2

14 2 1
                                    

انطلق بحركة سريعة وسلسة نحوي. أمسكني بيده ووضعني على كتفيه، كانت قوته مدهشة، ولكن ماذا يمكن أن يفعل فتى في العاشرة من عمره أمام هذا العملاق المتغطرس؟ صرختُ بكل قوتي، ولكن يا للأسف، لم أجد أي استجابة. في ذلك الوقت، لفت انتباه العاملة وهي مستلقية مكتفت الايادي، وسط بقعة من الدم وصوت الأنين يتجاوز الحدود غرفته. انهمكتُ في البكاء الهستيري وصوتُ صراخي ارتفع، ولكنه لم يبد أي اهتمام، بل استمر في تجاهلي كما لو أنني غير موجودة تمامًا. وبعد هذه المقومة التي انهكت قوة بأكمله وصلنا عند بوابة المنزل.

سيارة رباعية الدفع تقف امام المنزل يبدو ان شخص ما يجلس بداخله لم استطع التدقيق في ملامح وجه فقد كان متلثما هو الاخر.

قام العملاق المتغطرس بفتح الباب الخلفي لسيارة ودفعني بكل عنف وقام بوضع شماغ على عينين , لم استطع الرد على هذا التصرف فقد بدأت اعراض ازمة الربو تبرز علي .

ثم سمعت صوت إغلاق الباب بقوة، وانطلقت السيارة بسرعةٍ هائلة. ثم طرح النحيل سؤاله الذي لاحظت انه يتحدث بصوتٍ منخفض يتناسب مع جسمه النحيل " ذا البزر هو الي شاغلنا فيه يا فيصل؟"

رد عليه العملاق " يا حمار ... اسكت ".

لم اهتم كثيرا بالحوار الذي دار بينهما بسبب تزايد أزمة الربو بسبب ريحة الدخان التي تكتسح السيارات حينه و لم استطيع توقف عن السعال مما أربك

فيصل طرح السؤال " عندك ربو ؟ "

لم استطع على الكلام حينه فاكتفيت بالتأكيد، وقد وجه فيصل الكلام الى الرجل النحيل وهو في حالة من الارتباك يمكن ملحضته من خلال نبرته " عندك بخاخ ربو؟ "

رد عليه وهو في حالة من القلق " لا...لا...في صيدلية قريب منا ... على بعد ثلاث دقائق "

رد فيصل بعد تفكير لمدة قصير "رح .. بس انتبه.. (ثم أضاف الى كلامه ب) أدفع كاش ".

******

بعد فترة ليست قصيرة لقطة أذناي صوت الباب سيارة ينفتح فعلمت انه الرجل النحيف قد عاد. ثم انطلقت السيارة من جديد ،قام فيصل بإعطائي بخاخ الربو وساعدين في استعماله لكن دون نزع تلك القطعة من الثوب عن أعيوني.

وقفت السيارة في الصحراء الشاسعة، ونزل كل من الرجل النحيل وفيصل منها. كنت قادرًا على سماع الحوار الذي دار بينهما من نافذة السيارة. ترقبت بفضول لمعرفة ما سيحدث بعد ذلك.

بدأ الرجل النحيل بالتحدث بصوت هادئ ومتردد، وبدا وكأنه يشعر بالضيق والارتباك " ترى الولد مصاب بالربو و مارح يتحمل الوضع هناك ... الجو كله غبار وانت تدخن طول اليوم  سأل فيصل " وش ,,,, ؟"

رد الرجل النحيل وهو في حالة من قلق و الخوف من ردت فعل فيصل " انصحك ترده للبيت اهله "

تحرك فيصل بطريقة عصبية وعنيفة، حيث بدأ يميل قليلاً إلى الأمام ويرتجف قليلاً. ثم قبض عنق الرجل النحيل حتى التسلق جسمه فالسيارة و شرارات الغضب تتطاير من عيناهُ " لا ... تعيد هذا الكلام أحسن لك " .

أدرك الرجل النحيل بأن الامر أكبر مما يعتقد " فك... فك فيصل .... ترى كنت امزح معك (وهو يختنق وعيناه تدمعا) ... ليش عصبت كذا؟"

افلت فيصل عنق الرجل النحيل وتوجه مباشرة نحو باب السيارات فتح الباب و حملني و وضعني ارضا و نزع عن وجهي الشماغ لكي استطيع النظر لوله اعتقدت اني قد فقدت نظري حتى بدأت أرى ارض صحراوية شاسعة كان الرجل النحيل لزال يجلس بجوار السيارة و هو يمسك بعنقه.

"فارس... اعطيني الكـ..." لم يتمكن فيصل من استكمال كلامه حتى قاطعته السؤال الذي طرحته قائلًا : "من وين تعرف اسمي؟" رد الرجل بسرعة قائلاً: "سمعت أختك تناديك .... " وعلى الرغم من أن نبرة صوته كشفت عن كذبه، إلا أن الرجل النحيل رد علي بصوت منخفض قائلاً: "يعرف عنك ما لا تعرفه عن نفسك."

على الفور، توجه فيصل نحو شنطة السيارة واستخرج حقيبة ظهر مصنوعة من الجلد. وخد بيدي ثم ذهبا في اتجاه الشرق لم نكمل بعد الخطوات حتى سمعنا صوت السيارة مسرعة تنصرف من خلفنا وتترك وره عاصفة من الرمال. قام فيصل حينه بنزع الشماغ الذي كان يتلثم به .

ظهرت لمحة واضحة للحية كثيفة وممتلئة. تمتد اللحية على مساحة واسعة من الوجه، تغطي الذقن والفك السفلي بالكامل. ثم قام بتلثيم بشماغ لتفادي العاصفة الرملية التي خلقته السيارة ومسك بيد لأكمل ارحل التي أجهل هدفه.

أثر الظلامWhere stories live. Discover now