرفتكِ؟

تسارعتْ خطواتها لتسدَ الطريقَ أمامي، تحاصرُ أنظاري، و أنا المرهقُ رفعتُ رأسي أستلُّ زفيرا يُنفّسُ عن الحممِ بداخلي.

-بيكهيون ما بكَ؟

إنني منفطرُ الفؤادِ، جريحُ عضلاتهِ ..

-ما الذي حصلَ؟

نزل خطّ نظري إليهَا مجددا، رأتْ ما تأسرهُ عيني خلف بؤبؤيهما، تلكَ الحرارةُ التي مهما اجتهدتُ بإخفائها ستتسربُ خارجاً فاضحةً إيّاي و مشاعري.

ثوانٍ فقط من النظرِ إليها كانت كفيلة لتخار شدة مقاومتي، و أعلن استسلامي.

تزاحمت الدموعُ تملأُ كلّ الفراغِ بينَ ثنايَا جفني مجددا، تحيي بملوحتها المركزة الحرقة التي بتّ أتعود عليهَا إذ لسعتني مراراً و مراراً. و كأنها تغادر كل نسيج من جسمي لتصعدَ قمته و تنتحرَ بإلقاء نفسها خارجا عبر شرفة عينيّ.

لآبرازو ؛ الحُضنُ المفتوحُ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن