الفصل التاسع

4.1K 211 45
                                    


غرناطة - اﻷندلس
بعد أسبوع :

دخلت ميمونة لغرفة الشهباء وهي مستاءة فالخدم الذين أتوا مع التاجرة البغدادية كانوا أثنان فقط وقد رفضا ترك عملهما معها بعد أن أعتقت الشهباء رقاب عدد كبير من العبيد و اﻷماء و فضل هؤﻻء البقاء في سبتة و العمل بها و كانت ميمونة غير راضية على هذا الوضع ولهذا دخلت الى غرفة الشهباء وهي تقول :
- لبنى ، أين أنت ؟
- أنا هنا ، ماذا هناك ؟
جاء صوت الشهباء من خلف حاجز خشبي تقف خلفه لترتدي مﻻبسها وهي تستمع لما تقوله ميمونة :
- البيت الذي استأجرته كبير ويحتاج الى جيش من العاملين لتنظيفه أضافة الى أننا نحتاج رجال يعملون على .....
لم تكمل ميمونة ﻷنها أنتبهت الى ما كانت ترتديه الشهباء التي أكملت ارتداءها لمﻻبسها وخرجت من خلف الستارة الخشبية فقالت لها :
- ما هذا يا لبنى ؟
استغربت الشهباء سؤالها فقالت :
- ماذا ؟
أخذت ميمونة نفسا وقالت :
- ما ترتدينه يا لبنى .
تطلعت الشهباء على ما ترتديه فقد كانت ترتدي زي تنكرها بشهاب الدين ، هزت كتفها بﻻ مباﻻة وقالت وهي تسير نحو المرآة :
- و كأنك لم تريني بهذا الشكل من قبل .
فقالت ميمونة وهي ترى صورة الشهباء تنعكس على المرآة و اﻷخيرة تلملم شعرها اﻷسود وترفعه على شكل ذيل حصان ثم تبرم الذيل وتلفه في مؤخرة رأسها :
- بلى لقد رأيتك من قبل هكذا ولكن هذا منذ فترة طويلة ..منذ أن كنا في بغداد ، فلماذا ترتدين هكذا ؟

أجابت الشهباء وهي ﻻتزال تقف عند المرآة تلف قطعة قماش طويلة حول رأسها على طريقة العمامة العربية :
- سأنزل الى السوق أنا ونصر لنبحث عن التاجر عبد العزيز الرميكي و ﻻ أريد أن ألفت اﻷنظار ألي لكوني امرأة يكفيني ما حدث في سبتة .
- فقط ؟
تطلعت نحو صورة ميمونة المنعكسة في المرآة وقالت :
- الى ماذا تلمحين يا أمي ؟
أجابت ميمونة :
- أتظنينني غبية وعمياء وأني لن ألاحظ تغيرك وشحوب وجهك من الحزن ، وبأني صماء و لن أسمع شهقات بكاءك في كل ليلة منذ أن غادرنا سبتة .
تطلعت ميمونة الى وجه الشهباء المصدوم مما قالته لها فأردفت تقول لها وهي تقترب منها وتديرها نحوها وتضع يدها على خد الشهباء :
- حبيبتي ..ﻻ أحب رؤيتك وأنت تذبلين مثل الوردة التي منعوا عنها الماء لتموت ، أن ذلك يدمي قلبي فينزف ﻷجلك ، فحاولي أن تنسي ذلك الحداد أعلم جيدا سبب اصرارك على المجئ لهنا فأنت صحيح تريدين أرجاع الدين ولكنك تريدين في نفس الوقت رؤيته أليس كذلك.
هزت الشهباء رأسها بالموافقة قائلة :
- أنت تقرأيني مثل الكتاب المفتوح ، ذلك صحيح أريد رؤيته ولكن ليس للذي في بالك بل ﻷطلب منه الطﻻق لكي استطيع العودة الى حياتي السابقة وأشفى من مرض حبه .
ابتسمت ميمونة ولم تملك سوى أن تقول لها
- أذا كان اﻷمر كذلك فﻻ بأس أبحثي عنه و أطلبي منه الطﻻق أذا كان ذلك سيعيد الشهباء لبنى التاجرة الشجاعة و القوية مرة أخرى ؛ اﻵن اكملي تنكرك وأنا سوف أذهب وأكمل عملي مع أنه ﻻ يوجد من يساعدني سوى خادمتان فقط وليكن الله في عوننا ويعيننا في تنظيف هذا البيت .
أبتسمت الشهباء على جملة ميمونة اﻷخيرة بالرغم من الحزن الذي يغلف روحها .
------------------------------------------------------

التاجرة البغدادية واﻻمير اﻻندلسيWhere stories live. Discover now