حُبُكٌ يَهْوَى الصِّر. || قصة إسلامية.

ظُـهـرُ بُشـرَة.

السَلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاته
مرحَباً مُجدداً !

معكُم خَديجَة، وهذهِ حِكايَتي،
حِكايَةٌ كأيٍ مِن غيرِها،
خُذ خَيرُها واترُك سَلبُها.
ومن حيثُ نبدأ،
 مِن حيثُ البداية،
من سنوات مضَت ... 

أنا خَديجَة، فتاةُ الريفُ المِصريّ وعَروسُ النيل
أنا الطالِبة الأَزهرية التي خَتمت القُرآنُ الكَريم على مشارِف السنة الثالِثة منَ الإعدادِية، وتفلَّتَ الكريم.

حسبَ مَنهَجُ الأزهَر القَديم، المُلطَخ بِدماءِ القَسوةِ والجُنون لأن حِفظُ الثلاثين جزء بسُورهِ وآياتهِ وأحزابِه وأنتَ في الرابِعة عشَر صعبٌ ليسَ بِيسر.. هذا ما قالَهُ الجَمعُ الغَفير حينَ تُسِربَت المعلومات وهذا ما مررتُ أنا به خِلال رِحلتي التَعليمية وصِدقاً لم أرهُ شَقاء بل رأيتُني منَ النُخبة ويَعِزُّ عليّ الآن كلما تذكرت، أنهُ تفلَت. 

الصَفوة مِن سابِقينا الكِرام، الذي كانَ شُغلهُم الشاغلُ حِفظه فيُخلَد على الصُدور ويُتشرَف به منذُ سِن العاشِرة، أنَعيبُ أزهَرُنا الكَريمُ الآن على ما فعَل؟ إرثُ الخَير الكريمُ الأوحَد المُتبقي من أسلافُنا ! 

لم تكُن مِصرُ ماءُ نيلٍ فقَط،
كانَت مِصرُ نهرٌ يسري عِلماً منبَعهُ الأزهَر. 
عجباً، ألم تقرؤا التاريخ!

نعودُ لموضوع حِوارُنا، مررتُ بمرحلتين فقط من الثانَوية، ثُم لَزِمتُ المنزِل، لا عُذر ولا أسباب مَرَضِيّة قد كانَت مَشيئَةُ عائلتي ونُفذَت وللصراحَة لم أرى كذلك فارِقاً، فَنخيلُ الريف يَشهَد أني وإن أكملتُ تعليمي لم أكُن سأفلَح. 

لمَ؟ لأني لم أملِك حُلماً، هِواية، خُططٌ للمُستَقبل. 
كنتُ أنوي التخطيط " للمُستقبل " بعدَ الثانوية العامة لكنهم اختَصروا عليّ الرِحلة وأنا أدركتُ أننا لَسنا بِحاجة لشهادة تَعليمية مُوثَّقة كي أحظى بعمل أو حياة، الفِكرَةُ فقط كانت تكمُن في المال! 

" دُنيا ! ماذا تفعلين؟ انزلي عنِ الطاولة " 

لقد نزلَت، حسنا، أينَ كُنا؟
 آه نعم، يُرافِقُني حالياً رقمُ الخَمسَةُ والعِشرون، أي ثمانِ سنوات منذُ تركتُ التعليم، ماذا أفعَل؟ 

كُل اللاشيء الذي قد تتخيلُ، أنا أفعلُه. 

صحيح، ودُنيا.. دُنيا هي أُختي الصُغَرى الذي أقومُ على رِعايَتها مذ وُلِدَت وهي الآن في الخامِسة.. وهي نَسيبَةُ قُرودُ الشمبانزي ومُهرجي نيويورك.