حُبُكٌ يَهْوَى الصِّر. || قصة إسلامية.

عِـشـاءُ انـتِـكاسَـة.

توالَت من بعدِها الأيامُ، وأنا كمن كانَ غريقاً في البَحرِ يحلُم أمسى على حبلِ نجاةٍ لم يطمَح له. 

أيامي الفوضوية كانَت تُرتَب بمُجرد وُلوجي للمسجِد، استنشاقُ رائِحَتهُ العَطِرة، حتى مُبرِد الهواء هُناك كانَ يعمَلُ عمل هواء الشاطئ في ليلةٍ قَمرية.

ذكرَت أروى الشيءُ والأشياء عن فلسـ.ـطين،
وقد كانَ هذا ماضِياً في حوالي الخَمس سَنوات، إني الآن أذكُر حديثُها وأُتابِع  ما يُطرَح عليّ في وسائِل التواصُل، أستذكُر وأحوقِل.. 

لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله
صدقَت في قولِها.. إن الله هوَ العدل.
نحنُ نعبُدُ الله على حَرفِ كسَل وفي بُيوتُنا آمِنين
وهُم يجاهِدونَ حَرباً في سبيلِه، لأجلِ وطَن وعقيدة، يتناوَلونَ الأَمريّن، شَربَةُ ماء وخَبَرُ فَقد، لا يَنزِلُ القَصف بالهولِ على قلوبهِم كما نظُن.. لقد اختارَهم الله من بيننِا أجمَع لأنهم يرونَ ما لا نرَى، يرونَ ما لا أذُنٌ سَمِعَت وما لم يخطُر على بالِ بشَر، ينالونَ الجنة مُطمئنينَ مُستبشرين، وهم يستحقونُها.. اللهم انصُرهم وتقبَّل موتاهُم. 

يومُها، وبعدَ حديثٌ كهذا يقشعِر لهُ البدن ويُراجِع كلٌ ذاتُه معَ الله.. خرجتُ قبلَ هُدى، كانت لاتزالُ هي تُسمع وِردُها الجميع يسيرُ على مِنهَجُ جزء عمَّ لكنها سبقتنا بِكثير .. هي الآن في الجزءُ السادِسُ والعِشرون، وأنا في الجزء التاسِع والعِشرون فبعدَ رؤية هُدى بهذا النشاط والحيوية في الحِفظ قررتُ أن أحفظُ كذلك ما تيسَر. 

انتظرتُها على عتباتِ الباب تتراوَح أنظاري بينَ قادِم وراحِل، أستنشِقُ نَسيمُ البَحر، إنهُ قريب، خلفَ المسجدِ يقبَع، وإني أطمَعُ في الذهاب.

خرجَت هُدى مُبتسِمة قبلَ أن تبرَحُ خُطاي راحِلة فبادَلتُها بهدوء، أحمَدُ الله أني لم أُنفِّذ الفِكرَةُ الخائِنة التي تبادرَت ذِهني، أمسكَت يداي وسِرنا معاً ناحِيَةُ بَيتي، في طريقُنا مررنا بأحدهم استوقَفني مرآه، كان يَقِفُ قُربَ منزلي، هززتُها من فوري وهمستُ في أُذنِها 

" هُدى! مِش دا الي ساعِدنا أول يوم رمضان؟ هو! هو، صح؟ " 

" أيوا أيوا هو، مستغربة ليه كدا؟ "

" لا معرفش، بس حسيت مش هشوفُه تاني " 

ضَحِكت فجأة، ابتسمتُ بتوتُر وبادَلتُها الضَحِك الذي لا أعلَم على ماذا بدَر، صمتت ناظِرَةٌ لي قائِلة

" تعرفي إنه ابن شيخ الجامع الي بيأذن الجُمعه والظهر والعصر والفجر وبيصلي بينا العِشاء وأول ركعتان تراويح. "