الفصل الخامس

4.5K 253 23
                                    

كان الوليد قد ركب هذه السفينة التي أبحرت من ميناء اﻷمرية الأندلسي قبالة الساحل المقابل لمدينة سبتة في المغرب كان يقف وحيدا على ظهر السفينة يتطلع الى البحر الممتد امامه يفكر ويستعيد ما حدث قبل عدة أيام أبتداءا من مغادرته البشرات مع ذلك المرسل { لقد وصلوا الى غرناطة في اليوم التالي للمغادرة في وقت متأخر من الليل فدخﻻ القصر عن طريق ممر سري لكي ﻻ يشعر بوجوده أحد أخذ الوليد والمرسل يسيران في ذلك الممر المظلم الذي أناره المرسل بمشعل أشعله باﻷحتكاك قبل دخولهما الممر ، وعند نهاية هذا الممر المظلم توقف المرسل وقام بلمس الحائط اﻷيمن للممر فضغط على أحد الأحجار الى الخلف فأنفتح على أثرها الباب ودخﻻ ليجد الوليد نفسه في المكتبة المكان الذي يذكره جيدا والمحبب والمفضل أليه والذي كان يقضي فيه وقتا ليس بالقليل وأخذ بالتجول بين ارجاء المكان وهو يتطلع بالكتب التي رصت بين الرفوف ويقرأ عناوينها وتوقف عند كتاب معين كان اﻷقرب الى نفسه (اﻷغاني ) كتابه المفضل لم يستطع مقاومة ومنع يده من سحب الكتاب من الرف وفتحه وتصفح عدة صفحات منه حتى سمع صوتا يعرفه جيدا جعله يلتفت وراءه قائﻻ :
- أرى أنك لم تتخلص من حبك لهذا الكتاب يا أيها الوليد .
تطلع نحو أبيه ذهل وهو ينظر أليه يالهول لقد كبر في السن كثيرا وبانت التجاعيد على وجهه وأبيضت لحيته .
كان اﻷمير محمد يرتدي قميصا و سروالا من الحرير الأرجواني الفاتح وحزاما من القطيفة باللون اﻷرجواني الغامق وفوقه ارتدى جبة طويلة تصل الى القدم من القطيفة الناعمة باللون اﻷرجواني الغامق مطرزة من اﻷمام وعلى الظهر وعلى أطراف اﻷكمام خيوط ذهبية زخرفة نباتية جميلة مضافة لها جواهر ﻻمعة وعمامة ملتفة بتنسيق من كﻻ القماشين كأنها ظفيرة وعلى العمامة ثبتت جوهرة حمراء بدبوس على العكس من مﻻبس الوليد البسيطة والمكونة من قميص أبيض ضارب الى الصفرة الخفيفة جدا بسبب قدمه من قماش الكتان وسروال بني اللون من الكتان ايضا وفي الوسط كان يضع حزاما جلديا بسيطا مع جزمة جلدية قديمة ولكنها مريحة كان الوليد يلبس هذه الجزمة فوق أطراف السروال السفلية لتريحه اثناء الحركة أو عندما يركب الحصان ، أعاد الوليد الكتاب الى موضعه في المكتبة ولم يجبه بشئ وأكتفى فقط بتقطيبة خفيفة ظهرت على وجهه .
تنهد اﻷمير محمد وعلم أن أبنه لم ينسى ما حدث وربما لم يغفر له الطريقة التي عومل بها قبل 20 وسار نحو مكتبه وجلس على الكرسي خلف مكتبه وقال بجدية لابنه الذي ظل واقفا مكتفا يديه على صدره وتعلو وجهه تقطيبة ممتعضة فهو مهما حدث والده ويجب عليه الطاعة ومن ناحية أخرى هو أمير مملكة غرناطة :
- استدعيتك ﻷنني أريدك أن تذهب الى سبتة .
لقد عرف اﻷمير محمد انه أثار انتباه الوليد من خﻻل تبدل مﻻمح الوليد من اﻷمتعاض الى التساؤل الذي ترجم بسؤال منه لوالده :
- سبتة ؟ لماذا ؟
ألتفت اﻷمير محمد نحو الرجل الذي أرسله الى الوليد وقال :
- اسماعيل أخبره لماذا ارسله الى سبته و بشكل سري .
أجاب الرجل الذي كان يقف مع الوليد بعد أن ألتفت أليه :
- أيها اﻷمير ..منذ عدة أيام تعرض موكب الوزير ابو عبدالله الزاجل الى أعتداء من قبل مجهولين وأصيب هو بجروح بليغة  في ذلك اﻷعتداء و أبيك و أنا نعتقد أنه عمل أحد المقربين من القصر ولكننا لم نعرف من وراءه حتى اﻵن  وخاصة أن هذا الأعتداء حدث بعد أجتماع حدث بين والدك والوزير وقد كلفه والدك بالذهاب الى سبتة ولقاء ابو البراء الفاسي وقد حضر ذلك اﻷجتماع عدة أشخاص والجميع كان يدعم التعاون مع ذلك الرجل فكان من المستغرب حدوث ذلك الأعتداء .
قال الوليد معاتبا اسماعيل :
- أذن كنت تعلم بذلك ،لماذا لم تخبرني عندما كنا في البشرات ؟
تدخل اﻷمير محمد في الحديث قائﻻ :
- أنا الذي طلب من اسماعيل أن ﻻ يخبرك حتى تأتي الى هنا .

التاجرة البغدادية واﻻمير اﻻندلسيWhere stories live. Discover now