الفصل الرابع عشر

4.5K 223 73
                                    

بيت الشهباء

أشرقت الشمس في صباح اليوم التالي باهتة نتيجة لتجمع الغيوم الكثيفة في السماء أنه يوم كئيب هذا ما فكرت به الشهباء عندما فتحت النافذة بعد اسيقاظها من النوم وتركها السرير مع أنها تحب هكذا طقس ربما يعود السبب ﻷنها تشعر بالكآبة في اﻷونة اﻷخيرة .
كانت تستند على حافة الشباك وهي واقفة تاركة شعرها اﻷسود الطويل حرا يتﻻعب به النسيم الصباحي المنعش .
سمعت طرقا على الباب فأذنت للطارق بالدخول بعد أن عرفت من طرق الباب و التي كانت ميمونة التي قالت بعد أن دخلت مبتسمة وهي تقترب منها :
- أسعدت صباحا يا حبيبتي .
- ولك ايضا يا أمي . (قالت الشهباء هذا بنبرة حزينة متعبة عندما ألتفتت أليها )
توقفت ميمونة بالقرب منها و أخذت تتطلع الى خارج النافذة الخشبية الى السماء وقالت دون أن تلتفت الى الفتاة الواقفة الى جانبها :
- طقس ينذر بقدوم الشتاء و يبدو أنها ستمطر ﻻحقا هذا اليوم
ثم ألتفتت نحو الشهباء و أردفت :
- أتذكر عندما كنت طفلة وكانت السماء تمطر بغزارة في بغداد كنت تجلسين دون ملل تتطلعيين الى المطر من شباك غرفتك وكأنك تعدين قطرات المطر قطرة قطرة و تنظرين أليها وكنت تقولين في ذلك الوقت أنها ليست قطرات و أنما لألئ ما أن تﻻمس اﻷرض حتى تتحطم .. و بصراحة عندما كنت أفكر في اﻷمر أجد ما قلته في ذلك الوقت منطقيا وفي أحدى المرات رأيتك و أنت واقفة تحت المطر وتبتسمين تاركة المطر ينهمر عليك وأنت مبللة من أعلى رأسك حتى أطراف أصابع قدميك ويومها أصبت بالزكام ألزمك الفراش حوالي اسبوع .
أبتسمت الشهباء وقالت :
- لديك ذاكرة قوية يا أمي ..( ثم قالت بحزن ) ليت تلك اﻷيام تعود ﻷعود من جديد طفلة تلعب في فناء الدار محاطة بالحب من قبل أبيها و من التي ربتها و من البقية ﻻ أحمل هموما بثقل الجبال .
وافقتها ميمونة :
- نعم يا حبيبتي كانت أيام تخللها لحظات جميلة على الرغم من الخوف والموت و الجوع و فقدان اﻷمن و بطش المغول و كل تلك اﻷمور التي كانت تحيط بتلك اﻷيام و أذكر أن والدك رحمه الله كان قد عاد للتو من أحدى رحﻻته التجارية وكان يحمل لك الكثير من الهدايا أﻻ أنك لم تأخذي سوى هدية واحدة لقد كانت تلك اللؤلؤة الكبيرة بالمناسبة أين هي ﻻ أراك ترتدينها في الفترة اﻷخيرة فقد كنت ﻻ تطيقين خلعها ..
تهربت الشهباء من اﻷجابة وقالت :
- أخبريني كيف حال الفتاة الشقراء ؟ هل أفاقت؟
أدركت ميمونة أن الشهباء ﻻ تريد اﻷجابة عن سؤالها فصمتت على ان تستفسر منها عن مصير القﻻدة ﻻحقا فأجابت الفتاة :
- لقد أفاقت قبل قليل وقد جئت ﻷخبرك بهذا اﻷمر ويبدو أنها تشعر بالخوف والريبة وهذا تجلى عندما أخذت تتطلع في وجهي و وجه الخادمة ريحانة ولكنها ما أن رأت ابنها الى جانبها حتى هدأت وخفت ريبتها منا .
ولكن هل تحدثت بشئ ؟
- بلى تحدثت بكﻻم ولغة لم أفهم منهما شئ ؟
هزت الشهباء رأسها بتفهم وقالت :
- حسنا ،سوف أذهب أليها فيما بعد و...
لم تكمل بسبب أنها رأت الوليد وهو يتوجه نحو الباب الخشبي الكبير ويفتحه ويخرج أنه يثيرها ويحيرها هذا الرجل الذي جعلها تبكي وتجافي النوم ، تتبعت ميمونة نظرة الشهباء فشاهدت ما شاهدته الفتاة الواقفة الى جانبها وهزت رأسها بعدم رضاها عن ما تراه عيناها فلو كان اﻷمر بيدها لقامت بأجبار ذلك الحداد على الطﻻق و طرده من هنا و تهديده بعدم العودة الى رؤية الشهباء مرة أخرى و الى اﻷبد ولكن ذلك ليس بيدها وﻻ تملك شيئا في الوقت الحالي سوى أن تراقب فقط ما ستؤول أليه اﻷمور .

التاجرة البغدادية واﻻمير اﻻندلسيTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon