«الحلقة الثانية»

404 51 61
                                    

حلقاتنا متواصلة و أقدارنا مكتوبة منذ البداية

أستمع لأصوات متباعدة لا استشف منها شئ كلها أصوات مبهمة، وألم رهيب يحتل رأسى لا استطيع تحمله، أريد الصراخ بمن يمسك المطرقة و يطرقها فى رأسى أن يكف على هذه الفعلة المؤلمة

بعد عناء أستطاع أن يميز أصوات بكاء و نواح تأتى مشوشة كأنها نحله تدور برأسه، لكنه لا يستطيع تحريك أى شئ به، يشعر بجبال فوق جفتيه فلا يستطيع أن يفتحهم، ماذا حدث!!
ما هذه الآلام المبرحة! عقلة الذى يصرخ بألم لايستطيع تكوين صورة واضحة عن ما حدث، هل هو ميت أم ماذا!

أن تشعر بأشخاص حولك و تسمع أصواتهم لكنك عاجز عن أن تخرج أى كلمة من فمك أو تحريك إصبعك أو حتى فتح عينك وكانك جسد بلا روح، أو انسجة عقلك فارقت باقى جسدك لذلك لا تستطيع تحريكه، شعور العجز عن الصراخ من الألم أنه لم يجرب شعور أقسى من هذا.
و مازال السؤال يراوده
ماذا حدث!!

أقتربت والدته وهى تبكى ليتحدث والده بجزع
"طمنى يابنى"

"هيكون كويس بإذن الله متقلقوش هو هيخش العمليات دلوقتى، الأشعة اللى طلعت وضحت أن الجزء الشمال من الجمجمة متكسر و محتاج يخش العمليات فى أسرع وقت، محتاج موافقة منك يا حاج على العملية"

تحدث والده بهلع وهو يسمع الطبيب يقول أن فلذه كبده أصبح برأس مهشم جملة لا يستطيع استيعابها ولو مرت عليه عقود
"يعنى إى! باهى هيبقى هيبقى كويس! العملية دى خطيرة!"

نكس الطبيب رأسه لحظات رغم عمله فى هذه المهنه لسنوات طويلة إلا أن إبلاغ أهل المريض بشئ كهذا هو أقسى شئ يواجهه

"صدقنى يا حاج ربنا قادر على كل شئ وهو اللى فى أيده يشفى إبنك، إحنا هنعمل اللى علينا و الباقى على ربنا، العملية صعبة و للاسف مش هتبقى عملية واحدة، لكن هنعمل اللى نقدر عليه دلوقتى، الحادثة كانت صعبه و كمان الموتوسيكل نزل فوق دماغة بعد ما وقع عليها، فأرجوا منك تمضى على الموافقة حالاً عشان نبدأ العملية"

وضعت زوجه باهى يدها على فمها تمنع شهقاتها من الخروج بينما اجهشت والدته فى البكاء و الخوف ينهش قلبها بمخالبه دون رحمة
جلس والده على إحدى الكراسى بضعف وهو يناجى ربه

كانت عائلة باهى فى حال يثرى فقط بضعه ساعات انقلب حالهم رأس على عقب، خبر وقوع حادث مروع على الطريق و ابنهم إحدى أطرافه كان بمسابه الفزعة التى انتشرت بينهم ركض الجميع بهلع إلى المستشفى و الخوف يأكلهم كوحش ضارى
فيجلس والديه و زوجته و شقيقته الصغرى و قرع قلوبهم يعلوا فوق أصوات الجميع، فمن بالداخل هو باهى الغالى.

أما فى الطابق الأسفل كان عبد الرحمن مسطح على الفراش و قد لف الشاش رأسه رغم إصابته بالكثير من الخدوش لكنها ليست بالخطيرة
جلس والده أمامه وقد شعر بالخذى من إجباره على السفر رغم إرهاقة لكنه لم يظهر هذا وقد غلف الجمود وجهه لم يتحدث سوى
"حمد لله على السلامة ياينى، قدر الله وماشاء فعل"

قارب الموتWhere stories live. Discover now