الفصل الثالث

7.8K 346 24
                                    

بغداد / عام 1312 اي بعد مرور 20 عاما

ﻻزال حكم المغول ﻷرض السواد قائما ينشر الفساد وساءت اﻷحوال من سئ الى أسوء وخاصة مع تولي الحكم سلطان مغولي يدعى خربنده وكان هذا ﻻ يراعي حرمة ﻷحد مطلقا ﻻ كبير وﻻ صغير وﻻ عالم وﻻ شيخ جليل وكان يحب النساء الجميﻻت سواء كن صغيرات ام كبيرات أﻻ وقد أخطفها من أهلها ولهذا فقد حرص عزالدين التاجر على أن يبقي ابنته الوحيدة بعيدة كل البعد عن أعين رجال السلطان المغولي فقد عمد الى حيلة وهي جعل ابنته الشهباء تبدو كأنها فتى و قد نفذ خطته منذ أن كانت الشهباء في العاشرة من عمرها فقد كانت تبدو كصبي فﻻ أحد يشك بأنها فتاة ، وكان عزالدين يأخذها معه في جميع رحﻻته التجارية وتعلمت منه أصول التجارة والتفاوض بين التجار وأصول البيع والشراء والمقايضة و أهم درس تعلمته من والدها التاجر أنه -أي التاجر الناجح- هو ذلك الذي تكون بضاعته من أحسن أنواع البضائع  لكي يعرف كيف يبيعها  وعليه أن يبيعها بسعر معقول بحيث تكون في متناول الجميع هكذا بنى والدها سمعته التجارية التي حاربه من أجلها تجار حاسدون له أﻻ أن سمعته الطيبة و دعاء الناس له هما ما جعﻻه يستمر الى ما قبل فترة وجيزة حيث أشتد به المرض وجعله طريح الفراش وابنته الشهباء هي من قامت بتولي تجارة أبيها و تيسير العمل على أكمل وجه ، وها هي اﻵن واقفة أمام سريره وهي ترتدي مﻻبس الرجال  كانت ترتدي سروال رجالي فوقه قميص يصل الى منتصف جسدها  ثم تحزمت بحزام من القماش كان القميص والسروال من اللون السمائي الفاتح ومن القماش الذي يصنع منه المﻻبس الرجالية في ذلك الوقت أما الحزام  فقد كان من لون مختلف وهو اﻷزرق الغامق  وفوق القميص أرتدت سترة بطول القميص باللون اﻻزرق وعلى رأسها أرتدت العمامة العربية وكانت من اللون السمائي الفاتح وكانت تخفي تحتها شعرها اﻷسود الطويل ولكي تخفي بروز صدرها فقد عمدت ومنذ البداية على أخفاءه بشد قطعة قماش طويلة حول منطقة الصدر بقوة بحيث يصبح مسطحا فﻻ يظهر بروز الثديان كما هو الحال عند بقية النساء فهي بهذه الطريقة تخفي الشهباء ويظهر شهاب الدين ابن عزالدين التاجر البغدادي الذي يعمل بدﻻ من أبيه المريض وكانت عندما تتنكر تقوم بألصاق حواحب ولحية خفيفة مع شارب ولكي تكمل الصورة قامت بألصاق جلدة على خدها اﻷيمن فيبدو وكأنه جرح غائر وتتعمد عدم التبرج لكي ﻻ يكشف أمرها في اي مكان تذهب أليه سواء كان في السوق او في رحﻻتها التجارية التي تقوم بها من حين الى أخر بدل والدها المريض  ،كانت تقف عند سرير والدها المريض وقد أشتد مرضه هذه المرة أكثر من ذي قبل  وكانت تتألم من أجله  فهي لم تعرف أمها بسبب موتها وهي تنجبها فوالدها هو عائلتها الوحيدة بالرغم من أن أباها قد قام بالزواج من امرأة أخرى بعد مولدها بشهرين لتصبح  زوجته تلك حامﻻ وبعد أنقضاء شهور الحمل انجبت المراة صبيا ولكنه ولد ميتا أصيبت الزوجة بالجنون ﻷنها اعتقدت أنها سوف تستولي على أمﻻك زوجها بعد أنجابها للصبي وفي أحدى نوبات الجنون التي اصابتها بأن رمت بنفسها من على سطح القصر نحو اﻷرض مما أدى الى موتها في الحال لم يحزن التاجر على زوجته الثانية ﻷنه كان يعلم بطمعها بأمواله حين اخبرته هي بنفسها بعد جنونها وقرر أن ﻻ يتزوج مرة اخرى وأن يحمي وحيدته من غدر الزمان ويعلمها كل ما يعرف عن التجارة والصفقات التي كان يعقدها مع التجار اﻷخرين حين كان يصطحبها معه في رحﻻته التجارية وعندما كانوا  يسألونه عن الصبي الذي يصطحبه دائما معه أينما ذهب  وﻻ يفارقه  أبدا كان يجيبهم بأن الصبي ابنه شهاب الدين  الذي تبناه ليكون معيﻻ لأخته من بعده وهكذا توالت اﻷيام والسنين وكبرت الشهباء ومعها كبر ايضا شهاب الدين التاجر الوسيم فهما وجهان لعملة واحدة فحينما يظهر شهاب الدين تختفي الشهباء و عندما تظهر الشهباء يختفي شهاب الدين .

التاجرة البغدادية واﻻمير اﻻندلسيWhere stories live. Discover now