الفصل الثامن ( السماء متلبذة بالغيوم )

ابدأ من البداية
                                    

لكن شعورا في نفسه لم يطاوعه بالبقاء والتفكير مطولا ، شعور يقول اما أن تذهب إليه الآن واما فلا

فانطلق راكضا تاركا المكان الذي سيأتي يوم لن ينساه فيه ولو اراد ....

_______

هناك في القرية ، كان الجنرال يتوسط الساحة محاطا برجال القرية ومعهم بدر ، بينما تعتلي وجوه اتباع الشيخ الغضب لعدم حضور فريدريك

لكنهم عجزوا عن الاعتراض ، فالمطالب بهم في هذا الاجتماع هم رجل من كل بيت وليس كلهم

كيف سيبررون اختفاء الشيك الملكي المخبأ بالحقيبة المصممة لتنوب عن حقيبته الحقيقية

أخيرا قرروا الصاق التهمة بشخص واحد ، دون أن يعلموا أنها كانت خطته منذ البداية ....

نعم بدر نفسه

________

عاد فريدريك للمنزل ، ليجد فارسا أنيقا يقف قربه ، والمكان خال كأن لم يكن فيه احد قط

- اذا أنت من بقي ...

- من تكون انت ، ما الذي تفعله هن_

لكن جملته قطعت بلكمة افقدته وعيه ، واقتادوه إلى العربة

- إلى أين ؟ ... لا أحد يعلم

______

في القرية ، قبض جنود الجنرال على بدر الذي وجدوا عنده الشيك ، الذي ارتضى ابقاءه عنده ليشغل الجنود وتهرب اسرته بامان ، وهموا بضربه بهمجية وتعذيبه تحت أنظار الجميع الغير مصدقة ....

لحظات وخطر على بال الجنرال أمر ، فطلب إحضار أسرته كلها ، مرت فترة وعاد الجنود وهم يقسمون بانه لا يوجد أحد

اهتاج غضب الجنرال وشرع وحده في تعذيب من لا حول ولا قوة له في نظرهم ، لكن هدوؤه هذا كان لأجل البقية الذين يثق انهم سيفقدون عقولهم لمخططه ، واخيرا .... أمر باعدامه بالمساء

_____

استيقظ فريدريك في غرفة فخمة بعد أيام ، تجول قليلا ففتح الستائر ليجد نفسه في قصر فخم ....

خرج مسرعا إثر تذكره للحادث ، فاتحا الغرف بعشوائية ليجد الجميع مجتمعين في غرفة واحدة بملامح متجمدة ، يتوسطهم شاب بهي الحلة ملأت الدموع عيناه

- ساحرص على رعايتكم هنا في قصري من الآن بعد إقامة جنازة لائقة له ، لم أتخيل أن افقده في ظروف كهذه ، كان أنبل من عرفت ....

- لا أستطيع تصديقك ، لن أصدق حتى ارى جثمان أخي بعيني !
قالها وائل بصوت مخنوق خائر القوى ، ليصرخ فريدريك

- من تقصد ، مهلا ماالذي حصل ؟؟؟؟؟؟

اجابه الفتى الغريب

- أرى انك صديق أخي بدر ، أنا صديق له  لكني لم أكن اهلا لصداقته حتى ، أدعى ماكسميليان الثاني

- الأمير ؟؟ لكن ... مهلا ماذا تعنون ؟ ماذا حل ببدر ، أين هو ؟؟

- في الحقيقة ....

أخبره الأمير بالذي حصل ، والذي كلما واصل السرد اكثر ، صعق لسماعه فريدريك اكثر

اخبرهم عن اكتشاف بدر لمخطط الشيخ والجنرال واتهامهم له ، رغم ذلك كان اسرع منهم وتواصل مع احد الفرسان الذين يعرفهم أملا بإيصال رسالة للأمير ، لكنه لم يكن متواجدا ، فاضطر للتحرك وحيدا وحرص على تهريب أفراد الأسرة بينما هو بقي اسيرا عندهم لتوفير الوقت
لكن مع اكتشاف الأمير للأمر ووصوله للقرية ، كان الكرسي قد أُسقِط عن ساقيه وانتهت آخر تخبطاته ، ليصعق بساقيه اللتان تتدليان في الهواء من حبل المشنقة .... 

_____

في تلك الغرفة الأشبه بساحة ، وقفت مريم قرب جسد أخيها الذي تم تغسيله قبل لحظات وهو مستلق على ذلك الفراش ليروه مرة اخيرة قبل تكفينه والدموع قد جفت من عينيها ، مدت يدها تتفحص جبينه البارد وتقبله ، مناظرة رقبته الزرقاء والمهشمة .....

تم الدفن ،ولم يتخط أحد هذه الفاجعة الغير متوقعة

//////////////////////

مرت سنتان

كان الجو كئيبا عندهم تماما ، قمر كانت ترقد على فراشها بعدما ساءت صحتها مؤخرا ، ويجلس قربها من لطالما أحبها لما تحمله من خصال أخيها وصديقه الذي خسره

كان فريدريك ، الذي صار جنرالا بالجيش ، يجلس قرب النائمة ويقول

- تفككنا لرحيله وانفض شملنا ، وا أسفاه على حالنا ، قمر لا تتركيني انت كذلك ، يكفيني فقدا ....

ظل يكمل كلامه بنفس الوتيرة ،  دون أن يعلم عن الواقفين قرب العتبة ، سلوى ووائل يستمعون بملامح فارغة دون كلام بينهما ...

وفي حال كحالهم أو ربما أسوء ، كانت بثوبها الأسود وشعرها المنساب ، تجلس قرب القبر بصمت ، وكأنها عكس جميع من يدركون انه لن يعود مهما حدثته ، لكنهم يتحدثون رغم ذلك ، ظلت صامتة

لم تصدق كيف رحل دون وداع حتى ، صباحا كان يلاعبها ليعود جسدا لا روح فيه ....

______

في مكان آخر

كانت تلك الفتاة تلعب وتركض في الأرجاء ، بينما تطل بخضراوتيها إلى من يتظاهران بأنه والدها ، لكنه لم يكن إلا مُعتِقَها من سلاسل العبودية ، وواعدها باعادتها لمنزلها

كان كذلك يسير خلفها بخطى متثاقلة ازعجتها ، حتى همت إليه

- لما تسير هكذا ... اسرع يا_

لتقترب ملتقطة جسده الذي هوى ساقطا أرضا وتأثير الصدمة اجتاح دواخلها،  ألم يعدها قبل فترة أنه شفي ولن يمرض ويتركها أبدا

تمنت تلك اللحظة أن ينهض لتعاتبه

لكن هيهات ذلك على من كان يتأوه بعجز

فليست كل الأماني تتحقق ، وليست كل النهايات سعيدة

يتبع ~

صوت المطر ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن