البارت -١-

21.5K 251 68
                                    



البارت الاول







وترحل..صرختي تذبل...

في وادي..لا صدى يوصل..ولا باقي أنين....

زمان الصمت....

يا عمرالحزن والشكوى..
يا خطوة ما غدت تقوى....
على الخطوة.........
.
.
على هم السنين........

مع عدم ضمانها من وجود ذيب وعمها خرجت وهي تلف طرحتها السوداء الكبيرة على رأسها ....اغلقت باب غرفتها المشتركه مع ابنتها بعد أن تركتها قائمه تصلي خلفها ...
كان البيت يعمه السكون غريبه العاده عصر أيام رمضان يكون البيت يعج بقاطنيه وحركتهم ...
لكن لابد من انهم منهكين من يوم أمس وضيوفه ...
مرت على غرفة ذيب ومحمد ...
كأنا ينامن بحال يرثى لها ...عدلت من وضعيت استلقائهم ...همست في أذن ذيب ..."ذيب ذيب قوم يامك صلي ....."
رفع رأسه بنعاس ..."صلينا يمه صلينا ...مع أبوي .."
أبتسمت لها .."اجل ارجع نام ...بس بصحيك بعد شوي.."
تشكر ذيب على التربيه اللتي يقوم بها أتجاه هذين اليتيمين الله اعلم لو كان اباهما على قيد الحياة ماللذي سيورثه لهما ..غفر الله لك ياعدي ...
كانت تهم بطرق باب غرفة ماريا عندما فتحته تلك الاخرى مبتسمه ...
‎"ماشاء الله على التوقيت قمت هاه بنزل المطبخ ابدع شوي..."
أبتسمت لها ..وهي تتجه لغرفة مدين ..."اللحين بأجيتس بس بمر على مدين اكيد انها صحيت خلاص.."
فتحت باب الغرفه فاجئها الهدوء والصمت اللذي يعم الغرفه وقد كان فرش السرير كما رتبته والتكييف مغلق ...
وباب الحمام مفتوح وانوارة مطفئه ... ...
نظرت الى خلف الباب لم تكن عبائتها معلقه على الشماعة...
هزت كتفيها بقل حيله ...
لابد ان النوم جافاها ونزلت لغرفة جلسة امي موضي ...
اغلقت باب الغرفه واتجهت الى غرفة جلسة عمتها ...الغريب بأن عمتها تأخذ قيلوله على سجادتها ..
والكنب خالي من أي جسد لربما أتت وقضت وقتها هنا ...
أتجهت الى المدخل لم تجد عبائتها ...
أحست بأن قلبها يكد يقفز من مكانه ...وعضامها استحالت زجاجا هشا..
سندت نفسها على المدخل الخشبي العملاق بصدمه ...
رفعت سماعة الهاتف وطلبت رقمها اللذ تحفظه جيدا ...كان الرد ..."عزيزي المتصل أن الرقم ......."
شددت من قبضتها على جيب ثوبها ...
طلبت رقم حمزة سائقهم الخاص ...وكان نفس الرد ...البارد المرعب ...
كست حدقتيها طبقه لامعه شفافه... لا أراديا ...
وهي تهمس ...بصوت مبحوح .."يارب سلم يارب سلم ..."
علت من صوتها ....مناديه ...منهاره..."ماريا ...ماريا .....سوقياتي ...سوقياتي...."
جلست على الارض بوهن ...
خرجت الخادمه من الصاله المجاورة وهي تحمل منشفه في يدها ..."نأم مدام ..."
نظرت اليها بتفكير ..."سوقياتي روحي غرفه هذا حق حمزة دقي كثير شوفي هوا في...بسرعه ..."
رمت المنشفه من يدها وهي تفتح باب البيت الزجاجي المطعم بالحديد العملاق..."طيب مادم سويه بس...."
أتت من خلفها ماريا مسرعه ....وبنبره هلع .."ايش في ...في رايحه هاذي ..."
لم يطمئنها منظر مضاوي وهي تجلس بصمت الاموات وطرحتها على كتفها...
نزلت الى مستواها ..."مضاوي ايش فيه ....تكلمي..."
تأملت وجه ماريا بخوف وشفتها ترتجف .."مصيبه ياخيتي مصيبه ...."
