14-صد / رد.. "مبروك" جـ1

ابدأ من البداية
                                    

كلماتها ولو كانت نبرتها لطيفة، أو مليئة بالاهتمام إلا أنها كانت بطريقة ما تُحمِّله مسؤولية أشياء كثيرة، أشياء هو لا يعرفها حتى، أغمض عينيه وتنهد بصدر متحسر حرج، وبأعين محتقنة يحارب ألا تفلت زمام الدموع الآن أمامها فتكلم بغيظ:
كانت متضايقة وانا عارف اني غلطان واتأسفت وشرحتلها كل صغيرة قبل الكبيرة...حكيت كل حاجة... انا اترجيتها عشان تسمع.. انا كان فاضلي شوية وابوس رجليها... قولتلها اني بحبها... قولتلها اني بحب تراب رجليها.... قولت كل اللى جوايا.... ومصدقتش حرف من كلامي... لا ولازم أثبت إني بحبها.... فعشان اثبت إني بحبها لازم أطلقها....

جسده ينتفض وكلماته التى كان يصرخ بها كانت تتدحرج من أعلى الدرج عنده حتى أسفله إليها كحجر قاسٍ، توسعت عيون ڤيڤيان بذهول ونبست:
يعني إيه؟  يعنى إيه لو بتحبها تطلقها! إيه الكلام ده؟

أغمض عيونه قهرًا ثم انخفض يجلس على الدرجة التي وقف عليها محلك سر وكأن ساقاه لا يقويان على الحمل، وضع رأسه بين كفيه و نطق بيأس بصوت منخفض:
بتغير من اللى فى بطنها يا أمي... مقسمة الحب والجواز على اتنين... يا أحبها يا أحبهم..
رفع وجهه بتعبير بائس وكمش صدره ونبس:.
وأنا بحبها وبحبهم...ده مش كلام عاقلين أبداً...يعنى أنا عشان أثبت إني بحبها لازم أطلقها؟.. طب اديني طلقتها... إيه العمل دلوقتي؟

التجمت كلمات أمه فسكت هو وتنهد ثم استقام وصعد باقي الدرجات حتى الطابق العلوي تاركًا أمه تحت تأثير الصدمة، تتساءل بحق هل هي طلبت هذا بعقل أم هرمونات حملها أخذتها فى جولة أفعوانية وتركتها تنزل على أنفها تسف التراب سفًّا!

أما هو فقد أكمل زحفه المنهِك حتى دخل غرفة نومه، فتح الباب ومع هبّة هواء الغرفة الأولى على وجهه احتضنته رائحة عطرها وغمرته، فرغمًا عنه سكنت عيونه على الفراش فوق جهة نومها الفارغة والتاع على التياعه.

فالتفت يجاهد قلبه المحترق حتى لا يوسّع جرحه أكثر واستدار لتتوقف عيناه على ملابسها التي كانت ترتديها آخر مرة قبل أن تغادر المنزل قبل أسبوع وبضعة أيام، هرعت أقدامه لكنزتها فرفعها بدون وعي ليستنشق عبيرها وكأنه مدمن على رائحتها، دفن وجهه بالثوب الطري فوجد بضع شعرات عالقة فيه أخذهم ولفها حول إصبعه مع خاتم زواجه وعيونه المحتقنة تتأمل كل شيء يخصها وكل شيء يحتاجه بها.

لم يبدّل ملابسه ولم يهتم بأي شيء سوى تفاصيلها المتناثرة حوله وكنزتها التي احتضنها في صدره، أغمض عيونه وتأوه بضعف وعندها تسللت دموع القهر أخيراً فأحكم قبضته على ملابسها متنهدًا ثم ارتمى على السرير ونام ليلته بعد صراع طويل مع التقلب والتقلب والتقلب بين الأغطية والوسائد.

أما رقية؛ فهذا شأن حنظل آخر وليلة مريرة أخرى تقضيها، كانت متألمة وظنت أن هناك مخرج قالت كلماتها بانفعال وألم ولم تحسبها بشكل منطقي!  لأول مرة تخون المنطق والمنطق يخونها! تترك وحدها فى هوة سوداء بلا قرار.

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن