الجزء الثاني عشر

32 4 0
                                    

                      

في الوقت الحاضر:

حينَ يعيشُ الإنسان شعور الفقدان بشكل متكرر يُصاب بالخدر ..

يصبح مجوّف من الدّاخل تماماً ..ومهما ضربته الحياة أكثر يضع وجهه البارد أمامها ويمضي

هل هذا ما أعيشه الآن ؟ فقدتُ الحُب والعائلة حتّى الأصدقاء ابتعدتُ عنهم بنفسي

نهضتُ بتعب ... لقد مرّت ثلاث أيّام منذُ خروجي من المنزل وكُل ما أفعله هو النوم

لكنني تيقنت الآن أنّ وسيلة الهرب هذه لا تنفع ..

لا زال الثقل المتربع بداخلي موجوداً ..

غسلتُ وجهي ورفعتُ شعري .. نظرتُ لي .. ولحقل السواد تحت عيناي

أخفيته .. وأخفيتُ كُل معالم الحُزن من وجهي ..أضعُ قناعاً يقيني النّاس وأحكامهم المُسبقة

أنظرُ لنفسي في المرآة وأردد "ستكونين بخير ..سيمضي "

أمسكتُ حرف المغسلة بقوّة .. أنا أعلمُ تماماً أنّه لن يمضي ولكن أحاولُ إقناع نفسي بالعكس

خرجتُ من المنزل أتوّجه للمكان الّذي وعدتُ عمر أن نلتقي به

حينَ ذهبتُ للمقهى نظرتُ الطاولة الّتي يجلسُ عليها ،

أُمّي ؟ هل أتت معه؟

ارتجف قلبي بحنين، اشتقتُ لها

ركضتُ للطاولة حيثُ يجلسون وَ يا الهي وجهها البشوش مُتعب وحزين ..أكرهُ هذا ..أكرهُ أن أراها حزينة لأنّ ذلكَ يضاعف حزني فقط !

حينَ رأتني اغرورقت عيناها بالدّموع ثمّ تقدّمت منّي واحتضنتني بشدّة

ألمي هذا الحارق للأكباد شعرتُ به يضمر ويضمحل حينَ احتضنتها

جلستُ بجانبها وهي تمسك كلتا يداي ،

"لمَ فعلتم بي هذا يا صغيرتي "

أنا آسفة يا أُمي لأنّكِ مُجبرة أن تقفي في المنتصف ..

ولكن فكرة أنّها لم تستغني عنّي وأتت من أجلي ملأت داخلي بشعور الأمان،

أنا الّتي اعتدتُ الخوف ..

" شوق يا صغيرتي ،

عودي معي إلى المنزل

والدك نادم جدّاً

ميرال تستمر بالبُكاء وتخبره أنّها المذنبة وأنّه أخطأ بحقّك

منزلنا كئيب وحزين بدونك

وأنا اشتقتُ لكِ كثيراً ،

تعالي كي نصلح الأمور بينكما"

أبي ندم بعدَ فوات الأوان،

لأنّني سأذكرُ هذا الموقف طوالَ عمري

سرابٌ أم يقين ؟Where stories live. Discover now