وأبدتئت تلطم رأسها بكفيها ....
‎"ياربي منين تتحذف علينا ذا البلاوي..."
جلست ماريا هي الاخرى مشاركه اياها انهيارها ...غير متفهمه لما يحصل ...
داهمتهم الخادمه هلعه ..."مادم هدا غورفه كلللو فادي دولاب فادي لبس مافي بس مادم في هدا ..."
رفعت يدها بهاتف السواق ...
عندها نظرت الى الهاتف في يدها بتمعن ...وأبتداء الكون يتلاشى ويسود ...وفقدت الارض اتزانها ....
خرجا للتو من صلاة التراويح ...قطعا طريقهما مشيا الى مكان قد ألفاه كثيرا ففيه يسك أكثر المحببين على قلبهما ....
قطعا اشواط من الرمال ومنظر يكرر نفسه وقد تكرر نظرائه التصاقا به ....
وصلا الى مكان مازالت تربته رطبه ...
فهو لم يطمر الى منذ اسبوع ويومان ...
سكتا مطولا ....
بدا كتمثلان نحاسيه ومن قورن ميلاديه بعيده يقفان ...نادمان ويتشاركان حزنا ضبابيا مشتركا ..
رفع الاول ثوبه و جلس لحقه اخر بنفس الحركه .....
ومن ثم رفعا عينهما في نفس الوقت ونظرا الى نفس الاتجاه ...
تشاركا الصمت بأتقان وكان لهما نفس الالتفاتات المشيه والنظرات ...
وقفا وعادا من حيث أتيا ...
وكل تحدثه نفسه ....يا أرض البقيع كوني لهم اول منازل الجنه ....
توقفت أمامهم سيارة gmc....سوداء ألتفت الى الأخر أومأ برأسه مودعا ...وركبها ...
راقب أبتعاد السيارة ...وتوقفت أمامه سيارة القسم تويوتا fj بشعارها المميز ..
توجه من بداخلها اليه بلهجه حماسيه ..."سيدي ...مهمه عاجله ...الوكر الاخير اللي كنا نراقبه هذا الوقت المناسب للمداهمه...
نظر مطولا الى ملامح الجندي الشاب المتحمسه ذكرته النظرة الحماسيه الممتلئه بفخر اسلامي بنظرة احدهم أفتقده منذ قريب....
وجه اليه الاوامر بحرفيه ..."ترجل ياعسكري انا بسوق......"
رفع جهاز الاتصال بين الوحدات ووجه اوامرة بدقه....
كانت تتربع فوق سجادتها ومازالت برداء الصلاه الابيض وقد اسندت رأسها بتعب على يديها ...
وتفكر للبعيييييد...في غدا ..في الماضي ...في تفكير الناس ..في الحلل...أفكار ذيب وعمها المحتمله تفسيرهم حالتهم الحاليه يبدو بأن التاريخ أعاد نفسه ...بطريقه أبشع ...
دخلت ماريا الصغيره بهدوء للغرفه اغلقت الباب بهدوء وجلست على السرير مقابلها ...همست "عمي شاهر جاء من الرياض توه وصل ..."
تنهدت وقد تهدج صوتها ببكائها ...وضربت على فخذيها بقل حيله ..."ياحسرتي يومين ولاحس ولا خبر ....شاهر وش بيسوي ...ذيب بيقص راسه لا وصلها للشرطه ..."
شددت من اعتناق كفيها وهي تفرغ توترها ..."عمي شاهر فاهم وماره عليه هالامور اكيد بيحلها وبيغطي ...."
خرجت منها أهه طويله وانخرطت في نحيب مكتوم ..."انا ما هامني ولا مكدر خاطري وبموت من حره الا هالضعيفه اللي لها يومين غايبه لاحس ولاخبر ميته حيه مأذيها هالكلب اللي ماخذها ...ياحسرتي يامدين البنت ماتعرف تعتب باب البيت بدون احد مننا ....ياربي سلم ياربي سلم ..."
أخذت نفسا أقوى للذي سوف تطرحه وهي اللتي تحملت توصيله الى امها ..."يمه ...سليمان ...........درى بالسالفه ..."
عندهما سمعت اخر جمله كذبت نفسها وعادتها لمسمعها كي تصدقها ..."سليمان درى .....؟؟"
وتوجهت لأبنتها بنظرة حائرها ...
هززت ماريا رأسها لها بالأيجاب ...
شددت على طرف ردائها بقوه ....وهي تكتم بكائها ..."ياويلي ...ياويلي .....يا حرتي عليتس يامدين....ياويلي..."
توجهت لأمها وهي تحبس دمعاتها كذالك ...وقد حاوطتها بذراعيها ...
‎"يمه الله يخليتس لاتسيرين تسذا انتي بس ادعي وربتس يسهل ..."
شهقت بقوه وهي تشير الى قلبها ..."نار فيذا وانا امتس نار انتي ماتذكرين زمان اول وش صار ....كل شيء ينعاد بس أقوى ...."
كانت تجلس على كرسيها كالمعتاد وقد قابلت به مرأة تسريحتها الكبيرة تقضم اظافرها وتسرح في ملكوت أخر ...
عندما انفتح باب غرفتها ..كان يقف ببذلته العسكريه على الباب ..
وقفت مسرعه وارتمت في حضنه الواسع الرحب لمن يريده ولا يطمع بحنانه على أي مخلوق ...
تعلقت في رقبته بكل قوتها ....
ربت على ظهرها ...وبصوته الاثيري اللذي تعشق.."اذكري الله وانا اخوتس وش ذا ؟؟"
أبتعدت قليلا لتعطي نفسها مساحه كي تتأمله ...مازال بكامل هيبته وضخامه جسده الا ان عينيه تحمل اسرار لا سبر لأغوارها ..
أبتداءت الشعيرات الرماديه تغزي أطراف وجهه ...
وأثار حادث سيارة قديم على طررف شفته السفليه وأخر فوق حاجبه الايسر اللذي يخيل للرأي بأنه يملك زاوية في طرفه....تذكرت كيف كانوا سيفقدونه ...كم تحبه فهو أول من أستقبل وجودها في هذا البيت بعد وفاة جدتها ...
وبعد السلام والاشتياق وطول الغياب ...
همس لها ..."يوم جاني الخبر وانا في الشغل على طول على المطار اشوى لقيت لي رحله ..."
مسحت على صدره العريض ...وهي تتأمل النجوم على كتفيه ...همست له بأبتسامه حزينه "مبروك سيادة النقيب ...."
بادلها الأبتسامه وهو يتنهد ...
ويأخذ نفسا عميقا لما سوف يطرحه ....وبمهنيه تامه اكتست ملامحه وغيرتها جذريا ..."ماريا ...بعيد عن أي علاقات عائليه او خوفك من ابوي او ذيب ....وبما أنك قريبه من مدين ...عمرها حكيت لتس عن شيء عن تورط شخص هددها شخص تخاف منه قولي أي شيء....عشان نوصل لها ..."
تأملت وجهه وقد اكتست ملامحها بحزن عتيق و رمشت بجفنها تمنع دموعها ...وهي تهز رأسها بالنفي..."لااء والله يعني هي كانت علاقتها قليله ويعيني بس كانت تخاف من السواق تقول نظراته ماتعجبني ....كنت اقول لها بلاتس خبله وتخيلين عشان هي خوافه بزياده .."
نظر اليها مطولا ثم أدلى بدلوه ..."يعني تتوقعينه السواق هوا اللي شرد بها ..."
بلعت ريقها وهي تتأمل ملامحه الجديه اللتي باتت تسرق من ملامح ابيها ..."ايه مافي غيره ...."
‎.. نظر الى الفراغ وهز رأسه بالنفي ..."اقلتس سر ذيب لاقي السواق من الفجر ...وتاريه شارد بس ..ولا يدري عن ارضها وين ...وتريه ماكذب علينا يوم مايدري عنها تعرفين ذيب لعن والديه والرجال مصر مايعرف شيء..."
تقوست شفتيها وبانت ملامحها الطفوليه أكثر فه يحتى مع عمرها اللذي يقارب الـ29 ...الا انها مازالت تحتفظ بملامح مراهقه ....
‎"يعني ...."
أحتضن محياها بكفيه ...."يعني الله يستر ...أنا بقولك انه السواق ماله دخل علشان لو في شيء غلط تعلميني ..."

هن لباس لكم /  للكاتبة / مشاعل الحربي / مكتلمة ❤️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن