الفصل السادس والستون "مناورة الأشقاء"

ابدأ من البداية
                                    

والسؤال هنا ما الذي انكشف؟

حاولت التفكير في تصرفاتها في الفترة الأخيرة، تُراجع خطواتها خطوة تلو الأخرى بسرعة البرق، لكنها لم تستطع أن تضع يدها حيث موقع الخطأ في أفعالها، فقررت أن تلجأ إلى عذر الجهل بما كان أخيها يتحدث عنه، لعلها تكتشف من خلال محادثته التالية ما يعنيه بهذه الكلمات، فأخذت نفسًا طويلًا وعميقًا لتهدئة عقلها من تلك الأفكار المتصارعة وقلبها حيث كان يتواثب بسرعة جنونية، قلبها الذي لم ينبض بهذه السرعة عندما تلقت هدية جميلة من رؤوس بشرية وأحشاء ودماء، قلبها الذي لم يخاف من أي شيء منذ سن العاشرة بعد تلك الليلة المشؤومة.. اليوم كان يرتعش قلبها خوفًا داخل ضلوعها مما قد يكون أكتشفه مارك..

كل تلك الأفكار لم تستغرق سوى بضع ثوانٍ، قبل أن تلعق شفتيها، وتتحدث بنبرة هادئة ورزانة مدروسة: مارك، ما الذي تتحدث عنه؟ ما الذي لم أخبرك به؟

لقد طرحت السؤال بنبرة كان من الواضح بها أنها لا تفهم ما يحدث، رغم أنها تفهم ما يحدث، لكن هكذا كانت فانيا نيكولاييف.. حتى في نبرة صوتها يمكنها الكذب!

لكن عندما طرحت ذلك السؤال الذي ينم عن جهلها، ساد الصمت على الجانب الآخر من المكالمة، حيث كان مارك الذي لم ينطق بكلمة أخرى، مما جعلها تنظر إلى المحيط من حولها في محاولة لنسج كذبة جديدة تكون حاضرة عندما يخبرها بما يرمي إليه بحديثه هذا.

و بتنهيدة عالية اخترقت أذنيها من صمت المكالمة، جاءها صوت مارك العميق: أنتي تعرفين ما أتحدث عنه، فاينا.

ورغم نبرة صوته الهادئة، إلا أنها كانت تحمل وراءها معنى ما، وهو معنى لم تستطع أن تضع يدها عليه لتفهمه، بل ربما لم تستطع فهم معنى سؤاله أو ما الذي قد يكون اكتشفه، لكنها كانت تعرف بالضبط ما كان يفعله مارك في تلك اللحظة.. لقد كان يحاول إقناعها بقول شيء ما.. لكن ماذا لو قالت شيئًا ثم اكتشف أنه يقصد شيئاً آخر؟ فهل ستكشف بنفسها أحد أسرارها عن طريق الخطأ في تلك المكالمة؟ هل ستقع في شرك حيل أخيها؟! تلك الألاعيب التي كانت تحيكها بداخل وخارج قاعات المحكمة من أجل تحقيق أهدافها. . فلو وقعت في ذلك الفخ الواهي اليوم لما استحقت أن تكون في منصبها اليوم كمحامية قبل أن تكون امرأة في المافيا!!

لكن مارك لا يعرف عنها كل هذا وتحديدًا ارتباطها بعالم المافيا.. لذلك لا تحتاج إلى التفاخر بذكائها وفطنتها أثناء حديثها مع شقيقها الذي يتهمها بشكل غامض بشيء غير واضح.. كل ما عليها فعله هو أن تستمر في التظاهر بالجهل وعدم الفهم حتى يتحدث هو عما اكتشفه، ومن ثم ستفكر فيما يمكن أن تقوله له.

"عذرا مارك، ولكنني لا أعرف حقًا ما الذي تتحدث عنه" أجبته بهدوء شديد قبل أن تواصل بنبرة ممزوجة ببعض القلق المقصود في كلماتها التالية: هل يمكنك أن تخبرني ما الأمر؟ فلقد بدأ يُخالجني التوتر.. هل حدث شيء ما لوالدينا؟

عودة  فايناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن