أين جرأتي؟

85 5 5
                                    

        ما إن أخبرني خالد أنه لن يقتلني حتى شعرتُ بفرحة عارمة ، وأحسست أنني بوزن الريشة فلم يعد لجاذبية الأرض تأثير علي، وبدأت أقفز لاإراديا. لم أتكبد عناء سؤاله عما ينويه أو عما يحصل حتى. ربما لأنني كنت متحمسة للغاية أو ربما لأنني خائفة من إجابته. إبتسم خالد وخرج من المكان دون أي كلمة، ثم رجع بحقيبة كبيرة كانت في السيارة.

-خالد:"حسنا، يكاد يحل الظلام وأنا لا أملك الكثير من الوقت، ستجدين داخل هذه الحقيبة ملاءات ومصباح إضاءة وأكل معلب، ستفي بالغرض إلى غاية الصباح. أعلم أنه لا يجب أن أتركك لوحدك ولكن من الخطير أن ألفت الأنظار. أراك غدا"

- أنا: " مهلا لحظة، هل ستتركني لوحدي ؟"

- " أجل، أعلم أن هذا غريب ولكن عن قريب سأشرح لك كل شيء. فقط اصبري لليلة واحدة. آه نسيت أن أخبرك لقد تركت لك سكينا مع الطعام، إستعمليها أن احتجت لذلك لا أحد يعلم ما قد يحصل."

بصراحة لم أفهم أي شيء يقوله منذ أن فتح فمه ولكنني أومأت برأسي موافقة. وما إن رأى ذلك حتى غادر. وهكذا بقيت لوحدي أراقب ضوء النهارالذي ينسحب شيئا فشيئا، لتتقدم الظلال الباردة محلها، أخذت المصباح الليلي وبدأت أتفحص المكان. لقد بقي على نفس الحال الذي تركته عليها منذ قرابة ثلاثة أشهر، لذا لم يكن بمقدوري تناسي التفكير بذكرياتي القديمة، فالزاوية المجاورة للباب كانت تذكرني بطعني لمجد، وأمام الباب نفسه أخبرني أحدهم أنني شخص ساذج، آآه وتحت الأريكة الرثة الصندوق الذي جعلني أشكك في كل ما صدقته. أجل.. تهافتت الذكريات الواحدة تلو الأخرى، وللحظة فكرت.. أنا في ذلك الوقت حاربت بشراسة، ورغم خوفي إلا أنني لم أستسلم، حتى أنني طعنت شخصا بمسمار!

ما الذي حصل لي ؟ هل سأستسلم بهذه السهولة؟ هل سأترك حياتي قيد قرار من مجرم ؟

والأهم، أمل الجريئة أين ذهبت؟

أنا متأكدة أنها لازالت في أعماقي تصارع للظهور..

ربما القدر جلبني هنا فقط لأتذكر مدى قوتي، يجب على أمل القديمة أن ترجع .

هذه الأفكار جعلت من جسمي يتحمس لا إراديا، وبلمح البصر فتحت الحقيبة التي تركها، وضعت الملاءات أرضا ثم أخذت الطعام المعلب لألتهمه كله بشراهة وأنا أفكر في حل نهائي لكل هذه المشاكل إلى أن غلبني النعاس واستسلمت إلى النوم..

***

تسللت أشعة الشمس بين ألواح الكوخ الخشبي لترسم خطوطا ذهبية على وجهي، سمعت ضجيجا في الكوخ لذا أدرت وجهي نحو مصدر الصوت. لقد كان خالد منغمسا في تفقد الأدلة الموجودة في الصندوق. يبدو أنه يلاحظها لأول مرة. مددت يدي على مهل لآخذ السكين الذي تركه لي. خبئته وراء ظهري ثم وقفت من الفراش الذي صنعته من بقايا الأريكة الرثة والملاءات. حينها أدرك إستيقاظي ولكن ذلك لم يشغله عما كان يفعله.

- " هل نمتي جيدًا؟"، قالها دون أن يستدير لينظر لي

- " أجل"

- " لابد أنك كنت جائعة فقد تناولت الطعام كله." قالها بصوت منخفض

- " بالفعل، لقد كنت جائـ..ـعـ..ـة "

* تلعثمت  نتيجة صدمة ملاحظتي للمسدس الذي معه.*

أقتربت منه بهدوء مستغلة إنشغاله الغريب بذلك الصندوق وبلمح البصر أخذت المسدس ووجهته نحوه، وقف خالد بسرعة متفاجئا وسألني بإرتباك:" ما الذي يحصل ؟  "

- "  لقد قلتها من قبل: ما يجب أن يحصل"

-" كفاك هذيانا هيا أنزلي المسدس"

-" لا لن أفعل، لقد قلت أنك لن تقتلني، إذن ما الذي جعلك تحضر هذا المسدس؟ "

- " اسمعي أنا .."

- " لا أنت إسمع، لن أخضع لك بعد الآن لقد أدركت أنني قوية. حسنا أعترف أنني تأخرت، تماما كما تأخرت بتصديق ذاك الصندوق ولكنني سأفعل كل جهدي لأعوض تأخري "

- " ماذا تعنين، ألهذا كنت تحيكين الأشياء من وراء ظهري؟ بسبب هذا الصندوق؟"

- " أنا من تحيك الأشياء من وراء ظهرك ؟! أتعلم متى رأيت ذلك الصندوق ؟  الشيء الوحيد الذي أخفيته عنك هو أنه في يوم الحادثة ذلك الشاب لم يرمني على حافة الطريق بل إختطفتني، وأحضرني إلى هذا المكان وحتى بعد أن أروني الصندوق لم أصدقهم وحاولت الهرب ولحسن حظي نجحت، لأتفاجأ بمحاولة قتلك لي."

- " مـ..ماذا؟ " قالها باستغراب..

- " أجل، لقد كنت واثقة بك لدرجة أنهم لم يستطيعوا إقناعي، إلى أن وجدتك ملقيا على الارض بمسدس في يدك لو لم يكن عادل لكنت في عداد الموتى."

- "أنا..."

- " فقط اصمت وأعطني المفاتيح "

-" هل ستهربين ؟ وماذا عن عائلتك "

- " لقد تراجعت. أفضل الموت على أن أبقى مدينة بحياتي لأشخاص هجروني. لقد أخبرتك مسبقا، أنا الآن قوية." قلتها وأنا آخذ المفاتيح

-" مهلا، أمل أنت لا تفهمين.."

كان هذا آخر ما قاله لكنني لم أهتم .بدل ذلك، ركضت بإتجاه الباب لأركب السيارة وأغادر..

يا لسخرية القدر، بفضل دروس السياقة التي علمني هو بنفسه إياها، إستطعت الهرب منه. لقد أصبحت خبيرة في الهرب..

والآن، حان وقت حسم هذه القصة التي أخذت بالفعل وقتا طويلا من حياتي.


=======

سلااااام، كيفكم 

أتمنى يكون البارت عجبكم، في رأيكم : 

ما الذي ستفعله أمل الآن؟

وهل سيمسك بها خالد ؟

ماذا عن البقية ما الذي فعلوه في غيابها ؟ 

سلامWhere stories live. Discover now