الفصل الثاني ( إنقشاع السحب )

6 2 0
                                    

~ من منظور بدر ~

أنا لم أكن أصلي ...
ربما كنت مسلما ومؤمنا لكني لا أصلي
لقد ترسخ في بالي أمر لا أدري كيف صدقته وعشته لسنوات
" ماذا فعل إسلامهم ، حرمهم منازلهم وأسرهم ، وحرمني أنا أيضا كل شيء "
لا أعلم بأي حق لي صدقت هذا الهراء الذي نشأت عليه في الكتيبة ، تربيت بالكتيبة منذ الثامنة والظاهر أن أفكارها غزتني ، كان الجميع شباب ، ولم يكن اي منا يصلي ولا يقرأ القرآن ، رغم أننا ندرك حقيقة الأمر وأن أعداءنا أعداء لديننا قبل بلدنا لكننا لم نملك دافعا ولا رادعا
والآن أنا أعاقب ، كل ما عشته لم يكن كفارة لفعلتي ، بيدي حطمت هذه الأسرة ، عدت لأرى كل ما رأيت ! أنا حقا لا أستحق الرحمة ولا هؤلاء الأطفال يستحقون اخا فاشلا مثلي ، ليتكم ولدتم لأسر افضل !

ظل بدر يفكر هكذا في قرارة نفسه ، بينما قتل آخر جندي تحت أنظار إخوته وابنة خالته التي لم تحتمل واستفرغت منهارة
انتهت حفلة الدماء التي اقامها بدر على شرف الجنود ، لكن قواه خارت ، ما عاد جسده يحتمل ، لكن لابد من الهرب فالقرية لا زالت كلها جنودا
وقف بدر ماسحا الدماء عن جبهته بكم قميصه مقتربا من قمر التي حملها واعطاها مهدئا كان يحمله ، ثم توجه بها للبقية

- سنغادر ، لكن أين أمي ؟ لم أرها !

صمت الجميع مطأطئين رؤوسهم ، رمقهم بدر بشك وعدم فهم ظاهري رغم إدراكه من كلام الجندي أن أمه توفيت فإذ به يضع قمر أرضا وينهض مقتربا من سلوى

- سلوى ... لما لا تردين أرجوك ، لا تقولي لي ما في بالي أرجوك ما عدت أقوى على كل الصدمات التي تنهال علي

نظرت إليه مريم بعدم فهم ، لتقول ببراءة مطلقة

- أخي الا تعلم أن ماما ماتت ؟

تجمد الدم في عروقه للكلمة ، رغم انه ادرك الحقيقة منذ البداية لم يحتمل ، اصفر وجهه كمن سحبت روحه للخبر ، سرى ارتجاف شديد وبرودة في جسده جعلانه يحتضن نفسه بخوف ، تعالى لهاثه الذي افزع إخوته ، لحظات و انهار بدر باكيا بلا حول ولا قوة دفع إخوته إلى البكاء معه بعجز

- أمي ... أنا لم أرك يا أمي لما رحلتي هكذا يا أمي؟؟

دقائق غادر وعيه الزمان والمكان ، ذكريات أمه القليلة اجتاحت مخيلته ، لكن ذلك لم يمنعه من الوقوف ، مسح دموعه ثم حمل قمر إضافة إلى مريم وأمسك بوائل وسلوى

- هيا لنسرع خطانا للذهاب من هنا ( قالها بدر بحزم )

- هل أنت بخير بدر ،أظنك تحتاح للراحة بع_ ( قالتها سلوى بقلق )

ابتسم بدر لها برفض ثم انطلق الخمسة من وراء المنزل عبر الأزقة الضيقة وصولا إلى حدود القرية ، تسلق بدر السور حاملا قمر ومريم ووضعهما خلفه ثم عاد حاملا وائل بيد و سلوى على ظهره متسلقا بيده الأخرى وساقيه ، نزلت سلوى ساهمة الوجه فقد امتلأت تنورتها بدماء ابن خالتها

صوت المطر ( مكتملة )Hikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin