«٧-طريق مسدود»

227 37 55
                                    

السير نحو الطريق المظلم، نحو مستقبل مجهول، كل خطوة تأخذها ليس لها طريق الرجوع، اهو أمر
شديد خطورة تماماً كألقاء نفسك في محيط وانت لا تعرف السباحة.

تحركت السيارات تبتعد عن أراضي الوطن و تتجه نحو الحدود، كان الأمر شديد الخطورة، البعض متوتر، و الاخر متحمس لا يفقه عواقب الأمر برمته

السيارات تسير في منحدرات و طريق غير ممهد مما أصابهم بالتخطب و الإرهاق أكثر من ثلاثة ساعات حتى يستطيعوا تجاوز الحدود فقط، الأمر خطير، و لو تم الإمساك بهم سيتم زجهم في السجن، و تتحطم طموحاتهم و أحلامهم من قبل أن تبدأ

وقفت السيارات مرة أخرى دون أن يفهم أحد شئ ليقول لهم صاحب السيارة
"المفروض كنا نعدي الحدود باليل، و عشان التأخير دة هنغطيكم بحاجات و كراتين عشان الموضوع ميبقاش واضح أوى"

سأل عبد الرحمن بتفكير
"ازاى هنعدي الحدود!! مش في جنود على الحدود!"

سؤاله كانت لحظة إستيعاب متأخرة، لأنه لم يسأل نفسه هذا السؤال من قبل، بل الآن أدرك في أى ورطة ألقى بنفسه

ليجيب الرجل بسخرية
"إحنا اكيد مش بنعدي من بوابات الحدود، في حته معينه بنعدي منها، و بتبقي متفقين مع الحراس على النحيتين، دي مش أول مره حد يهاجر يا أستاذ"

نظرت له نسيم بسخرية من سؤاله، كأنه ترك كل شئ و علق على هذا الأمر فقط
هي مصدومة كلياً من فكرة أن عبدالرحمن هنا و معها، ما الذى حدث ليجبر شخص مثله صاحب أموال و ممتلكات و ذو مكانة من أن يهرب بهذا الشكل، لما لجأ لهذه الطريقة الأمر محير بالنسبة لها، فبكل كوابيسها لم يخطر لها أن تراه هو بالذات هنا!!

بينما هو يفكر بنفس الشئ ما الذى يفعله هنا، هو عبد الرحمن عرفات الذى يشيب له الرجال، يركب سيارة و متخفي مثل اللصوص ليهرب للخارج، حتى يبتعد عن بطش والده ؟ لما وصلت حياته لهذا المسار الغير مرغوب و المهين؟!

تنفس باهي بأعين دامعة بعد أن علم أن الطريق لم يعد به عودة، و أنه رحل دون توديع عائلته الشئ الوحيد الذى يحارب الجميع لأجله
قلبه يشوبه الحرقة وهو يتمنى أن يعود ليعتذر عما بدر منه، على عصيانه لأول مره لوالده، على تركهم بهذه الحالة وهو يعلم الآن أن قلبهم يتأكل من القلق، الغضب أعماه، لكن همومه و نغص كرامته تمنعه من الإعتراف بهذا

بعد ساعتين من العناء و كأنك تمشي على طريق من جمر، استطاعوا بعد عناء أن يجتازوا الحدود تحت انفاس منقطعة برهبة، و العرق على الجبين يوضح صعوبه الأمر و مشقته.

أعتقدوا أن كل مُر سيمر، لكنهم لا يعلمون أن الأسوأ لم يأتي بعد!!

غاصت السيارة في الصحراء تقطع الرمال و حرارة الشمس الملتهبه تضعف من قوتهم و تصيبهم بالخمول و الدار كأن شمس الصحراء كألسنه اللهب المشتعلة

قارب الموتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن