دعوة غير مرغوب بها |١|

7.3K 354 168
                                    

عندما نعيش لذاتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود.. أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض.

_______________________

|الحَادّيةُ عَشّر لَيّلاً|

اغلق ذلك المصباح الصغير بجانبه ليعُم الظلام في أنحاء الغرفة التي لا ينيرها سوا ضوء القمر الطفيف المنبعث من النافذة

طبع قبلة رقيقة علي جبين ابنته ثم نهض متجها الي غرفته فهو وبرغم مشاغله الكثيرة وتقصيره مع ابنته الا ان تلك القصة القصيرة ما قبل النوم أصبحت من عاداته هو وابنته كلاهما فهي بمثابة مخدر مؤقت لضميره الذي يؤنبه طوال الوقت بسبب تقصيره مع ابنته الوحيدة التي ماتت والدتها بعد ولادتها لها بعامين

لم يستغرق الكثير من الوقت كي يغط في النوم فمجرد ان ارخي بجسده علي السرير حتي دخل في ثبات عميق..

_____


"لقد مر اسبوع وهو لا يزال علي تلك الحالة يبدو كالجثة الهامدة علي ذلك السرير اللعين معلق بأجهزة وقلبه ينبض ولكني اشك ان هناك روح في هذا الجسد! "

قالها محادثا الطبيب الخاص بحالة صديقه ومن السهولة استلماس السخط في نبرته

"سيد لوي لقد تعرض صديقك لحادث قوي كما تعلم والصدمة التي تلقتها رأسه كانت قوية جدا.. انا اسف لقول هذا ولكن فلتحمد الرب علي وجوده هنا وعلي مقدرة تلك الأجهزة المعلقة بجسده من الرعاية به
فهذه معجزة!"
قالها الطبيب وذهب ليتركه غارقاً في تفكيره..

_____

يسيطر عليها الملل بمجرد تذكر حفل الليلة السنوي الذي يقيمه اباها في منزله كل عام بانتظام وها هو اليوم موعده
زفرت بملل وقررت الذهاب لآخذ حمام بارد لعله ينعشها ولكن اوقفها طرق باب غرفتها وكان من السهولة عليها تمييز الطارق انه والدها ومن غيره!

"لورين عزيزتي.. كما تعلمين اليوم الحفل السنوي الذي اقيمه كالمعتاد.. اعلم ان تلك الأجواء لا تروق لك ولكن اليوم مختلف!
هل لديكِ فكرة من مدعو علي الحفل؟"
قالها لترد متلعثمة
"م من؟"
"سيد لوي توملينسون.. اعتقد انها الفرصة الأكبر لإصلاح ما تحطم والعودة لسابق عهدكم.. عاشقين تحسدهم الأعين ويغار منهم الكل!"
قالها لتشعر بقلبها يكاد ينقلع من مكانه ولكنها حاولت ان تتمالك نفسها لترد بثبات

"أبي!! هل قمت بدعوته؟ انت تعلم جيدا اني لم اعد اكن له بأية مشاعر مثلما يفعل هو نحوي.. لن اجازف حتي بالتجربة في مسامحته لأني سأكون كاذبة معه ومع نفسي.. ما تحطم لن يعود كالسابق.. جرب ان تكسر مرآة ثم تعاود بلصق أشلاءها المنثورة.. هل ستعود كالسابق؟
لن تعود ابي لن تعود! ستبقي الجراح والكسور بها ولكنها فقط تكذب علينا وتدعي القوة والتماسك!"

قالت جملتها بثبات واضح ولكن خوف بداخلها في ذات الوقت فهي تعلم ان اباها لن يقدر موقفها ولن يفهم ذلك الشعور الذي يتغلغل في مسام عقلها منذ رؤيتها لذلك المشهد.. انه شعور "الخيانة"!

تعلم رغبته في ان تتزوج ابنته من رجل ذو شركات عالمية و يمتلك طائرات خاصة وباخرات ويطعمها بملعقة من ذهب! رغبته تلك التي عمته عن شئ يسمي "الحب" الرغبة اعمت عينيه وعقله عن ضرورة تبادل الحب والقبول بين الطرفين لتدوم العلاقة بنظره زواجها من رجل ليس غني بل فاحش الغناء ذو هَيبة وشأن تخشاه الناس وتخاف هيبته

افضل الف مرة من بقائها مع رجل متواضع المكانة من الطبقة المتوسطة فقط لكونها تحبه

"لورين؟ فلتتجهزي لحفل الليلة.. لم ولن اطلب منك التقرب منه لإرضائي.. فقط اعطي لقلبك فرصة التعرف عليه جيدا علّي وعسي ان يغفر قلبك له وتتجدد المشاعر! من يعلم؟"

قالها وخرج من الغرفة لتهمس ساخرة " في احلامك سيد سميث!"

_____

لم البي دعوة هذا الحفل اللعين من اجل الجلوس بين فرق من الجراحين ومشاورة احاديثهم تلك!

قالها لوي في نفسه ساخطا لينهض متجها الي والد لورين

"...اهلا سيد سميث.. هل لورين بخير؟ اعني اعتقدت انها سوف تحضر ذلك الحفل ولكن من الواضح ان ه"

تفاجئ سميث فور سماع نبرته الهادئة بجواره ليلتفت بسرعة مردفا

"اوه اهلا بني.. لم الحظ قدومك.. اعتقد ان لورين بغرفتها بامكانك الذهاب لرؤيتها فأنت لست بغريب"

تعجب لوي من رده ولكنه شعر بالانتصار فقد سُمح له بالذهاب الي غرفتها ورؤيتها..

المسافة بينه وبين غرفة لورين لا تحتاج سوا ثلاث دقائق ولكنهم كانوا بمثابة ثلاثون ساعة لكثرة الافكار التي تدور سالكة طريقها في رأسه.. هل ستسامحني.. هل ستثق بي مجددا..

قاطع شروده سلمة كاد ان يتعثر بها ليستعيد وعيه وليكمل طريقه وها هو واقفا امام باب غرفتها

بدأ بالطرق بخفة ولم يلبث خمس ثوان امام الباب ليأتيه صوتها المنتحب "لا اريد رؤية وجهك.. اتركني وشأني لوي ارجوك..."

_____


"هل قمتي بأخذ انجلك من الحضانة بعد؟"

قالها زين علي الهاتف لتردف المربية علي الخط الاخر متنهدة

"نعم سيدي لقد عادت ولكنها متذمرة علي كل شئ منذ رجوعها, حقيبة طعامها كما هي وترفض الاكل.. قالتها علي الخط الاخر ليرجع زين رأسه الي الخلف متنهدا فهو يعرف جيدا السبب لانها ليست مشكلة انجلك وحدها بل هي مشكلته كذلك وتعد اكبر اسباب الاكتئاب الذي يسيطر عليه

اغلق زين الخط علي الهاتف يفكر بصمت وهو يعرف تماما ما عليه فعله محدثا نفسه بأنه ليس الا "اب سئ!"

________________________


MILOVAT || Z.MWhere stories live. Discover now