part 12 : لا ينتمي الى هنا

3.2K 206 57
                                    

اسفة على التأخير بس تعرفون دراسة و اختبارات

فتحت الخط رغم ترددها الشديد بسبب تأخر الوقت .. لكن ترددها اختفى بمجرد سماع ذلك الصوت الانثوي المألوف لأذنها ... صوت تعودت فيما مضى ان تسمعه كل يوم لكن لم يكن كسابق عهده بات يحمل في طياته الكثير و الكثير ...

" هل عرفتني ؟؟" قالتها بتردد و خوف من ان تكون قد نستها ... تجمعت الدموع بعيني ليلى وقالت بصوت مرتجف بسبب بكاءها " و كيف لا اعرفك ها ؟؟ " .. بكت كلا الشابتان فقد طال الفراق و لطالما كان فراق الاحباب قاتل يحب قتل ضحاياه ببطء شديد و ألم عظيم ...

" لقد خفت ان تكون السنين سرقتني من ذاكرتك " ابتسمت ليلى وسط دموعها " لا شيء ينسينياكي لا البعد و لا الموت اين كنت طوال هذه الفترة ؟؟" ساد الصمت و المرأة على الجهة الاخرى تحاول ان تمنع نفسها من العيول و النحيب بصوت مرتفع و ذلك الشريط المأساوي يضخ اليها ..

" بعد ان دخل داعش الى الموصل هربنا خوفا على حياتنا و حياة اطفالنا ..  هربنا لعل الموت يضيعنا ... لكن قسوة الحياة لم تضعنا .. ومنذ ذلك الوقت ونحن مهجرون .. منذ ذلك الوقت و نفسي ترفض الاطمئنان و لا تجد للامان عنوان في حياتها "

استمرت ليلى و عزيزتها فاطمة تتكلمان لساعات طويلة ... حكت فاطمة خلالها عن الموت الذي تشبث بكل ما يملك بأفراد المناطق الشمالية .. الموت الذي طوقهم من كل جانب .. من نجا من الذبح عاش جسدا بلا روح من هول ما رأى .. لا شيخ نجا و لا طفل عاش و لا رحموا الشباب ..

و من تهجر عاش و الخوف يسيطر عليه .. عاش و ذكريات ما حدث ترفض مغادرته ... عاش و هو ينعى من فقدهم من احبابه ... عاش وهو ينعى ارضه المغتصبى من وحوش البشر ...

حكت فاطمة كيف ان زوجها اخذها و غادر ارضه .. غادر محلى انتمائه كيحافظ على حياته و حياة عائلته .. نزحوا بأتجاه الجنوب .. و سكنوا هناك ... اخبرتها كيف ان الناس اعانوهم .. اخبرتها كيف وفروا لهم المأكل والمشرب لكن رغم ذلك يبقى النزوح بعيدا عن انتمائك مولما ...

اما ليلى فقد حكت لها عن احمد ... و الاخرى طارت فرحا كيف ان عزيزتها قررت ان تبدء من جديد

ليلى نامت تلك الليلة و السعادة تتملكها ففاطمة اخبرتها انها ستعود للبصرة مع زوجها و اطفالها ..

ستعود الى حيث تنتمي فكما حضنتها البصرة سابقا ستحضنها الان فلا شيء احلى من تراب ارضك ...

في ظهيرة اليوم الثاني توجه عبد الله مع صديقه الى ذلك المنزل لعله يجد عملا يكد به على نفسه وعائلته .. توجه وهو يدعوا ربه برجاء خالص من قلبه المتعب ان يمر كل شيء على خير ..

وصلا لذلك المنزل الفخم الكبير .. منزل يدل من بناءه على ترف مالكيه .. وقف مع صديقه امام الباب طرقاه و انتظرا الاجابة .. توقفت سيارة امام المنزل لتترجل منها شابة لم تتعدى 24 من عمرها .. شابة مظهرها يدل على رصانتها تقدمت اليهم و قالت  " أيمكنني ان اخدمكم بشيء " اخبرها صديق عبد الله عن سبب قدومهم و تبين انها احد ساكني المنزل دخلت و بعدها بدقائق جاء شاب اخر و طلب منهم الدخول و يبدو انه اخوها ...

من أي جنس أنت يا امرأة ؟؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن