الفصل السابع

2.1K 106 16
                                    

2012

منزل الطبيب..الساعة الرابعة و الدقيقة الخامسة عشرة عصراً

طبيبها النفسي "آدم" في نهاية عقده الرابع وهو ذاته من أشرفَ على علاجها ابان نكستها و مع بعض التحسنات التي لاحظتها بنفسها،قررت الإنقطاع عن زيارته وها هي الآن تطرقُ بابه من جديد تنشدُ مساعدته.تمددت على الأريكة كما يفعل كل المرضى فيما جلس قبالتها مستعداً لتدوين كلماتها..رفعت بصرها تنظر للسقف وعبرت عن مشاعرها مع تنهيدات يائسة:

"أحتاج للمساعدة الآن أكثر من أي وقتٍ مضى"

سألها عاقداً حاجببه"لماذا؟..هل طرأت تغييرات جديدة ؟"ِ

"عادَ الماضي يتلبسني والخوف عظُم بداخلي..وأدركتُ السبب وإن كنتُ قد تأخرت"

"وتريدين علاجاً ؟أخبرتكِ أن العلاج بين يديكِ لمَ لاتستمعين لكلامي..

لقد كنتِ بحال أفضل في آخر مرة رأيتكِ فيها..لمَ تسمحين لمخاوفكِ بالاستيلاء عليكِ مجدداً؟"قالها بنبرة تحمل عتاباً وتأنيباً.

"حاولت و لا زلتُ أحاول وفي كلٍ مرةٍ أَنتعِشُ فيها, يظهر أشخاص من الماضي ليعرقلوا صفو حياتي فيتلاشى الأمنُ والسلامُ في داخلي..لأنني مذنبة عصيتُ والداي بكل شئ ..لم ينعما براحة البال بسببي ..آذيتُ صديقتي العزيزة وأتبعتُ شياطيني..كنتُ بلهاء و عقلي صغير لا يحللُ الأمور بعقلانية كنت أهتم بالملذات فقط و لا أراعي تبعات أفعالي..وجب علي الأخذ بنصيحتهم..لا أدري كيف إنخدعتُ به..لقد سيطر علي بالكامل وتلاعبَ بعقلي..كم كرهتُ نفسي حين سخر مني.."

قصة مكررة ألقتها على مسامعه حفظها عن ظهر قلب بإستثناء تلك الرسائل ألتي لا تجد لها تفسيراً رغم إقرارها بواقعيتها وجاءها بتفسير قد يكون منطقياً يبدد مخاوفها:

"أظن أن هذه الرسائل إما أوهام يخلقها عقلك الباطن أو مصدرها شخص يتلاعبُ بك فقد تعددت وسائل التكنولوجيا الحديثة و يحتمل معرفته لطريقة يمحو بها تلك الرسائل وأنا أُرجح الخيار الاول"

كل ماتريده من هذا الطبيب تفسيرات لما تمر به إرشادات ونصائح جديدة وكل ما سمعته نصائح قديمة مكررة جربتها و يأست منها ولو أنها تتأملها بجدية لشفيت تماماً:

"يقال إنّ الخوف هو أعظمُ عدوٍ للإنسان و نحن من جعلناه بهذه العظمة لتفكيرنا المفرط بأشياء نخشى وقوعها فملَّكناه صفة لايستحقها..مم تخافين بالضبط؟"

إرتشفَ رشفة من قهوته و أنتظر إجابتها..فقالت:

"من كل شئ ..من حاضري و مستقبلي ..من المضي قدماً..من الظلام..الماضي هو أعظمُ مخاوفي ..إنه يؤثر علي بشكل غير طبيعي و يعيقني على الإستمرار..يجعلني متشائمة من كل شئ..أخشى الناس..أخشى إقتراف الاخطاء السابقة..أخشى من الفشل من كل شئ"

"مخاوفنا وليدة ماضينا، ولكن معظمها وليدة أوهامنا.نحن نختلقها ونأولها رغم أنها بسيطة.أناس كثر قبلك مروا بتجارب قاسية خرجوا منها وهم شخوص جدد..تناسوا و تعايشوا مع ماضيهم مع حاضرهم و مستقبلهم..لا أقول بأن ما تعرضتي إليه وهم..كلا إنه حقيقة يصعب نسيانها نحن لا يمكننا نسيان ماحصل ببساطة ولكن بإمكاننا التعايش معه على إنه من المسلمات بإعتباره فرصة ذهبية لتصحيح الأخطاء. أنتِ خرجتي من التجربة بسلام و اعترفتي بأخطائك وحان وقت بصقها والدوس عليها لا أن تعظميها.لا أحد يرغب العيش في الماضي سيما وإن كان سيئاً، وكثرة النحيب عليه تدمي القلب وتهلكه"

إرتشف القهوة مجدداً ليبلل بلعومه ثم واصل:

"الأنسان لايُدرك خطأه إلا بعد حين والشجاع فقط من يدركه والأخطاء وجدت لتُصحح لا أن تُكرر ..وأنتِ شجاعة بتقبلكِ لأخطاءك..أقترح عليك تصحيحها الآن والإنطلاق بالحياة آلا تظنين بأن الماضي له جانب مشرق؟"

سألته مستفسرة"وكيف هذا ؟"

"بمنحك فرصة لتصحيح أخطاءك..كيف لنا نقل معاناتنا الماضية لحاضرنا وإعطاءها الصلاحية بتعذيبنا؟ألم تفكري في هذا..كل منا يستحق العيش الرغيد ولن يتحقق إلا عندما نواجه مخاوفنا..بتقبلنا لماضينا بمساوءه وحسناته و عمدنا إلى تصحيح أخطاءنا..سيجنبنا هذا الوقوع في نفس الحفرة..عندها سننعم بالحياة"

إستعدل في جلسته.خلعَ نظارتهُ الطبية ومسح عيناه وأرتداها مجدداً وأردف:

"عندما ينغزك الخوف رديه بسرعة ..أغمضي عيناكِ ورددي..أنا قوية لست خائفة من شئ ..إجعليه شعارك في الحياة..كما عملتكِ من قبل..فكري بالمستقبل وكل الأشياء الجميلة ألتي تحلمين بها ..حينها ستسمحين لعقلك ِالباطن أن يخلق صور إيجابية وظيفتها دحر الصور السلبية النابعة من خوفك..صدقيني ستشعرين بالطمأنينة والزهو بأنكِ تغلبتي على خوفك الموصوف بالأعظم..إختلطي بالناس كوني علاقات معهم وأستمتعي، وأصدقاءك من الماضي لاترديهم بل واجهيهم لأنهم مصدر خوفكِ ..إرتبطي برجل ..كوني عائلة وأنشغلي بالحياة وكل ماتخافينه سيتلاشى أمام إصرارك وقوتك..لا شئ سيقف أمام هذين الإثنين..كرري هذه القواعد البسيطة جداً..وتذكري أنتِ القادرة على جعل حياتك سعيدة وآمنة..أنتِ سيدة حياتك.. وأختاري جيداً هذه المرة "

لا مفر منيWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu